انتهاك في اليوم

04:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبيد
إحصائية مخيفة كشف عنها أحد المراكز الحقوقية في اليمن حول الانتهاكات المرتكبة بحق الإعلام والصحفيين على مدى العام الماضي، إذ رصدت مؤسسة "حرية للحقوق والحريات والتطوير الإعلامي" 359 حالة انتهاك تعرض لها صحفيون وإعلاميون ووسائل إعلامية مختلفة في البلاد خلال 365 يوماً هو عدد أيام عام 2014 .
معدل عالٍ يبلغ تقريباً حالة انتهاك يومياً بحق الصحافة، ويشي بأن كثيراً من الأطراف المشتبكة في المشهد اليمني لا تأبه لأي من مبادئ حريات وحقوق الإعلام، وحق الناس في الحصول على المعلومة، بل تتجاوز ذلك إلى الإقدام على ارتكاب اعتداءات ضد الصحفيين ومؤسساتهم، تتجاوز منع التغطية الإخبارية إلى الاعتداء الجسدي .
المؤسسة صنفت حالات الاعتداء في 11 نوعاً، وكشفت أن عدد الجهات التي تقف وراءها يبلغ 8 جهات فقط، تأتي في مقدمها الجماعات المسلحة، وأوضحت أن الانتهاكات زادت وتفاقمت خلال عام 2014 من حيث العدد والنوع والمخاطر مقارنة بالعام الذي سبقه، مؤكدة أن حرية الصحافة في اليمن "تواجه خطراً محدقاً" في الوقت الراهن، ومشيرة إلى أن الانتهاكات زادت بشكل سريع مع وصول مسلحي جماعة الحوثي (أنصار الله) إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي .
ولئن ردت المؤسسة الحقوقية أسباب هذه الانتهاكات المتصاعدة إلى الصراع السياسي، الذي أسفر في كثير من الأحيان عن هجمات على قنوات فضائية، أو التحريض ضدها واتهامها، فإن ذلك لا يبرر ولا يمنح حجة للمتصارعين على النفوذ، خصوصاً الميليشيات المسلحة، لاستهداف منابر الإعلام، وفرسان الكلمة، ولا يمنح الحق لها في تحويلهم إلى أهداف مشروعة على قائمة أهدافها السياسية والميدانية .
قد يحاجج أحدهم بأن حريات أسمى من حرية الإعلام تتعرض لانتهاكات ممنهجة من قبيل الحق في الحياة وحقوق الإنسان بشكل عام، لكن ذلك لا يمنع من تأكيد أن التركيز على انتهاك حرية الإعلام ليس إلا بوابة للدفاع عن مختلف الحقوق والحريات الإنسانية المكفولة في الشرائع والقوانين الدولية منها والمحلية .
فالإعلام بالدرجة الأولى وسيلة من وسائل حفظ وصون الحقوق والحريات، ومستوى الحرية التي يتمتع بها يؤشر إلى المستوى العام للحريات والحقوق، وهو أداة لنشر الحقائق وتحفيز الإيجابيات ومحاربة السلبيات، وسلاح مشروع في وجه من يعيثون إفساداً، ومن يسعون إلى القتل والتعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية، على أسس عنصرية أو دينية أو مذهبية، وهو الوسيلة التي إذا ما أحسن استخدامها، لجمع الشمل والحفاظ على النسيج المجتمعي، وتشكيل الآراء والتوجهات .
لتلك الأسباب، وغيرها كثير، يأتي الاهتمام بالإعلام وحريته، ليكون خط دفاع أول صلباً وحقيقياً، أمام محاولات الظلاميين والإرهابيين، وضد سطوة الميليشيا وتهديدها باختطاف الإرادة الشعبية في أي دولة كانت، وليس اليمن الغارق في صراعات السياسة والميدان، والمهدد بالكثير من أشباح الإرهاب والتفتيت والانقسام على الذات، وغيرها .
انتهاك كل يوم، يعني في المقابل أن الإعلام ناجح في عمله ومؤثر، ويقضّ مضاجع كثيرين من أصحاب الأجندات والمخططات الخفية، ومن الساعين إلى ضرب الشعوب واستقرارها وسيادتها لمصلحة مشاريع خارجية، أو خدمة للمتربصين بأمن الشعوب وبناها المجتمعية، وموروثها الثقافي والحضاري، المنتظرين فرصة أو فجوة أو نقطة ضعف للنفاذ منها، وسيبقى الإعلام الشريف حاملاً راية الحقيقة ومنحازاً إلى الحقوق، مهما حاول هؤلاء إسكاته .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"