في دائرة التزوير

03:45 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبيد
الاحتلال "الإسرائيلي" يضع المسجد الأقصى المبارك مجدداً في دائرة الاستهداف القائم على التزوير والتدليس، ساعياً إلى إلحاق المسجد ومحيطه بالمؤسسة الصهيونية التي لم تدخر جهداً منذ بدايات الاحتلال في وضع مخططات تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي لمدينة القدس، وغيرها من مدن فلسطين التاريخية .
لكن الهجمة على القدس كانت وما زالت الأشرس والأشد حدة، ذلك أن الحركة الصهيوينة بنت أسسها على قاعدة الدعاية التلمودية المكذوبة القائمة على مزاعم دينية وتاريخية لا تجد ما يثبتها، أو أي أساس يدعمها، ووضعت القدس في بؤرة الاستهداف الذي أخذ أشكالاً كثيرة، بدءاً من محاولات تزوير تاريخها، مروراً بالحفريات التي تهدد أسس المسجد الأقصى، بحثاً عن كشف تاريخي مزعوم، وانتهاء بالمحاولة الأخيرة لتسجيل المسجد في "الطابو" كملكية تابعة لحكومة الاحتلال .
أي مخطط مريض معادٍ للإنسانية والحق هذا الذي يستهدف المسجد وما يشكله من قيمة دينية وروحية للفلسطينيين والعرب والمسلمين؟ وأي وسيلة ممكنة أو متاحة لمواجهة هذا السيل العارم من محاولات شطب القضية الفلسطينية، وتغيير هوية القدس العربية الإسلامية؟ وإلى أين ستصل هذه الهجمة في المستقبل المنظور؟
أسئلة كثيرة يثيرها هذا التسارع غير المسبوق للأحداث، وهذه المحاولات الهادفة إلى استكمال مشروع الاحتلال الأبرز، القائم على شطب تاريخ فلسطين المحتلة، وتحويل القدس التي تشكل ملتقى لأرواح المؤمنين من مختلف الديانات السماوية، إلى "ملكية" لكيان الاحتلال والضم والقتل، بما يسمح له بإنشاء "تاريخ جديد" للمدينة، قائم على المزاعم والأكاذيب، وإقامة كنس يهودية على أجزاء منه تمهيداً لبناء الهيكل المزعوم .
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين، حذر من محاولات النيل من تبعية المسجد التي تخص المسلمين، وأكد أن هذه المخططات تأتي في سياق العدوان المتواصل الذي تمارسه سلطات الاحتلال ومتطرفوها، من أجل بسط السيطرة عليه وفرض سياسة التقسيم الزماني والمكاني فيه، أما مؤسسة "الأقصى للوقف والتراث"، فكشفت أن المخطط يهدف إلى التهيئة لوضع مخطط أكثر تفصيلاً لإقامة كنس يهودية على أجزاء من المسجد، وقالت إن جمعية "يشاي" ذكرت أنها تطمح بأن يصادق وزير القضاء في حكومة الاحتلال المنتظرة، على مخطط التسجيل الذي يفسح لهم الطريق لوضع مخططات تفصيلية لبناء كنس على بعض أجزائه، وادعت الجمعية الصهيونية أن ساحة البراق كاملة سجلت عام 1996 في "الطابو" .
القدس تعود مجدداً لتصدر العناوين وتطورات الأحداث، رغم التصاعد غير المسبوق للأزمات في العالم، وتكالب التهديدات التي تحاول النيل من وجود دول ومصائر شعوب بأسرها، ولعل الاحتلال وأذرعه وأدواته يدركون هذا الواقع، ولذلك يرفعون مستوى التهديد، ويوغلون في تطبيق مخططات موضوعة سلفاً غارقين في وهم أنهم قادرون على تنفيذها من دون أدنى مواجهة .
فليبقوا على وهمهم، وليستمروا في عدوانهم الهمجي، لكنهم لن ينجحوا في تطبيق ما يحيكون من مؤامرات التزوير والتدليس، ولن يجدوا وسيلة لإنجاحها، وسيصطدمون بقوة الحق القائمة على الحقيقة التاريخية غير القابلة للشطب من ذاكرة الشعوب، وبإصرار الفلسطيني على انتزاع حقوقه غير القابلة للتصرف أو المساومة، وبصمود أهل المدينة وسكانها الأصليين الذين ما زال الاحتلال يحاول عبثاً اقتلاعهم من جذورهم ونفيهم داخل وطنهم، بكل ما أمكن من أدوات ووسائل .
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"