روسيا والنصر المحتّم

06:01 صباحا
قراءة دقيقتين

الحرب على مشارف القوقاز، أم أنها بدأت بالفعل؟ من الواضح أن ملامح الحرب قد بدأت وأخطارها تتجاوز الطرفين الروسي وجورجيا، إذ يمكن القول إن نوعاً من حرب بالوكالة تخوضها تبليسي في مواجهة روسيا الصاعدة بقوة على الساحة العالمية.

تحوّلات الأيام المقبلة تحكمها ردود فعل الأطراف المتورطة فعلياً فيها، والمقصود حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، والغايات التي من أجلها دفعت جورجيا إلى الدخول إلى جمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، غايات من شبه المؤكّد ألا تضم حرباً شاملة، فلا الولايات المتحدة ولا حلف شمال الأطلسي في وارد فتح جبهة موسعة مع روسيا، قد لا تقتصر على الوريثة الشرعية للاتحاد السوفييتي، ولاسيما أن البلد يتمتع بمروحة تحالفات تجعل مثل هذه المواجهة تتحول إلى حرب عالمية ثالثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

الولايات المتحدة تدرك ذلك جيداً، وتدرك أيضاً أنها أعجز عن الخوض والحشد لمثل هذه الحرب. وحتى روسيا لا تبدو راغبة في توسيع الجبهة او فتح جبهات إضافية في مواجهة المد الأطلسي الذي بدأ يلامس أراضيها عبر محاولات ضم جورجيا إلى الحلف، الذي أنشئ في الأساس للوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي السابق، ويبدو ان روسيا هدفه اليوم.

المد الأطلسي يمثّل لموسكو خطاً أحمر، فهي بالتأكيد لن تتحمّل محاصرتها بقواعد أطلسيّة.

وفي ظل حسابات الأطراف واستبعاد توسّع المواجهة، يبدو أن الولايات المتحدة تريد من الصراع الحالي اختبار القوة الروسيّة، وامتحان مدى جديتها في التعاطي مع الملفات الدولية. ولا بد أن موسكو تدرك مصيرية مثل هذا الاختبار، فالمعارك الحالية تمثّل امتحاناً للصعود الروسي على الخريطة العالمية، الذي بدأ في عهد فلاديمير بوتين، ومن المفترض أنه مستمرّ في ظل خلفه ديمتري ميدفيديف، فبعد سلسلة من المواقف النارية لروسيا من الأزمات في محيطها، التي تستهدفها خصوصاً، بدءاً من قضية الدرع الصاروخيّة مروراً باستقلال إقليم كوسوفو، وصولاً إلى مسألة ضم أوكرانيا وجورجيا إلى نادي حلف شمالي الأطلسي، ربما حان وقت قرن الأقوال بالأفعال. روسيا اليوم أمام اختبار، قد يكون وجودياً لها على الساحة الدولية، وهي محكومة بتحقيق انتصار لا لبس فيه، سواء أكان عسكرياً أم سياسياً، للحفاظ على سطوتها السياسية وتأكيد ريادتها العالمية، حتى وإن كانت لا ترغب في حرب موسّعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"