في الدفاع عن ضرائب الإنترنت في المجر

04:08 صباحا
قراءة 4 دقائق

ليونيد بيرشدسكي *
يبدو أن الاحتجاجات القوية في المجر ضد محاولة الحكومة فرض ضريبة على استخدام الإنترنت تدعم الفكرة الشائعة بين المشرّعين في الولايات المتحدة، وهي أن الإنترنت بقرة مقدسة ويجب أن تكون معفاة من الضرائب .
وفي الواقع فإن الاحتجاجات لها علاقة أكثر مع عناء المجريين من توجه رئيس الوزراء "فيكتور أوربان" غير التقليدي نحو فرض الضرائب، ففرض ضريبة على استهلاك المعلومات ليس بتلك الفكرة المجنونة .
واقترحت حكومة "أوربان" الضريبة بعد انتصار حزبه "فيدس" في الانتخابات البلدية في وقت سابق، ما عزز من طموحاته السلطوية .
وبموجب مسودة القانون المقترح (الذي تمت مراجعته)، فبدءاً من العام 2015 يجب أن يدفع المجريون 150 فورينت، أو ما يعادل 62 .0 دولار أمريكي، لكل غيغابايت من البيانات المستهلكة .
لم يفرض بلد آخر مثل هذه الضريبة على الإنترنت المعروفة ب "بت تاكس"، ولكن الخطوة متسقة إلى حد كبير مع السياسة الضريبية التي انتهجها "أوربان" منذ وصوله إلى السلطة في عام 2010 . ويدفع المجريون حالياً ضريبة ثابتة على الدخل نسبتها 16% فقط، كما أن معدل الضرائب المفروضة على الشركات ثابت عند 19% (وتقل النسبة المفروضة على الشركات الصغيرة) .
لكن ضريبة القيمة المضافة في المجر تبلغ نسبتها 27%، وهي أعلى نسبة في أوروبا، كما توجد ضرائب خاصة مفروضة على صناعات محددة بما فيها الأعمال المصرفية والإعلان والاتصالات التي يسيطر عليها اللاعبون الأجانب . وتدفع شركات الاتصالات ضريبة على كل دقيقة من المكالمات الصوتية وكل رسالة نصية .
ومن وجهة نظر الحكومة، فحالما تهيمن الإنترنت على هذه الخدمات، فإنها يجب أن تساهم بنصيبها في العبء الضريبي كذلك .
المجريون تعبوا من هذه الضرائب غير المباشرة على أية حال، فبعد كل شيء فإن الصناعات التي اختار "أوربان" أن يحلبها ستمرر هذه النفقات الإضافية وتضعها على المستهلك .
وأضاف النشطاء إلى سخط الناس من خلال تقديم بعض التقديرات المخيفة، وإن كانت زائفة، حول كم ستكلف الضريبة المقترحة المستهلكين عندما قالوا إنها ستبلغ 14 سنتاً للساعة للاطلاع على "الفيسبوك"، و 19 دولاراً لمشاهدة فيلم عبر الإنترنت، و323 دولاراً لمشاهدة مسلسل تلفزيوني .
الحقيقة هي أن المستهلك الذي يشاهد بانتظام البرامج على خدمة البث عبر الإنترنت مثل "نيتفليكس" يستخدم نحو 40 غيغابايت شهرياً، وهو ما يعني احتمال فاتورة ضريبة شهرية بمبلغ 25 دولاراً .
ويعد ذلك مبلغاً كبيراً بالنسبة للمجري، حيث يبلغ متوسط الرواتب الشهرية 680 دولاراً، ولكن هذا هو نفس ما يدفعه أهالي تكساس كضرائب شهرية على الإنترنت .
لا يمكن ل "أوربان" الذي يحظى بشعبية أكثر من أي وقت مضى، أن يتجاهل الاحتجاجات . وأعلنت الحكومة أنها سوف تحدد سقفاً للضريبة لا يتجاوز 700 فورينت، أو ما يعادل 87 .2 دولاراً شهرياً، بالنسبة للمستخدمين الخاصين، و 5000 فورينت بالنسبة للشركات .
وعلى الرغم من أنه من المرجح قبول المجريين ذلك الأمر، إلا أن رد الفعل الأولي لهم على مقترح الضريبة يظهر مدى اقترابهم من عتبات الألم . ويحتاج "أوربان" لإيجاد طريقة أخرى لتحقيق خفض العجز في الموازنة، أو ربما البحث عن مناطق أقل حساسية لفرض نوعية خاصة من الضرائب .
وقد انتقدت ضريبة الإعلانات وضريبة الإنترنت كلتاهما، على اعتبار أنها محاولات للحد من حرية تدفق المعلومات، وهو الدافع الطبيعي للسياسي الذي يقتفي أثر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ونظيره التركي رجب طيب أردوغان كقدوة .
قد كان تقييد المعلومات هو المشكلة مع فرض الضرائب على استخدام الإنترنت في أي مكان . والأيديولوجية وراء القانون الأمريكي لحرية ضرائب الإنترنت، والذي انتهى العمل به بالمناسبة في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هي أن حرية المعلومات تصنع منافع أكبر للمجتمع من أكثر ما قد تقدمه الضرائب على الإنترنت، وإنه من الخطأ فرض ضرائب على الإنترنت لا تكون مفروضة على الأنشطة من غير اتصال . (تعتبر تكساس وست ولايات أخرى معفاة من هذه التشريعات) .
في منتصف عقد التسعينات من القرن العشرين، عندما تم بث فكرة ضريبة الإنترنت "بت تاكس" لأول مرة في أوروبا، فإن اثنين من مؤلفيها، وهما "لوك سويت" و "كارين كامب" من جامعة "ماستريخت"، اشتكيا من أن الردود التي تلقوها تراوحت بين الحفاوة البالغة بالفكرة والدعوة إلى عدم التعرّض للإنترنت .
وخلال 20 عاماً لم يتغير رد الفعل هذا، ولكن لم يكن ذلك نتيجة لحجة "سويت" و "كامب" القائلة إنه "في حين يصبح النشاط الاقتصادي متركزاً بشكل متزايد في تبادل المعلومات غير المادية، فإن أجزاء كبيرة من سلاسل القيمة تبدو غير مرئية" .
إذا اختارت الحكومات فرض ضريبة على الاستهلاك بشكل عام، ومعظمها تقوم بذلك من خلال فرض الضريبة على القيمة المضافة أو المبيعات، فإنه يكون من المنطقي فرض ضريبة على الاستهلاك من البيانات أيضاً .
وليس هناك من سبب في أن يقبل المجتمع فرض الضريبة على الاتصالات الهاتفية التقليدية وأن يرفض فرض الرسوم على حركة مرور البيانات على الإنترنت، فإن البنية الأساسية التي تحملها هي بنية مادية ملموسة، ويمكن أن يكون فرض الضريبة على الاستهلاك الكثيف وسيلة للحفاظ على حيادية الشبكة .

* (بلومبيرغ)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"