مأساة الطائرة الماليزية مادة دعائية

05:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
بعيد الحادث المأساوي لتحطم طائرة الركاب الماليزية فوق شرق أوكرانيا، اتحد السياسيون ووسائل الإعلام الغربيون من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الدعائية بفضل هذه الكارثة . وقد قالوا إنه لا بد أن روسيا هي المسؤولة، وأن بوتين هو الذي يتحمل المسؤولية .
وعقد الرئيس أوباما مؤتمراً صحفياً ليزعم - حتى قبل البدء في إجراء تحقيق - أن المتمردين الموالين لروسيا في المنطقة هم المسؤولون . ورددت سفيرته لدى الأمم المتحدة سامنثا باور القول ذاته أمام مجلس الأمن الدولي - بعد يوم واحد فقط من تحطم الطائرة! وبينما تندفع وسائل الإعلام الغربية لترديد الدعاية الحكومية حول الحادثة، هناك بضعة أمور لن تأتي على ذكرها .
إنها لن تشير إلى أن الأزمة في أوكرانيا بدأت في أواخر العام الماضي، عندما خطط متظاهرون مدعومون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإسقاط الرئيس الأوكراني المنتخب فيكتور يانوكوفيتش . ولولا عملية "تغيير النظام" التي رعتها الولايات المتحدة، لكان من غير المحتمل أن يقتل مئات الأشخاص في الاضطرابات التي تلت ذلك، ولا أن يقع حادث تحطم الطائرة الماليزية .
وحسب وسائل الإعلام هذه، لا بد أن قوات روسية أو انفصاليين مدعومين من روسيا هم الذين اسقطوا الطائرة، لأن الصاروخ الذي قيل إنه أسقطها روسي الصنع، ولكنها لم تشر إطلاقاً إلى أن قوات الحكومة الأوكرانية تستخدم هي أيضاً السلاح ذاته .
وهي لن تذكر في تقاريرها أن حكومة ما بعد الانقلاب في أوكرانيا قتلت - وفقاً لمراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا - 250 شخصاً في منطقة لوغانسك الانفصالية منذ يونيو/حزيران، بمن فيهم 20 شخصاً قتلوا عندما قصفت قوات حكومية وسط المدينة في اليوم التالي لتحطم الطائرة . ومعظم القتلى كانوا مدنيين، وعددهم يقارب تقريباً عدد ضحايا الطائرة الماليزية . وعلى النقيض من ذلك، روسيا لم تقتل أحداً في أوكرانيا، في حين أن الانفصاليين كانوا يوجهون ضرباتهم نحو أهداف عسكرية وليس مدنية .
ووسائل الإعلام هذه لم تذكر أن الولايات المتحدة دعمت بقوة الحكومة الأوكرانية في هذه الهجمات على المدنيين، وهي هجمات وصفتها متحدثة باسم الخارجية الأمريكية بأنها "معتدلة"، وهي لم تذكر أن الحكومة الأوكرانية ستكسب الكثير من إلصاق تهمة إسقاط الطائرة بروسيا، ولا أن رئيس وزراء أوكرانيا عبر عن سروره لإلقاء اللوم على روسيا .
وهي لم تذكر أن الصاروخ الذي يبدو أنه أسقط الطائرة هو نظام صاروخي أرض - جو متطور ويتطلب تدريباً عالياً يفتقر إليه الانفصاليون .وهي لم تذكر أن الانفصاليين في شرق أوكرانيا أنزلوا خسائر كبيرة بالقوات الحكومية الأوكرانية خلال الأسبوع الذي سبق إسقاط الطائرة .
وطبعاً، من الممكن تماماً أن تكون إدارة أوباما ووسائل الإعلام الأمريكية قد أصابت هذه المرة، وأن يكون الروس أو الانفصاليون في شرق أوكرانيا قد أسقطوا الطائرة، إما عمداً وإما بغير قصد . ولكن جوهر المسألة هو أنه من الصعب جداً الحصول على معلومات دقيقة، وأن الجميع انشغلوا في الدعاية .
وحتى الآن، سيكون من الخطأ القول إن الروس، أو الحكومة الأوكرانية، أو الانفصاليين قد فعلوها . ولكن هل من الصعب المطالبة ببساطة بإجراء تحقيق حقيقي؟

رون بول

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"