100 يوم على رئاسة ترامب

02:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
كريستوفر بريبل*
على الرغم من أن سيناريوهات رئاسة ترامب لم تتحقق بعد، فإن التغييرات الجذرية في السياسة الداخلية، بما في ذلك على وجه الخصوص إجراءاته المتشددة التي كان ينوي اتخاذها ضدّ المهاجرين واللاجئين، تم إحباطها وعرقلتها في المحاكم، وبفعل حقائق الميزانية نفسها التي واجهها باراك أوباما. وبالمثل، على صعيد السياسة الخارجية، واصلت إدارة ترامب سجلَّ أوباما، أو توسّعت فيه. وكانت التغييرات التي تم تنفيذها مسائل تتعلق بالدرجة، لا بالنوع.
ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة. فالعالم لم يتغير في الواقع نتيجة لانتخاب ترامب، أو في اللحظة التي تم تنصيبه فيها. لم يتحقق حلٌّ سياسي للحرب الأهلية السورية. ولا تزال سيئول ضمن مدى المدفعية الكورية الشمالية، كما كانت عندما كان أوباما رئيساً. ولم تتغير رياضيات الميزانية العويصة كذلك. ربما يكون الرئيس ترامب راغباً فعلاً في وجود جيش أضخم، لكنه لم يكتشف صيغة سحرية لدفع تكاليفه.
ربما يكون مزاج البلاد، أو مزاج حلفاء الولايات المتحدة، قد تغير لو التزم الرئيس ترامب بالعناصر الرئيسية لخطاب حملته. لكنه لم يقم بإعادة نظر واسعة النطاق في تحالفات الولايات المتحدة. وتبدو إدارة ترامب، بأي درجة، مستعدة لإعادة تنشيط أو توسيع التزامات التحالف الأمريكي. ومع ذلك، فإن خطاب «أمريكا أولاً» الذي ردّده الرئيس، أثار قلقاً واضحاً لدى أولئك الذين اعتادوا على أن يَأوُوا تحت جناح الأمن الأمريكي.
وفي الوقت نفسه، على الرغم من أن ترامب المرشح تحدّث بتفاؤل عن العمل مع فلاديمير بوتين وروسيا، فإن مزاعم التدخل الروسي في السياسة الأمريكية، منعت أي تقارب وشيك. ويبدو من غير المرجح أن يتغير ذلك. وتشير أحدث الإفشاءات التي تدور حول مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين إلى أننا لم نسمع نهاية هذه القصة. إنّ الرئيس ترامب قابل للتعلم، كما حدث عند لقائه الرئيس الصيني، «شي جين بينج» وحديثه معه خلال اجتماعهما في منتجع مارا-لاجو حول تاريخ العلاقات بين الصين وكوريا. وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق، أن الصين تستطيع أن تحل المشكلة الكورية الشمالية بمفردها. وقد جعله الحديث الشخصي الذي دار بين الرئيسين، يتحدث بنبرة مختلفة. قال الرئيس لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «بعد عشر دقائق من الاستماع، أدركت أن الأمر ليس في تلك السهولة». «كان لديّ شعور قوي، بأنهم يملكون سلطة هائلة على كوريا الشمالية.. ولكن الأمر ليس كما تظنّ».
وحتى كتابة هذه السطور، لم يقُم ترامب صانع الصفقات حتى الآن، بصياغة حلٍّ وسط رئيسي، للميزانية من شأنه أن يكسر سقف الإنفاق الذي يفرضه قانون التحكم بالموازنة. ولا يزال الجمهوريون يعارضون الزيادات الضريبية، أو ارتفاع العجز في الميزانية، وسيعرقل الديمقراطيون أي زيادات في الإنفاق العسكري يتمّ تمويلها بتخفيضات في الجزء غير الدفاعي من الميزانية التقديرية. ولا يرغب أي من الحزبيْن في معالجة الإنفاق على الاستحقاقات الخارجة عن نطاق السيطرة. وهكذا يستمر المأزق في الميزانية.
ويذكّرنا الرئيس مساء كل خميس، بأن «صراعاً أكبر، أكبر» مع كوريا الشمالية ما يزال مطروحا.
وهكذا، فإن من المبكر جدّاً إصدار حكم على رئاسة ترامب. وهذه هي الحال في العادة بعد مئة يوم فقط.
فهل سنعرف أكثر بكثير بعد مئة اليوم التالية؟ سوف نرى.

* نائب رئيس دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد كاتو، ومؤلف كتاب «مشكلة الطاقة: كيف تجعلنا الهيمنة العسكرية الأمريكية أقلّ أمناً، وأقل ازدهاراً، وأقل حرية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"