عادي
شعبيته بعد عامين في البيت الأبيض لا تتجاوز 50%

انتخابات نصف الولاية.. استفتاء غير مباشر على رئاسة ترامب

04:18 صباحا
قراءة 15 دقيقة
كتب: المحرر السياسي

تكتسب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ في السادس من نوفمبر، أهمية في أنها تمثل استفتاء غير مباشر على الرئيس في النصف الأول من فترته الرئاسية.
ويصدق ذلك على الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تشير استطلاعات الرأي العام إلى أنه يحظى بتأييد في حدود 45 في المئة من الشعب الأمريكي، وهي نسبة متدنية لرئيس لم يكمل فترة العامين منذ انتخابه في المنصب للمرة الأولى، وعادة ما تكون مثل هذه النسبة أو أقل منها طبيعية بالنسبة لرئيس في نهاية النصف الأول من ولايته الثانية أو الأشهر الأخيرة قبل مغادرته المنصب، كما ظهر ذلك في نهاية فترتي الرئيسين الجمهوري الأسبق جورج دبليو بوش (الابن)، والديمقراطي السابق باراك اوباما.
أيا كانت نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، فهي تمثل مؤشراً مهمّاً للعلاقة المستقبلية بين الرئيس والمشرعين، وبالتالي سياسات سيد البيت الأبيض، إذ لا يستطيع الرئيس الحكم منفرداً ويمثل الكونجرس بمجلسيه شريكاً أساسياً في السلطة.
يعلق الرئيس دونالد ترامب آمالاً عريضة على أن يحتفظ الحزب الجمهوري بالأغلبية الهشة في مجلس الشيوخ، والأغلبية الكبيرة في مجلس النواب، لسببين: الأول يعني أن هناك رضا شعبياً عن نهج إدارته في الحكم، والثاني توفير القاعدة التشريعية الضرورية للمضي قدماً في هذا النهج وترجمته قانونياً في شكل تشريعات أو قرارات تنفيذية تحظى بدعم المشرعين.
وفي المقابل إن خسر الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب على الأقل، فإن ترامب سيواجه مشكلة كبيرة، وسيضطر إلى مراجعة سياساته، ولا يملك القدرة على إمضاء تشريعات لأنه لا يملك الدعم الكافي من المشرعين، بل على العكس فإن الحائز على الأغلبية هو الذي يملك حقيقة سلطة التشريع.
ويرجح محللون كُثر أن يخسر الحزب الجمهوري أغلبيته، بقراءة للتاريخ الأمريكي. فمنذ الحرب الأهلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، يخسر حزب الرئيس (سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً) عادة مقاعد في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
يسعى ترامب وحزبه بكل السبل لكسر هذه القاعدة الراسخة في تاريخ انتخابات التجديد النصفي، بينما يجتهد الديمقراطيون لأن تستمر القاعدة لا تقبل الكسر، الأمر الذي يجعل المعركة الانتخابية حامية الوطيس.
نزل ترامب بثقله لحشد الدعم لمرشحي الحزب الجمهوري في الولايات التي ستجرى على مقاعدها انتخابات التجديد النصفي، رغم أن المؤتمرات القاعدية للحزب الجمهوري لم تحسم بعد تسمية المرشحين الذين ستدعمهم.
قال ترامب في أول تجمع للحزب الجمهوري في كولومبوس (ولاية اوهايو) في سبتمبر الماضي، إنه يأمل أن يحقق الحزب انتصاراً كبيراً في السادس من نوفمبر. ودعم أمله بالثقة في أن الناخبين لن يخذلوا الحزب ، باعتبار أن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الولايات المتحدة منذ وصوله إلى البيت الأبيض «لم تتحقق في تاريخ البلاد». وهو بالطبع زعم تدخل فيه المبالغة لصالح الترويج لنفسه ولحزبه.ولم يشفع هذا الإقرار بإحصائيات رسمية ومقارنة.
واعتبر ترامب أن إدارته «تقوم بأداء أفضل على صعيد الوظائف»، ما من شأنه أن يحبط سعي الديمقراطيين لاكتساح الساحة، بل تهيئة الفرصة ليكتسح الجمهوريون المشهد السياسي.
من الجهة الأخرى ألقى الرئيس الديمقراطي السابق باراك اوباما بكل ثقله وإرثه السياسي لدعم مرشحي حزبه، وأعرب مبكراً في تجمعات انتخابية في أغسطس/‏‏‏آب الماضي، عن ثقته بأن الناخبين سيختارون المرشحين الديمقراطيين من أجل «دعم أمريكا التي نحبها.. واستعادة الفرص المشتركة.. وإصلاح تحالفاتنا.. ودعم تمسكنا - كأمريكيين - بالقضاء والنزاهة والمسؤولية ودولة القانون».
وشدد اوباما على أن استعادة الديمقراطيين للأغلبية في الكونجرس تعني استرداد القيم الأمريكية، والولايات المتحدة كقوة أخلاقية في العالم وقائدة للعالم الحر وراعية للديمقراطية وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة وموضع ثقة الحلفاء والشركاء.
وقالت رئيسة النواب السابقة وزعيمة الأقلية الديمقراطية نانسي بيلوسي، إنها تسعى لمواصلة عضويتها بالمجلس وقيادة الديمقراطيين، أو المنافسة على منصب رئيس المجلس، باعتبارها«الوحيدة القادرة على قيادة الحزب الديمقراطي المضطرب» الذي فقد الأغلبيتين في النواب والشيوخ والرئاسة الأمريكية في انتخابات 2016.
تشهد انتخابات نصف الولاية، الاقتراع على كل مقاعد مجلس النواب، وثلث مقاعد الشيوخ. ويعني هذا أن الناخبين سيصوتون لانتخاب أعضاء مجلس النواب ال 435 وانتخاب 34 سيناتوراً في مجلس الشيوخ البالغ عدد مقاعده 100 مقعد.
تتوزع المقاعد في المجلسين بين الحزبين كالتالي: يملك الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب ب 240 مقعداً وفي الشيوخ ب 51 مقعداً، بينما يملك الديمقراطيون في المجلس الأول 195 مقعداً وفي الثاني 49 مقعداً (مقعد واحد مستقل لكنه يصوت إلى جانب الديمقراطيين). وتجرى الانتخابات في الشيوخ على 34 مقعداً منها 26 يدافع عنها الديمقراطيون، ويحتاجون إلى مقعدين إضافيين لإحراز الأغلبية في مجلس الشيوخ (51 مقعداً). ويحتاج الديمقراطيون إلى انتزاع 23 مقعداً في مجلس النواب للحصول على الغالبية (218 مقعداً).
ولا يزال مبكراً القول أي الحزبين سيسيطر على الكونجرس، فما زالت الانتخابات التمهيدية في مؤتمرات الحزبين مستمرة .
رغم ذلك تحاول استطلاعات الرأي العام التي تجريها وسائل إعلام ومراكز متخصصة تمثل مؤشراً عاماً على النتائج المتوقعة. وحسب التقارير اليومية والأسبوعية ل«كوك بوليتيكال» التي تعتمد على قراءة كل الاستطلاعات يومياً، فإن الجمهوريين سيفقدون مقعدين في انتخابات التجديد النصفي لتكون حصتهم 49 مقعداً، وسيفقد الديمقراطيون أيضاً خمسة مقاعد لتكون حصيلتهم 44 مقعداً، وستذهب المقاعد السبعة المتبقية إلى مستقلين، لكنهم قابلون للانضمام في التصويت إلى أحد الحزبين الكبيرين.
وفي مجلس النواب تشير استطلاعات الرأي المجمعة حسب «كوك بوليتيكال» إلى أن الجمهوريين سيفقدون الكثير من مقاعدهم، لتكون حصيلتهم 203 نواب، فيما سيحصل الديمقراطيون على مقاعد إضافية لكنها لن تمنحهم الأغلبية المطلوبة، وتشير الاستطلاعات إلى حصولهم على 202 مقعد. فيما ستتوزع بقية المقاعد على مستقلين.
يحرص ترامب أشد الحرص على أن يحتفظ الجمهوريون بالأغلبية في مجلسي الكونجرس لمصلحته هو سياسياً وشخصياً، وإلاّ فإن انتصار الديمقراطيين سيعني انكشاف ظهره، ومناوأته ومساءلته وحتى عزله. وتساور هذه الهواجس والمخاوف ترامب بالفعل، وقد عبر عنها أكثر من مرة. فقد حذر من أن محاولة عزله ستخرب الاقتصاد الأمريكي وستجعل الناس فقراء جداً. وقال أمام تجمع للقساوسة الإنجيليين في سبتمبر إن برنامجه سيكون على المحك، وإن الديمقراطيين حال انتصارهم «سيلغون كل ما قمنا به، وسيفعلون ذلك بشكل سريع وعنيف».
يريد ترامب القادم من عالم المال والأعمال، والذي لم يشغل منصباً حكومياً أو يعمل كسياسي ولم يخدم في الجيش، أن يعيد تسويق نفسه من جديد، وهو يخوض أول اختبار مباشر لشعبيته في انتخابات نصف الولاية. ويعتمد ترامب في هذه المقاربة على ما يعتبره منجزات اقتصادية مهمة تحققت على الصعيد الداخلي باعتبار أن انتخابات التجديد النصفي تخاطب في المقام الأول اهتمامات دافع الضرائب الأمريكي.
بيد أن تعويل ترامب على هذا الجانب لا يصمد أمام الاختبار. فالمجتمع الأمريكي معني بالدرجة الأولى بالسياسة الداخلية. ولم تتضح حتى بعد عامين من رئاسته نتائج سياساته الاقتصادية. فعلى صعيد التأمين الصحي، ألغى ترامب «أوباما كير» (البرنامج الطموح الذي يدخل أكثر من أربعين مليون أمريكي في نظام الضمان الصحي)، ولم تتضح بعد معالم «ترامب كير». وعلى صعيد الضرائب لا يبدو أن «الضرائب التصاعدية» التي قال ترامب إنه سيفرضها على أصحاب الدخول العالية قد أثّرت عليهم أو حققت المردود المتوقع.
واتخذ ترامب قرارات حمائية ضد الشركات والمنتجات الأجنبية لصالح الشركات والمنتجات الوطنية وخفض الضرائب عليها، ما من شأنه أن يؤدي إلى تحسين تنافسية الشركات والمنتجات الأمريكية داخلياً، وفي المقابل خلقت الحمائية أزمات ما زالت مستمرة مع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة مثل الصين والاتحاد الأوروبي مع نذر تصاعد الأمر إلى حرب تجارية.
رغم أن السياسة الخارجية لا تعد من العوامل المؤثرة في أصوات الناخب الأمريكي في انتخابات نصف الولاية، إلا أن ترامب وحزبه الجمهوري حصلا على دعم اللوبي اليهودي الواسع الثراء والممسك بمفاصل الاقتصاد والإعلام ومراكز البحوث ومواقع صنع القرار، خاصة أن ترامب هو الشخصية الثانية في تاريخ اليهود بعد بلفور صاحب الوعد الشهير. وعلى خطاه اعترف ترامب بالقدس عاصمة أبدية ل «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها، بالمخالفة لأسلافه من الرؤساء، وفي انتهاك خطير للقرارات الدولية، كما أنه يعمل حثيثاً على صك «صفقة القرن» لتصفية القضية الفلسطينية، ومنح ««إسرائيل»» كل ما تريده سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وقانونياً.
ولا ينكرنّ أحدٌ، الدور الخطير والمؤثر لليهود ولوبياتهم ووسائل الإعلام التي يسيطرون عليها، في صعود وسقوط أي مرشح أمريكي لأي منصب من المستوى المحلي إلى الرئاسة. ولاستكمال المشروع ««الإسرائيلي»» فإن اليهود في أمريكا يريدون دعم ترامب وتقوية موقف الجمهوريين في الكونجرس لتنفيذ كامل الأجندة المطلوبة سواء العلني منها أو الخفي.
في الجانب الآخر فإن الديمقراطيين لديهم ثأر مبيّت ضد ترامب، الذي حطم كل الإنجازات الأمريكية التي يعتبر الديمقراطيون أنها كانت تضمن ازدهار الولايات المتحدة بالشراكة المجزية مع الآخرين، والحفاظ على الأمن القومي الأمريكي والمصالح الأمريكية في العالم، وقيادة العالم في مجالات «الدمقرطة» وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة وأهداف الألفية الثالثة.
ويعتبر الديمقراطيون أن ترامب كرئيس ارتكب سلسلة من الأخطاء أهمها التعبير عن مصالح الأعمال والرأسماليين المتوحشين لتحقيق المزيد من الأرباح، على حساب الفقراء والمسحوقين الذين حرمهم ترامب بجرّة قلم من فوائد التأمين الصحي، فضلاً عن الكذب والتستر لإخفاء حقائق ووقائع تتعلق بحياته الشخصية.
أكبر خطر يواجه ترامب إذ حقق الديمقراطيون الأغلبية في مجلسي الكونجرس هو احتمال السير قدماً في إجراءات عزله. فالرئيس مشتبه به في اختراق النظام الاتحادي في الانتخابات الرئاسية 2016، وليس من المستبعد توجيه اتهامات له. وذلك يعني أن تشرع المحكمة الفيدرالية في استجوابه على ضوء اختراق روسيا وتدخلها في الانتخابات الرئاسية . وفي حال استدعاء المحكمة له ستكون بداية العد التنازلي لولاية ترامب، حيث ستبدأ المحكمة في نزع صلاحياته كرئيس للولايات المتحدة إلى حين اجتماع لجنة الاستجوابات في مجلسي النواب و الشيوخ، والحكم بأن الرئيس مُدان لاختراقه القواعد الاتحادية التي تسير على أساسها الدولة، كما أن من صلاحيات المحكمة والكونجرس تعيين نائب الرئيس ليحل محله إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية.
يواجه ترامب أيضا اتهامات بالتستر لإسكات «لعوبتين» كانتا على علاقة به وشراء صمتهما بالمال. فضلاً عما بدا يكشف عنه آخرون على صلة به من أمور شائنة.
المجتمع الأمريكي لا يهتم كثيراً بالتهتك والمباذل الأخلاقية، لكنه يهتم أكثر عندما يكذب مسؤول ويستغل النظام الاتحادي للتستر والتغطية، وفي الرئيسين الأسبقين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون نموذج.
يصدق القول حقاً إن انتخابات نصف الولاية الأمريكية هي استفتاء على ترامب قبل أن تكون استحقاقاً. فقد مثل ترامب نهجاً جديداً في الرئاسة الأمريكية خلافاً للسائد والموروث والسوابق، وهو يعمل على غير مثال، ويتخذ قراراته بنفسه، ولا يتمهل ولا يضع اعتباراً لحليف أو خصم، للداخل أو للخارج، فكل ما هنالك في البيت الأبيض رجل أعمال، ونرجسي متغطرس يعمل كذكر مسيطر، يملك أن يقرب ويبعد ويطرد في أي وقت من يهدد وضعه أو لا يمتثل لأمره أو يصادف هواه.
جرب الناخبون ترامب يأساً من السياسيين المحترفين، ولكن النتيجة بدت واضحة والرجل يكمل نصف الولاية. فهو يتصرف كرجل أعمال يحمل صفة الرئيس ويتصرف على غير نمطه، وبدا يتكشف شيئاً فشيئاً التعهدات والوعود التي قطعها خلف الأبواب المغلقة للوبيات المؤثرة في الحياة الأمريكية مثل جمعية البندقية وكارتل الصناعات الدفاعية وشركات النفط والخدمات والاتحادات والنقابات وجماعات الضغط السياسي.
ترامب يتصرف كأنه يدير برنامجه الترفيهي التلفزيوني السابق «المتدرب»، ويملك أن يطلق عبارته المشهورة «أنت مطرود» (يو ار فيرد)، وهو في كل قراراته كما قلنا لا ينظر إلى المصلحة الأمريكية العليا التي قد تكون نتيجة للموازنة بين محصلة ومشتتة قوى متضاربة المصالح، وهو هنا لا يعرف التوازن بل الانحياز الكامل لصالح جهة ما قطع لها وعداً قبل الانتخابات الرئاسية. ولعل في ما يفعله لصالح «إسرائيل» وضد الفلسطينيين خير مثال.

نواب وشيوخ وحكام وعمد

يصوت الناخبون الأمريكيون في 6 نوفمبر/تشرين الثاني لاختيار كامل عضوية مجلس النواب (435 عضواً) وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (34 سيناتوراً) من كامل عضويته البالغة 100 مقعد. وحسب النظام الانتخابي الأمريكي، سيتم انتخاب النواب في التجديد النصفي ومع الانتخابات الرئاسية.
ويخدم أعضاء الشيوخ لفترات متداخلة، مدة الواحدة منها سبع سنوات. يتم انتخاب ثلث أعضاء الشيوخ في كل انتخابات نصفية ومع الانتخابات الرئاسية.
ويحدد عد النواب عن كل ولاية حسب عدد سكانها. ويمثل كل ولاية عضوان في مجلس الشيوخ.
في 6 نوفمبر سيتم انتخاب حكام 36 ولاية وحكام 3 مقاطعات أمريكية.
وحسب مؤتمر العمد سيتم انتخاب عمد 307 مدن عبر الولايات المتحدة. والعمدة لا ينتخب مباشرة بل من مجلس أو هيئة انتخابية تنتخبه من بين أعضائها. أما انتخابات الولايات أو المحليات فيمكن أن تُجرى في أي سنة، وفي تواريخ مختلفة خلال العام. وينطبق ذلك على انتخاب حاكم الولاية، وشاغري مقاعد في المجلس التشريعي للولاية، وعمدة المدينة والقضاة والمسؤولين المحليين، أو أي مناصب أخرى. أما التصويت في الولاية والمدينة والمقاطعة لصالح أو ضد قوانين أو ضرائب أو ميزانية فربما تعقد في انتخابات محلية أو ولائية.

كونجرس مختل التوازن

أصبح الكونجرس الأمريكي أكثر تنوعًا خلال السنوات القريبة الماضية، لكنه ما يزال مختل التوازن.
فعدد أعضائه من النساء لا يمثل أكثر من 20 في المئة، رغم أن عدد النساء في الولايات المتحدة يفوق عدد الرجال بعدة ملايين.
وعدد الملونين لا يزيد عن 19 في المئة.
ليس هناك أي تمثيل للأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر)
نسبة تمثيل المسلمين في الكونجرس لا تتعدى 0.4 في المئة(أربعة من عشرة في المئة)، رغم أن عدد المسلمين الأمريكيين يمثل نسبة 1,1 في المئة من السكان، في وقت يمثل المشرعون اليهود في الكونجرس نسبة 3,7 في المئة، رغم أن اليهود الأمريكيين تقل نسبتهم عن واحد في المئة من السكان.

نساء من الأقليات يخضن المنافسة للمرة الأولى
«مي تو» تدفع 191 امرأة للترشح لعضوية الكونجرس والحكام

ترشح أكثر من 180 امرأة أمريكية لخوض انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، محطمات بذلك رقماً قياسياً في عدد الترشيحات.
وتقدمت 185 امرأة للترشح لعضوية مجلس النواب، ما اعتبره محللون سياسيون، رد فعل قوياً على دخول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ونتيجة قوة دفع حركة «أنا أيضا» (مي تو) المنددة بالتحرش بالنساء.
وسجل هذا العدد الكبير من المترشحات لخوض معركة انتخابات نصف الولاية، بعد سنة واحدة على إطلاق حركة «مي تو»، وفي تأكيد على تحدي النساء لترامب.
وأكد «مركز النساء الأمريكيات والسياسة» المتخصص، تسجيل رقم قياسي للمرشحات تحت راية الأحزاب الكبرى لدخول الكونجرس.
وأشار المركز على «تويتر» إلى «رقم قياسي آخر: في 2018 عدد المرشحات لمناصب الحكام هو الأكبر مع11 مرشحة». وكان الرقم القياسي السابق 10 وسجل لأول مرة في 1994.
وتجاوز سقف المرشحات إلى مجلس الشيوخ 42 امرأة، 24 منهن ينتمين إلى الحزب الديمقراطي، و18 إلى الحزب الجمهوري مقابل 40 في 2016 بحسب المركز المستقل.
وهناك عدة مرشحات من أقليات غير ممثلة جيدا في «الكابيتول هل»، في موقع جيد للفوز بمقعد منهن المرشحة ذات الأصول العربية رشيدة طليب. وقال سايو بوجواني مؤسس ورئيس «القادة الأمريكيين الجدد»، وهي مجموعة تعمل على مساعدة الجيلين الأول والثاني من المهاجرين على أن ينخرطوا في الانتخابات: «في وقت تتعرض فيه النساء والأمريكيون المسلمون والمهاجرون للهجوم، فإن الانتخابات التاريخية للمرشحتين رشيدة طليب والهان عمر تكتسب أهمية خاصة». وأضاف: «بينما ستمثل رشيدة والهان كل شخص في دائرتيهما، فهو ينظر إليهما من قبل كل النساء الأمريكيات المسلمات والنساء الملونات، كرمزين للإمكانية في الديمقراطية الأمريكية».
وهناك أيضا الكسندريا أوكاسيو-كورتيز الإسبانية التي أصبحت في سن ال28 شخصية في التيار التقدمي الديمقراطي منذ فوزها المفاجئ في الانتخابات التمهيدية في نيويورك في يونيو/‏‏‏حزيران الماضي.
وارتدت شاريس ديفيدز قميصاً كتب عليه «قوية ومقاومة وأصيلة» ظهرت فيه على فيديو حملتها وهي أمريكية-هندية ومحامية وتمارس فنون الدفاع عن النفس، وفازت في الانتخابات التمهيدية في كنساس المحافظة. وقالت في دعاية ظهرت فيها أثناء تدريبات «من الصعب أن تكون امرأة هنا». وتابعت «ومن الواضح أن ترامب والجمهوريين في واشنطن لا يكترثون بي وبأمثالي وكل الذين لا يفكرون مثلهم».
وبعد فوزها في الانتخابات الأولية، قالت مرشحة أمريكية من أصول هندية ديب هالاند من نيو مكسيكو: «إنه يوم تاريخي للنساء غير البيض ولأمريكا عموما». وذكر مركز«النساء الأمريكيات والسياسة» بأنه لم يسبق أن انتخبت أمريكية-هندية في الكونجرس الأمريكي.
تترشح محاربات سابقات ومعلمات وخبيرات اقتصاد أو نادلات، في منتصف رئاسة ترامب الذي كان قد استقبل في البيت الأبيض بتظاهرة تاريخية للدفاع عن حقوق النساء في يناير/‏‏‏كانون الثاني 2017.
لكن مع 24 بالمئة من المرشحات لمجلس النواب العام 2018 الحالي، و20 بالمئة فقط من النساء في الكونجرس، لا يزال مبدأ المساواة بعيداً كل البعد. والحماسة ليست نفسها لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري مع 42 امرأة جمهورية و 143 ديمقراطية من المرشحات ال 185.
ورأت جمعية «عليها أن تترشح»المستقلة، أن ظاهرة العام 2018 ستستمر. وأضافت : «سنلمس تأثيرها خلال السنوات العشرين المقبلة مع فتيات سيكبرن وهن واثقات بأنهن سيتمكن من الترشح للانتخابات».

هيلاري تحذر و«فيسبوك» تكشف حملة للتدخل

تنعقد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي وسط مخاوف من حملة أجنبية للتدخل في الاستحقاق، فيما لا يزال التحقيق جاريا في وقائع التدخل الروسي في انتخابات 2016 الرئاسية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، مع اعترافات وتوجيه اتهامات إلى مقربين من ترامب وقادة حملته الانتخابية.
فقد حذرت المرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون من أن العملاء الروس يستهدفون انتخابات نصف الولاية في محاولة متجددة لتعطيل الديمقراطية الأمريكية، وأشارت إلى أنهم هذه المرة، يمكن أن يهجموا على البنية التحتية الانتخابية من خلال استهداف الخوادم التي ترسل عليها النتائج وآلات التصويت.
وذكرت كلينتون بمدى التدخل الروسي كما بينته الاتهامات التي صدرت بحق 12 ضابط مخابرات روسياً من قبل المحقق الخاص روبرت مولر، المكلف بالتحقيق في وقائع التدخل الروسي . وأشارت إلى أن تفاصيل الاتهام توضح أن التدخل كان هجوما إلكترونيا واسعا للغاية وناجحا، اخترق النظام الانتخابي في الولايات المتحدة، ما اعتبرته استهدافا لقلب الديمقراطية الأمريكية.
ويشارك كلينتون في انتقاداتها أوساط سياسية وإعلامية واستخبارية أمريكية، مستندة إلى معلومات «استخبارية» مؤكدة والنتائج التي تتكشف عن تحقيقات مولر، والاتهامات المباشرة والاعترافات الموثقة والأدلة القطعية التي تؤكد حقيقة التدخل الروسي لصالح ترامب، وعلم المقربين منه وقادة حملته الانتخابية بذلك.
يمكن أن يخضع ترامب لاستجواب المحقق الخاص مولر، ما جعل ترامب مرتبكا، فيقول حينا إنه لا يمانع في الاستجواب، ثم يدعي أن التحقيق نفسه «حملة ملاحقة» حيناً آخر، ثم يهدد بالتدخل كرئيس، قبل أن يوزع الاتهامات يمينا ويسارا على أفراد ومؤسسات رسمية في الدولة.
على غير ما يدعي ترامب، كشفت شركة «فيسبوك» في أغسطس/‏ آب الماضي، عن حملة منسقة عبر عشرات الحسابات والصفحات الزائفة يعتقد أنها تمارس تأثيرا سياسيا لاستهداف إرادة الناخبين والتأثير في قراراتهم بالتصويت في نوفمبر المقبل.
وأكدت الشركة، في جلسة إحاطة في الكونجرس الشهر الماضي، أنها حذفت عشرات الحسابات والصفحات المزيفة على صلة بحملة التأثير السياسي على كل مواقع «فيسبوك» و«انستجرام». وقالت إنها لم تحدد بعد من يقف وراء هذه الصفحات، وأشارت إلى أن من يقف وراءها ذهب مدى أبعد كثيرا من حملة انطلقت من روسيا للتأثير في انتخابات 2016.
وأكدت الشركة أنها تعاونت مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) للتحقيق في هذا النشاط.

90 مرشحاً يخوضون استحقاق التجديد النصفي
صحوة عربية وإسلامية في الانتخابات الأمريكية

شهدت انتخابات نصف الولاية الأمريكية في مراحلها التمهيدية ظهوراً لافتاً لمرشحين من أصول عربية ومسلمة للمنافسة على مقاعد في الكونجرس الاتحادي، والمجالس التشريعية الولائية، ومناصب الحكام والعمد، ومجالس المدن والمقاطعات، ومجالس إدارات المدارس، وهناك احتمالات قوية أن يصل مسلمون من أصول عربية ومسلمة للمرة الأولى لعضوية النواب بالكونجرس، والمجالس التشريعية، ومنصب حاكم ولاية.
وترشح 90 مسلماً أمريكياً للانتخابات التمهيدية لنصف الولاية، بقي منهم خمسون لخوض الانتخابات في اربع ولايات تتركز فيها الجاليات العربية والمسلمة، خاصة ميتشيجان، واريزونا، ومينسوتا.
وهناك 18 يترشحون للمجالس التشريعية الولائية، وعشرة للمنافسة على مناصب عمدة مدينة ،وحاكم ولاية، وعضوية مجالس مدن ومقاطعات. ويخوض 3 مرشحين المنافسة على عضوية مجلس النواب بالكونجرس الأمريكي.
اكبر عدد من المسلمين والعرب الأمريكيين المتقدمين للترشح للانتخابات يتركزون في ولاية ميتشيجان، حيث اكبر جالية عربية متاصلة الجذور في الولاية لأكثر من 150 عاماً.
وهذا العدد هو الأكبر من نوعه على المستوى الوطني، أو المحلي منذ أحداث 11 سبتمبر/‏ أيلول 2001، وعزت «اسوشيتدبرس» هذا الارتفاع في العدد إلى السياسات المناهضة للمسلمين التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب، وتصريحاته، وأنصاره ضد المسلمين.
وكان لافتاً ترشيح الحزب الديمقراطي العربية المسلمة من أصل فلسطيني رشيدة طليب للدائرة 13 التي تضم مناطق من ديترويت، وأحياء تابعة لها بولاية ميتشيجان، وهي واحدة من أكبر مراكز المسلمين والأمريكيين العرب بالولايات المتحدة على مقعد بمجلس النواب.
ورشيدة ذات حظ أوفر بالفوز من نظرائها ذوي الأصول العربية؛ نظراً لأنها لن تواجه أي مرشح جمهوري في الانتخابات، ومن شبه المؤكد أن تفوز بالمقعد.
ولدت المرشحة الفلسطينية في ديترويت، وتحظى بدعم روابط المعلمين، والممرضين، وتجار التجزئة في الولاية، حيث يرتكز برنامجها على حل مشكلات المرأة والطفل والرعاية الصحية، حيث ينتمي أغلب سكان الدائرة 12 لأصول إفريقية، وهي واحدة من أفقر الدوائر في ولاية ميتشيجان.
كما تتنافس في الدائرة 11 لولاية ميتشيجان فيروز سعد، الأمريكية من أصول لبنانية، وأربعة مرشحين للفوز ببطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الدائرة في 6 نوفمبر/‏ تشرين الثاني المقبل. وفيروز هي أمريكية عمرها 35 عاماً، ولدت ونشأت في مدينة ديربورن، وتخرجت في جامعة ميتشيجان في تخصص العلوم السياسية، وأخرى في علم النفس. تنتمي المرشحة إلى أصول عربية لبنانية، ما دفعها للترشح لتكون بمثابة صوت للأقليات، حسب قولها لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية، وقد سبق لها تولي منصب مدير شؤون الهجرة بمجلس مدينة ديترويت، كما عملت في وزارة الأمن الداخلي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وستصبح فيروز أول مسلمة في تاريخ مجلس النواب في حال فوزها بمقعد الدائرة 11. وقالت فيروز في تصريح ل«اسوشيتدبرس»: «يجب أن ننهض وأن نكون أصواتاً معبرة عن مجتمعاتنا، بدلا من أن ننتظر الآخرين لأن يتكلموا باسمنا، أو بالنيابة عنا». بينما يخوض الطبيب ذو الأصول المصرية عبد الرحمن عبد السيد، المنافسة على منصب حاكم ولاية ميتشيجان. ويسعى عبد الرحمن للفوز بترشيح الديمقراطي للمنافسة على منصب حاكم الولاية، في مقابل 3 منافسين هم جريتشين ويتمر زعيمة الديمقراطيين السابقة بمجلس شيوخ الولاية، واليساري شري ثانيدار. وحاول منافسوه الجمهوريون إلصاق تهمة الإسلام السياسي به، وقد أدان السياسيون في الولاية هذه الاتهامات التي لا أساس لها، وتحاول استغلال «رهاب الإسلام» (الإسلاموفوبيا) للحط من قدر المرشح، أو تحقيق نصر عليه.
وعبد الرحمن من مواليد أكتوبر/‏ تشرين الأول ١٩٨٤ بمدينة ديترويت، وحاصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة إكسفورد، ومتزوج من أمريكية تُدعى سارة.
وتنافس العربية المسلمة ديدرا عبود، للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية اريزونا. وتحدثت ديدرا إلى «اسوشيتدبرس»، وقالت إنها أطلقت ضدها تصريحات تنم عن كراهية، وشددت على أنها لا يمكن أن تتجاهل أو تدعي أنها لم تسمع بها، وأن مثل هذه الأشياء القبيحة تمر بعد الآن.
وترشحت ريجينا مصطفى لمنصب عمدة روشيستر بولاية مينيسوتا، وقد تلقت تهديدين مناهضين للإسلام وضعهما «مخترقون» على حساباتها للتواصل الاجتماعي.
ويأمل مرشحان مسلمان أن يحلا مكان الجمهوري كيث اليسون - أول نائب في الكونجرس الأمريكي، بعد أن تحول إلى أن يكون النائب العام لولاية مينيسوتا. والمرشحان هما: أول محامية أمريكية من اصل صومالي الهان عمر، والناشط الأمريكي من اصل صومالي جمال عبدالله.
وينافس عمر قدرات (جمهوري) في سان دييجو للفوز بمقعد في الكونجرس، في مواجهة الديمقراطي سكوت بيكرز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"