عادي
الأمر أكبر من مجرد سوء فهم بينهما

فرنسا وإيطاليا.. العين على نفط ليبيا

04:29 صباحا
قراءة 10 دقائق
اعداد: محمد هاني عطوي

من أهم أسباب تعقد الصراعات الداخلية في الدول، التدخلات الخارجية من جانب القوى الدولية، والتي لا يهمها في نهاية الأمر سوى تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية على حساب مواطني الدول، التي تدور على أرضها هذه الصراعات.
هذا الأمر يبدو جلياً في الصراع العنيف الذي يجري بين فرنسا وإيطاليا؛ للسيطرة على ليبيا وكأنها ما زالت مستعمرة؛ حيث تريد القوتان الأوروبيتان ، أن تعودا إلى استغلال وتسخير ثروات الشعب الليبي لمصالحهما ، كما كان الحال الاستعماري قديماً.. وسبب الصراع معروف بالطبع؛ وهو السيطرة على النفط الليبي، وإقامة قواعد عسكرية في الأراضي الليبية، وليس الهدف استقرار أو تطوير وتحديث ليبيا !
الصراع بين باريس وروما اتخذ أبعاداً خطرة في الآونة الأخيرة، وصلت إلى حد تبادل الاتهامات في بيانات رسمية، وهو شيء نادر الحدوث بين قوى أوروبية تعد «ديمقراطية» واعتادت أن تتكتم على خلافاتها وتحلها بالطرق الدبلوماسية دون أن تظهر ذلك إلى العلن.
ربما أعاد المؤتمر الدولي، الذي احتضنته باريس أوائل أغسطس/‏‏آب الماضي حول الأزمة الليبية، التنافس الفرنسي الإيطالي إلى الواجهة، وسط اتهامات متبادلة بالسعي لاستغلال الأزمة الليبية؛ لضمان موطئ قدم ثابت في هذا البلد الغني بالنفط.
الأطراف المتنافسة الليبية، التي التقت في باريس جاءت للاتفاق على خريطة طريق تهدف إلى حل القضايا المتنازع عليها؛ لإجراء انتخابات تدعمها الأمم المتحدة هذا العام. ودعت باريس، ممثلين عن 19 دولة معنية بالملف الليبي؛ منها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وإيطاليا، والدول المجاورة لليبيا مصر وتونس وتشاد والقوى الإقليمية الإمارات وقطر والكويت وتركيا والجزائر والمغرب.

«اقتناص» فشل إيطاليا

لكن التحركات الفرنسية، التي تشير بشكل صريح إلى رغبة باريس في إدارة الملف الليبي، أثارت غضب روما، التي اعتبرت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أراد من خلال هذا المؤتمر البحث عن دور يمكّنه من «اقتناص» فرصة فشل إيطاليا في الملف الليبي؛ عبر جمع فرقاء الأزمة الليبية، في محاولة للوصول إلى اتفاق تاريخي بينهما ينهي الصراع.
كانت صحيفة «لوبينيون» الفرنسية،قد كشفت منذ أسابيع أن المشاورات السرية في إطار المبادرة الفرنسية أثارت غضب إيطاليا، التي تم استبعادها من المفاوضات، وذهبت صحيفة «إل جورنالي» الإيطالية، في المقابل، إلى اتهام ماكرون بمحاولة «الاستيلاء على ثروات ليبيا»، مشيرة إلى ما قالت إنها أطماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ثروات المستعمرة السابقة وثرواتها الغنية، في خضم الفوضى الليبية والفوضى الإيطالية. واتهمت الصحيفة الإيطالية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسعي لضرب المصالح الإيطالية في ليبيا، وخاصة في حقول الغاز والنفط.

الكعكة الليبية

وفي تعليقه على هذا الصراع، قال عبد الستار حتيتة المتخصص في الشأن الليبي في تصريحات صحفية: «إن اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقصر الإليزيه مع الفرقاء الليبيين هو مجرد تنافس بين فرنسا وإيطاليا، ليس لليبيين فيه أي مصلحة»، مضيفاً أنه مجرد صراع على الكعكة الليبية ليس أكثر.
وأوضح حتيتة، أن هذا الاجتماع، والذي عقد منذ أسابيع جاء بعد أن قامت شركة إيطالية من أعمدة الاقتصاد في إيطاليا بالاستثمار داخل ليبيا، إضافة إلى أن فرنسا لديها شركة قوية أخرى تعمل في المجال نفسه؛ ما أشعر الحكومة الفرنسية ب«الغيرة»، فنظمت هذا الاجتماع؛ للضغط على الحكومة الليبية؛ لوقف عمل هذه الشركة.
من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة، إن المبادرة الفرنسية لن يكتب لها النجاح لعدة أسباب؛ أهمها إهمال بعض الدول الفاعلة في المشهد السياسي الليبي، والتي تنافس فرنسا على الفاعلية في ليبيا مثل إيطاليا.
وأوضح فحيمة، بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي، «فيسبوك»، أن المبادرة لم تأت بجديد، وإنما أخذت بعض المطالبات ووضعتها في صورة نقاط في شكل مبادرة مثل توحيد الجيش، إضافة إلى الانتخابات والاستفتاء على الدستور وهو -أيضاً- مطلب ينادي به الليبيون ويبحثون عن آلية لتطبيقه منذ فترة. ويرى المراقبون أن فرنسا تسعى من خلال «دخولها القوي» في الملف الليبي، إلى تعزيز وجودها في المنطقة؛ من خلال إقامة تحالف محوري مع دولة بترولية غنية مثل ليبيا.
من جهتها، ترغب إيطاليا، في المقابل بالحصول على النصيب الأكبر من السوق الليبية، وتأمين أسواق مستقبلية لإصلاح اقتصادها المتردي. وتأمل روما، حسب رأي المراقبين، تأمين تحرك أفضل في ليبيا على الصعيدين السياسي والأمني، إلى جانب إدارة ظاهرة الهجرة؛ لقطع الطريق على بعض القوى الإقليمية وفي مقدمتها فرنسا من الانفراد بالملف الليبي.
وترتكز السياسة الإيطالية في ليبيا، حسب المسؤولين في روما، على ثلاثة مسارات: أهمها دعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ومساعدة الفصائل الليبية في التوصل إلى توافق، والحفاظ على موقف دولي موحد بشأن التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة.

أهداف مختلفة تماماً

ومن ليبيا إلى سوريا، ومروراً بقضية الهجرة، تبقى أهداف باريس وروما مختلفة تماماً. فماكرون يتطلع من جهته إلى دور قيادي في أوروبا، وينتهج سياسته الخاصة تجاه روما والاتحاد الأوروبي المنقسم. وقد تحدث موقع «سبوتنيك» الروسي عن هذا الوضع مع ميشلا ميركوري، أستاذة التاريخ المعاصر لبلدان البحر المتوسط في جامعة بجامعة ماسيراتا بإيطاليا ومؤلفة كتاب «ليبيا غير المعروفة» («إنكوغيتا ليبيا») فقالت: في زيارته للولايات المتحدة، أراد إيمانويل ماكرون إظهار الدور الكبير الذي يلعبه في أوروبا، واستغلال الفراغ الذي خلفه الاتحاد الأوروبي الضعيف. وعندما نحلل الأهداف الاستراتيجية لإيطاليا وفرنسا، والتي لا تزال بعيدة كل البعد عن التوافق نجد أن البلدين في مواجهة حامية للغاية؛ بسبب النفط وهذا منذ العام 2011، عندما كانت فرنسا تسعى للوصول إلى النفط الليبي.
وترى الباحثة أنه عندما مرض الجنرال خليفة حفتر، تم نقله بشكل عاجل إلى باريس، التي على ما يبدو كانت تتوق لمثل هذه اللحظة؛ لتعلن أنه لم يعد قادراً على الحكم. ومن هنا ينبغي على إيطاليا حسب رأيها التركيز بشكل أكبر على المسألة الليبية. فإيطاليا لها في ليبيا سفارة و300 شخص يعملون ضمن عملية «هيوبوكرات» الإنسانية، وقد أراد وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي بهذه العملية، أن يثبت قدماً لإيطاليا في ليبيا من الناحية الدبلوماسية على الأقل، وتوصل إلى اتفاقات مع عدد من القبائل.
وفي إشارة إلى التدخل الأخير في سوريا؛ حيث لعبت فرنسا أحد الأدوار القيادية هناك، ترى ميشلا ميركوري، أن مواقف باريس وروما لا تتطابق أيضاً حول هذا الموضوع. في هذه العملية، لم تتردد فرنسا في ممارسة سياسة تتناقض مع سياسة روسيا، ما أدى إلى تفاقم التوترات.
وفي معرض إبرازها للطبيعة المتفجرة للوضع في المنطقة، قالت ميركوري: إنه من المهم إيجاد حل سريع. ومن العقبات الأخرى في العلاقات الثنائية بين فرنسا وإيطاليا، مشكلة تدفق المهاجرين عبر ليبيا. فقد وعدت فرنسا مراراً وتكراراً سواء في قمة تاورمينا في العام الماضي أو خلال الاجتماع الأخير في روما مع رئيس الوزراء باولو جنتيلوني بمساعدة إيطاليا على تعزيز الشراكة الفرنسية الإيطالية بشأن قضية المهاجرين.
كما وصفت ميركوري، البعثة إلى النيجر بأنها «صفعة من فرنسا إلى إيطاليا»؛ حيث رفضت فرنسا نشر قوة عسكرية إيطالية كان من المقرر إرسالها إلى البلد لمحاربة الإرهاب والهجرة غير القانونية.

حجة مواجهة الإرهاب

الصحفية ألكسندرا سافينا من الموقع الإخباري «أوروبا-1» تتساءل في مقال لها عن سبب مشاركة إيمانويل ماكرون في القضية الليبية؟
وتشير سافينا إلى أن الاجتماع بين فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة وخليفة حفتر، الذي يرأس الجيش الوطني الليبي، ويسيطر على شرق البلاد؛ بناء على مبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان حاسماً. فبمجرد وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه، جعل من استقرار ليبيا إحدى أولوياته، فيما يتعلق بالسياسة الدولية؛ ولذا قال وزير خارجيته جان-إيف لو دريان في مقابلة مع صحيفة «لوموند» في يونيو/‏‏حزيران الماضي: «لا يمكن لفرنسا أن تظل في موقفها الخامل وليبيا أولوية لرئيس الدولة. والهدف بالنسبة له واضح: تحقيق الاستقرار في البلاد، التي تعاني الخلافات العنيفة بين الفصائل العسكرية منذ سقوط ووفاة القذافي في أكتوبر/‏‏تشرين الأول 2011.
ويبدو أن الاتفاق على وقف لإطلاق النار، كان تقييداً «للقوات المسلحة؛ إذا لم يكن الأمر موجهاً لمكافحة الإرهاب» مع نية عقد انتخابات في ربيع عام 2018.. وترى سافينا في مقالها أن الجمع بين هذين الرجلين القويين في البلاد والحصول منهما على خريطة طريق، هو نجاح دبلوماسي بالنسبة للرئيس الفرنسي. خاصة أن إيمانويل ماكرون صرّح عقب ذلك الاجتماع: «أعتقد أن قضية السلام في ليبيا اليوم حققت تقدماً كبيراً» مضيفاً «إنني أؤمن بشدة بأن الحرب الأهلية أمر يمكن تفاديه، ومن خلال الحوار، يمكن أن يسود السلام هناك. وهذا ما فعلناه اليوم للشعب الليبي، ومن أجل استقرار المنطقة وإنجاح الكفاح الدؤوب لتقويض الإرهاب».
ولكن هل الملف الليبي مهم لفرنسا من أجل مكافحة الإرهاب فقط ؟
الواقع أن خريطة الطريق التي وقعت في ذلك الاجتماع كان لها آثارها الأمنية على منطقة الساحل وأوروبا. وهي تحث الزعيمين الليبيين على تصعيد عملهما ضد الإرهاب والاتجار بالأسلحة؛ لأن تنظيم «داعش» راسخ الوجود في ليبيا على الرغم من هزائمه العسكرية الأخيرة فضلاً عن مكافحة الاتجار بالبشر، الذي أخذ يزدهر منذ عام 2011، مع عبور آلاف اللاجئين من غرب إفريقيا إلى شرقها وصولاً إلى ليبيا قبل محاولة الوصول إلى أوروبا. ولإدارة أزمة الهجرة وتدفق اللاجئين، يتعين على أوروبا التعاون مع السلطات الليبية؛ وكذلك لتحقيق الاستقرار في البلاد. ولذا صرّح ماكرون: «إذا لم ننجح في هذه العملية، من خلال وقف المخاطر الإرهابية، والحد من موجات المهاجرين فإن العواقب على بلادنا ستكون مباشرة».
وتتساءل سافينا ما إذا كان الإرهاب هو الحجة الدائمة لذلك الاتفاق، وهل يعد ذلك انتصاراً لجان إيف لو دريان؟
الحقيقة أنه باستقبال السراج وحفتر، يكون إيمانويل ماكرون قد انضم إلى الخط «البراغماتي» الذي طالما دافع عنه الاشتراكي جان إيف لو دريان خلال السنوات الخمس الماضية، التي قضاها في وزارة الدفاع، وكان في نزاع مع وزارة الخارجية، التي كانت تعدم سياسياً زعيم حكومة الوفاق الوطني. دافع جان إيف لو دريان عن إدراج قائد الجيش في اللعبة السياسية الليبية، باسم الحرب على الإرهاب و«الواقع على الأرض» في بلد مزقته الميليشيات. لكن يبدو أن هذا الاتفاق ولّد بعض التوتر مع إيطاليا المستعمر السابق لليبيا، التي لم تنظر بعين الرضا لاجتماع الإخوة الأعداء في ليبيا تحت رعاية فرنسا؛ ولذا حذرت روما فرنسا، وحثتها على «تجنب الأخطاء الدرامية لساركوزي، التي تسببت في وقوع كوارث في ليبيا» خاصة أن زيارة جان إيف لو دريان إلى إيطاليا في تلك الآونة لم تكن كافية؛ لتهدئة مخاوف الطرفين.
والسؤال المطروح الآن: هل كانت هذه الاتفاقية كافية لتحقيق الاستقرار في البلاد؟
الواقع أن خريطة الطريق هذه كانت مدعومة من قبل المجتمع الدولي وكدليل على ذلك، وجود وسيط الأمم المتحدة الجديد في هذه القضية اللبناني غسان سلامة في سيل-سان-كلود؛ لكن كان ينبغي تنفيذ الاتفاقية التي تبين أنها معقدة على أرض الواقع؛ فالميليشيات الليبية الكثيرة التي يقودها أمراء الحرب المحليون لم تلتزم بأي شكل من الأشكال بتطبيقها ولا حتى في معسكرات الرجلين القويين في البلاد سراج وحفتر؛ فثمة انقسامات حول الاستراتيجية التي ينبغي تبنيها على الأرض. وليس من قبيل المصادفة أن خريطة الطريق هذه قد تم الاتفاق عليها ببساطة من قبل الطرفين، ولم يتم التوقيع عليها بشكل رسمي.

علاقة سوء الفهم

مجلة «لو فيغارو» الفرنسية في عددها الصادر منتصف أغسطس الماضي ، رأت في افتتاحية لها أن سوء الفهم والريبة لا يزالان يسودان العلاقات بين فرنسا وإيطاليا في ما يتعلق بالسبيل الأفضل لإدارة الفوضى السائدة في ليبيا. وجدد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني تأكيده في مقابلة مع«لو فيغارو» أن أي تدخل في المرحلة الحالية أو القادمة سيكون غير ممكن لا بل سيكون خطأ فادحاً. ولا تبدو فرنسا وفقاً ل«فيغارو» تتبنى الرأي نفسه؛ فرئيس وزرائها إيمانويل فالس ذكّر بضرورة «محاربة وتدمير» «داعش» «في سوريا والعراق ولا شك غداً في ليبيا». وجاء في افتتاحية لصحيفة الأعمال «ايل سول 24 اوري» الإيطالية أن «الخطر يكمن في أن تواصل إيطاليا الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وتدعم حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، بينما تريد دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا حرق المراحل». وأشارت الافتتاحية إلى هدف غير معلن للفرنسيين؛ وهو ضمان مواقع قوة في قطاع الطاقة في ليبيا، مكررة بذلك الأخطاء التي أدت في العام 2011 إلى الفوضى المنتشرة الآن.
وعلّق الخبير في شؤون الدفاع لدى معهد العلاقات الخارجية في روما جان- بيار دارني لوكالة «فرانس برس» والمتخصص في العلاقات بين إيطاليا وفرنسا «أن الإيطاليين يبالغون في القلق» وأن ثمة سوء فهم بين البلدين؛ نتيجة التدخل العسكري الفرنسي البريطاني في العام 2011 الذي لم يفهمه الآخرون كما يجب.
ومما زاد من «سوء الفهم» هذا، الصمت الذي تواجه فيه حكومة ماتيو رنزي طلبات الدعم العسكري التي تقدم بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند؛ بعد اعتداءات باريس في نوفمبر/‏‏تشرين الثاني الماضي. ويبدو أن تردد إيطاليا يأتي من موقفها الداعي إلى السلام كما ينص عليه دستورها، في المشاركة في حرب. ويذكر جنتيلوني باستمرار بأن بلاده على قناعة بأن اللجوء إلى السلاح لا يحل شيئاً، وتفضل مقاربة تقوم على السياسة والديبلوماسية. وبالتالي، تنتظر إيطاليا تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية في ليبيا وأن تتقدم هذه الأخيرة بطلب للمساعدة قبل أن تتدخل في طرابلس؛ لكنها لن تذهب بعيداً إلى حد «ضرب» «داعش» كما تريد فرنسا.
ومما يجسد المواجهة الكلامية بين فرنسا وليبيا ما قالته وزيرة الدفاع الإيطالية التي لا تعجبها سياسات باريس؛ حيث قالت قبل زيارتها إلى ليبيا: إن روما هي القادرة على قيادة الدولة الليبية.. وقيادة ليبيا بيد إيطاليا!! واتهمت صحيفة «الجورنال» الإيطالية فى تقرير لها «ماكرون فرنسا» بالسعي للاستحواذ على ثروات ليبيا مستغلاً الفراغ السياسي الحالي في إيطاليا.. بما يعنى أن أهداف فرنسا «شريرة» وأن أهداف إيطاليا «نبيلة» ولا تهتم بنفط ليبيا أو إقامة قواعد عسكرية فيها وإنما مساعدة الشعب الليبي فقط.. !

حوار وطريق مسدود

ميشال ميركوري ، أستاذة التاريخ المعاصر لبلدان البحر المتوسط في جامعة بجامعة ماسيراتا بإيطاليا تستنتج، أن العلاقات بين فرنسا وإيطاليا وصلت إلى طريق مسدود؛ لأن حكومة إيطاليا ما تزال تبحث عن تقوية مركزها. فعلى سبيل المثال، تدعم إيطاليا زعيم حكومة الوحدة الوطنية بزعامة فايز السراج، بينما تدعم فرنسا المشير خليفة حفتر. في الواقع، ومن خلال بيع أسلحتها لحفتر، تريد باريس أن تستقر في برقة؛ للبحث عن موارد النفط واستكشافها.
ويبدو أن فرنسا تبحث بالفعل عن خليفة لخليفة حفتر؛ لتأمين موقعها في برقة. وتقول ميشلا ميركوري: إن باريس تواصل الدفاع عن مصالحها الوطنية في ليبيا على حساب وحدة هذا البلد الإفريقي، وبالطبع على حساب سياسة موحدة مع إيطاليا.
والواقع أن إيطاليا أعربت، في شخص رئيس الحكومة، باولو جنتيلوني، عن دعمها لحلف شمال الأطلسي، ولكن من ناحية أخرى، فإن ماتيو سالفيني والعديد من الشخصيات الأخرى التي تطمح إلى منصب رئيس الوزراء لديها، أعلنت بوضوح عن معارضتها لهذا التدخل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"