عادي
خلال محاضرة في دار الندوة في الشارقة

علاقة الخط بالموسيقا كعلاقة الشعر بالعروض

01:37 صباحا
قراءة دقيقتين

في إطار ملتقى الشارقة لفن الخط العربي، قدم عدنان الشيخ عثمان أستاذ فن الخط العربي في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، صباح أمس محاضرة في دار الندوة في الشارقة تحت عنوان علاقة الخط العربي بالأدب والموسيقا أوضح فيها أن الخط العربي تحول مع مرور الزمن من مجرد وسيلة للكتابة ووعاء للعلوم إلى فن تجريدي راق قائم بذاته، مع بقاء وظيفته الأولى، مشيرا إلى أن عظمة هذا الفن تتجلى في كونه فنا عقليا بصريا صرفا، وهو بحق الفن التجريدي الأول منذ بداياته إلى أيامنا هذه، وذلك لخلوه من أي نوع من أنواع محاكاة الطبيعة بأحيائها وجماداتها، على عكس الفنون التشكيلية. فالخط العربي فن عسير التحصيل سريع التفلت، قائم في اصله على الصبر والمجالدة في الحك والتهذيب والإكساء والتنقيح والتعديل وصولا إلى أعلى الصيغ الجمالية الممكنة في بناء اللوحة الخطية. وقد يتساوى الخطاطون في المعارف النظرية الخطية المتعلقة بقواعد الخطوط وموازين حروفها، ولكنهم يتفاضلون في مدى الصبر الذي يختزنه كل واحد منهم.

وقال المحاضر إن سر الجمال في الخط العربي موقوف على ما تختزنه ذاكرة الخطاط من أشكال الحروف وتزييناتها وعلى قدرته التوفيقية بين ذاكرته الخطية ويده المنفذة، وهو ما يسمى اصطلاحا التصور البصري المكاني.

وحول علاقة الخط بالشعر والموسيقا أوضح المحاضر أن مستقر الفنون والآداب ومستودعها واحد هو القلب العاقل، لكن أساليب الوصول إليه تختلف من فن إلى آخر، فالموسيقا والأدب يصلان إلى القلب عن طريق إطراب منطقة الذوق السليم والارتقاء بها سموات اللطف الروحي من خلال قوة النص وجمالية الشكل الفني، والشاعر يتلمس مواطن الجمال حوله فيجند موهبته في تصويرها ويضفي عليها من خياله المجنح لمسات الإمتاع والسحر محاولا خلق نوع من وحدة الحال مع المتلقي.

وكما أن الشاعر يوظف البحور الشعرية حسب نوعية الغرض الذي يرتبط به شعره، فكذلك الموسيقي يوظف المقامات الموسيقية حسب نوعية العمل الذي يلحنه، فإذا كانت الكلمات حماسية قوية لحنها في مقام الرصد أو البيات مثلا، وإذا كانت حزينة لحنها في مقام الصبا أو الحجاز أو اللامية، وإذا كانت من أغاني الأطفال لحنها في مقام العجم الذي يوحي بالفرح والحبور، وإذا كانت ترتبط بنجوى الحب والشوق والحنين لحنها في مقام الكرد أو النهاوند وهكذا.

والخطاط أيضا يوظف أنواع الخط حسب مضمون النص الذي هو بصدد كتابته، فإذا كان النص قويا خطه بالثلث الذي تخط به معظم اللوحات القرآنية، بينما خط التعليق يتلاءم مع النصوص الشعرية، والديواني مع النصوص الموجهة إلى الشخصيات المرموقة، والنسخ والرقعة لبساطتهما وسرعة أدائهما يلائمان المكاتبات اليومية. وتلت المحاضرة ورشة خطية قدمها المحاضر وحضرها جمع من تلاميذ معهد الشارقة لفن الخط العربي والخطاطين والمهتمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"