عادي
"ائتلاف إسلامي" عالمي يتبنى عدد ال 200 ألف للضحايا

مسؤول حكومي: النازحون 4 فئات وطرحنا عليهم 3 مقترحات للحل الإنساني

01:08 صباحا
قراءة 4 دقائق

ربما كان جيدا أن أي لقاء مع مسؤول سوداني حكومي كبير في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور لم يسنح ولم يتيسر، ذلك أن الخطاب الرسمي هنا بشأن قضية دارفور صار محفوظاً من فرط شيوعه وذيوعه . إنه لا يخفي أن هناك قضية أو مسألة في حاجة إلى حل إنساني وسياسي، غير أنه يرى كذبا وافترءات كثيرة في أحاديث الغرب عن اتهامات الحكومة بمعاونة وتسليح ميليشيات من قبائل عربية لمقاتلة وتهجير قبائل من أصول إفريقية في إقليم دارفور، ويصر على أن التهويل فادح بشأن أعداد القتلى والضحايا والنازحين . وللحق، ينصحنا مسؤولو مكتب الأمم المتحدة في ولاية جنوب دارفور بالتعاطي بحذر وتحرز شديدين مع الأرقام الشائعة والأرقام التي تصدر عن أي جهة سواء كانت الأمم المتحدة أو الحكومة أو غيرهما . وبات معلوما أن العدد الذي تردده وكالات الأنباء الأجنبية ووكالات ومنظمات غربية عديدة، باعتباره حقيقة لا تشكّك فيها، هو أن 200 ألف قضوا في القتال الأهلي منذ أزيد من خمس سنوات، واللافت أن هذا العدد لا ينقص ولا يزيد منذ نحو ثلاث سنوات .

وفيما تؤثر الحكومة السودانية عدم التركيز على تفاصيل المأساة الإنسانية وعيش النازحين البائس في المعسكرات المنتشرة في ولايات الإقليم الثلاث، على الرغم من أنها التي تيسر التصاريح للصحافيين لزيارتها، كما قام بذلك مكتب الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام ل الخليج وزملائها في الوفد الإعلامي القادم من الإمارات والهند، فيما تؤثر ذلك، فإن كبار مسؤوليها يشيعون أن القتلى الضحايا هم نحو عشرة آلاف على الأكثر في السنوات الخمس الماضية، أي منذ الهجوم المسلح الذي قام به متمردون من حركة تحرير السودان على حامية عسكرية في مطار الفاشر في ولاية شمال دافور في مارس/آذار 2003 وقد لفت إلى هذا العدد الرئيس السوداني عمر البشير في مؤتمر صحافي في دبي الشهر الماضي، وكذلك مساعده ومستشاره الأبرز ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني نافع علي نافع في تصريحات له في طوكيو الشهر الماضي أيضا .

وكان لافتا قبل يوم من انعقاد مؤتمر القمة العربية في دمشق، أن نداء صدر عن جماعات في ائتلاف إسلامي عالمي إلى جامعة الدول العربية، من أجل أن تساهم في حل الصراع الدائر في دارفور على أنها تتبنى أيضا عدد المائتي ألف، وهو العدد لذي لا مجازفة في القول هنا إن فيه مبالغة مفرطة .

لا تحتل أذهاننا هذه المسألة في جلسة سريعة مع مدير إدارة العلاقات الدولية في الأمانة العامة لحكومة ولاية جنوب دارفور محمد محمد صالح أبّو، نخبره بما رأينا وسمعنا في معسكرات سريف وساكلي وساكلي الجديد للنازحين . ويعقب موضحا أن وجود آلاف السودانيين في هكذا أمكنة وفي تلك الظروف الشنيعة والبائسة أمر لا يسر أحداً أبداً، لا في الحكومة ولا في أي جهة أياً كانت مواقفها . ويفيدنا بأن حكومة ولاية جنوب دارفور طرحت على النازحين في المعسكرات في الولاية ثلاثة خيارات لحل أوضاعهم غير الإنسانية: أولها أن يكونوا ضمن مخططات المدينة، بإعطائهم قطع أراض مع الاحتفاظ بحقوقهم في التعويضات عما فقدوا، ومع الاحتفاظ أيضا بأراضيهم التي نزحوا منها . ثانيها أن يعودوا إلى مناطقهم طوعا، وأن توفر الدولة السودانية الأمن والحماية والصحة والتعليم والخدمات لهم، وتمكنهم من أراضيهم والتعويض عما فاتهم وفقدوه . ثالثها أن يبقوا في المعسكرات القائمة، ويتم توفير المساعدات والمعونات لهم إلى أن يتم حل المسألة . ويفيدنا أبّو أنه تم تخصيص 600 ألف قطعة أرض سكنية للنازحين، وأن منهم من استجاب لمقترح إعطائهم السكن ومن لم يستجب . ويقول إن النازحين في معسكرات اللجوء في دارفور، ومنهم الذين في ولاية جنوب الإقليم، يتوزعون على أربع فئات: حقيقيون، وضعيفو النفوس يقيمون في المعسكرات للاستفادة من الخدمات الإنسانية، وخارجون عن القانون، ومرتبطون بحركات التمرد . وفي روايات جميع هؤلاء بعض الصدق وتهويل كثير، وبعضهم ملقّنون . ويشير إلى أن عمارة في وسط نيالا من خمس طوابق يقيم صاحبها في معسكر للنازحين (!) .

يشدد أبّو على إيضاح أن حركة التمرد المسماة حركة تحرير السودان كانت في الأصل حركة لتحرير دارفور من العنصر العربي، في الوقت الذي يصعب تماما تمييز العربي من ذي الأصل الإفريقي في الإقليم، وكلاهما مسلمون . ويسأل عن سبب عدم إشراك القبائل العربية التي تعد الأكثرية في الإقليم في مسألة التحرير هذه، طالما أن من الشعارات المرفوعة رفع الغبن والظلم والتهميش عن الإقليم الفقير، بالنظر إلى أن هذه العوارض تقع أصلا على الجميع . ويقول المسؤول الحكومي في ولاية جنوب دارفور إن هناك من تدربوا لدى الحكومة على السلاح لكنهم حملوه ضد الدولة ومرافقها بعد أن انتسبوا إلى التمرد . ويوضح أيضا أن القبائل العربية في الإقليم هي التي ألجمت التمرد، وأن القوات الحكومية تستهدف كل المتمردين أينما كانوا، وأن كلمة الجنجويد لم تظهر على المسرح الدولي إلا بعد أن انكسرت شوكة التمرد .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"