عادي

روسيا تعيد بناء جيشها

05:13 صباحا
قراءة 4 دقائق

كتب رئيس الوزراء الروسي، مرشح الرئاسة، فلاديمير بوتين، في صحيفة روسيسكايا غازيتا الروسية، (19/2/2012)، مقالة بعنوان: يجب أن نكون أقوياء: ضمانات أمن روسيا القومي . . وقد أوضح فيها أن السبيل الوحيد لضمان الأمن القومي الروسي، هو تعزيز القوة العسكرية . . ومع احتمال وصول بوتين إلى سدة الرئاسة في الانتخابات القادمة، يمكن اعتبار أفكاره في تلك المقالة، جزءاً من خطوط عريضة لاستراتيجيةٍ روسية في المرحلة المقبلة. وما يلي عرض ملخص للمقالة، كما نشرته مجلة فورين بوليسي، (21/2/2012) .

كتب بوتين: في عالم يسوده الهيجان والاضطرابات، تساورُ المرءَ في العادة، الرغبةُ في حل مشاكله على حساب غيره، من خلال الضغط واللجوء إلى القوة .

ولا عجب والحالة هذه، في أن البعض يدْعون إلى تحرير الموارد ذات الأهمية العالمية من الخضوع للسيادة الحصرية لدولة منفردة . ولكن هذا لا يمكن أن يحدث لروسيا، حتى على سبيل الفرض والتخمين . وبكلمات أخرى، ينبغي علينا ألا نثير أطماع أحدٍ بنا، بالسماح لأنفسنا بأن نكون ضعفاء . ولن نتخلى- تحت أي ظرف من الظروف- عن قدرتنا الردعية الاستراتيجية . بل سوف نعززها .

ويمضي بوتين إلى القول: لن نكون قادرين على تعزيز وضعنا الدولي أو تطوير اقتصادنا أو مؤسساتنا الديمقراطية إذا كنّا عاجزين عن حماية روسيا .

ويضيف: إننا نشهد حروباً إقليمية ومحلية تندلع . ونرى مناطق جديدة يُزعزَع فيها الاستقرار، وتُنشَر الفوضى عن عمد . كما تُبذَل محاولات لإثارة مثل تلك الصراعات حتى قريباً من حدود روسيا وحلفائها . ويُستهان بالمبادىء الأساسية للقانون الدولي، وتُداس تلك المبادئ، وما يتعلق منها بالأمن الدولي على وجه الخصوص .

وفي ظل هذه الظروف، لا تستطيع روسيا الاعتماد على الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية وحدها لحل الصراعات، كما يقول بوتين، ويتابع قائلاً: تقع على عاتق بلادنا مهمة تطوير إمكاناتها العسكرية بدرجة كافية، كجزء من استراتيجية ردعية . ويشكل ذلك شرطاً لا غنى عنه لروسيا لكي تشعر بالأمن، ولشركائنا لكي يصغوا إلى حُجج بلادنا.

ويقول بوتين: لقد تبنّينا برامج غير مسبوقة لتطوير قواتنا المسلحة وتحديث صناعة روسيا الدفاعية، ونقوم بتنفيذ تلك البرامج . وسوف نخصص نحو 23 تريليون روبل لهذه الأغراض على مدى العقد المقبل . ولكن ذلك ليس عسكرة للميزانية الروسية على أية حال .

وينبغي أن يكون هدفنا بناء جيش محترف بالكامل . ويجب أن يتسنى للعاملين فيه حزمة كاملة من الخدمات الاجتماعية الملائمة لمسؤوليتهم الاجتماعية الجسيمة .

ومن الواضح أنه قد جرى قدر كبير من النقاش حول حجم وتوقيت هذا التمويل واسع النطاق . ولا يمكن تأخير هدف خلق قوات مسلحة حديثة، وتعزيز قدراتنا الدفاعية بصورة شاملة .

ويضيف بوتين قائلاً: إن مراكزنا ومشاريعنا الدفاعية قد افتقرت إلى العديد من دورات التحديث في السنوات الثلاثين الماضية . ومع ذلك فقد قطعنا شوطاً واسعاً في إعادة تشكيل الجيش . وتم تشكيل قوات عالية الجاهزية، مأهولة بجنود متعاقدين في جميع المجالات الاستراتيجية . وتم استحداث وحدات مكتفية ذاتياً . وقد نفذت وحدة من هذا النوع مهمة فرض السلام في جورجيا سنة ،2008 ودافعت عن شعبيْ اوسيتيا الجنوبية وابخازيا .

واستأنف أسطولنا البحري تواجده في مناطق استراتيجية في محيطات العالم، بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط . ويتساءل بوتين قائلاً: ما الذي يخبئه المستقبل لنا؟ ويمضي قائلاً: إن احتمال حدوث حرب عالمية بين قوى نووية ليس عالياً، لأن ذلك يعني نهاية الحضارة . فلا أحد يجرؤ على شن عدوان واسع النطاق علينا .

وبناءً على ذلك، ستغدو الأسلحة الفائقة الدقة، بعيدة المدى، شائعة بصورة متزايدة . وسوف تلعب قدرات الدول العسكرية، دوراً مهمّاً، إن لم يكن حاسماً، في تحديد طبيعة الصراع المسلح، لمواجهة الأخطار الفضائية أو الأخطار المتعلقة بالمعلومات، وبخاصة في فضاء الاتصالات عبر الشبكات الحاسوبية .

ويقول بوتين: يجب علينا أن نتخذ خطوات حازمة لتعزيز دفاعاتنا الجوية . إننا نُدفع للتصرف، بسبب سياسات الدفاع الصاروخي التي تتبعها الولايات المتحدة وحلف الناتو . ويمكن ضمان توازن عالمي للقوى إمّا بقيامنا ببناء درع دفاعية صاروخية خاصة بنا- وتلك مهمة باهظة التكاليف وغير فعالة حتى الآن- أو بتطوير القدرة على التغلب على أي نظام دفاع صاروخي وحماية مقدرة روسيا على الردّ، وهو أمر أشدّ فاعلية بكثير . وسوف يكون ردّ روسيا العسكري والتقني على نظام الدفاع الصاروخي العالمي الأمريكي، وجزئه الأوروبي، فاعلاً وغير متماثل .

وبالمثل، ترغم النشاطات التي بدأتها القوى العسكرية الرائدة في العالم حول القطب الشمالي، روسيا على تأمين مصالحها في تلك المنطقة .

ويتابع بوتين قائلاً: يجادل البعض قائلين، إن إعادة بناء مؤسسة صناعاتنا العسكرية، سوف يُثقِل كاهل الاقتصاد بعبء ضخم، وهو العبء ذاته الذي أدى إلى إفلاس الاتحاد السوفييتي . ولكنني على ثقة من أن ذلك وهم خادع . فالاتحاد السوفييتي، انهار بسبب كبح قوى السوق الطبيعية في الاقتصاد، والتجاهل الطويل لمصالح الشعب . ونحن لا نستطيع أن نكرر أخطاء الماضي . ويضيف: إن الموارد الضخمة التي تُستثمَر في تحديث مؤسستنا الصناعية العسكرية، وإعادة تجهيز الجيش بالمعدات، لا بُدّ أن تشكل وقوداً لمحركات التحديث في اقتصادنا، إذ تخلق نموّاً حقيقياً، ووضعاً يمول فيه الإنفاقُ الحكومي وظائفَ جديدة، ويعزز الطلبَ في السوق، ويسهّل البحث العلمي .

ويقول بوتين: سوف نكون حازمين في استئصال الفساد من الصناعة الدفاعية والقوات المسلحة، وضمانِ حتميةِ عقابِ مَن ينتهكون القانون . فالفساد في قطاع الأمن القومي، يشكل خيانة في جوهره، ويجب علينا أن نعتمد على أحدث التطورات في فن الحرب . فالتخلف عن الركب يعني أن نكون عرضة للخطر، وأن نجازف ببلادنا وبحياة جنودنا وضباطنا . . . والهدف هو تعزيز، لا إضعاف، اقتصادنا القومي، وخلق جيش وصناعة عسكرية يؤمّنان سيادة روسيا، واحترام شركائنا لنا، واستمرار السلام .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"