عادي

جولة العنف في مصر هل تكون الأخيرة؟

02:35 صباحا
قراءة 4 دقائق

مع دعوة الرئيس المصري، محمد مرسي المعارضة إلى الحوار من دون شروط، ومع إصرار الأخيرة على مثل تلك الشروط، وعلى الرغم من تلبية بعضها، قد لا تكون جولة العنف التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة، آخر الجولات، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية، كما تقول مجلة دير شبيغل، (7-12-2012) في عرضها لبعض ما جاء في افتتاحيات بعض الصحف الالمانية الأخرى .

كتبت دير شبيغل: شهدت مصر في الأسبوع الحالي أسوأ اندلاع للعنف منذ أطاحت تظاهرات الربيع العربي بنظام الرئيس السابق حسني مبارك قبل عامين . وقد قُتل ستة اشخاص، وجُرح مئات، عندما وقعت اصطدامات بين محتجين من المعارضة، وأنصار الرئيس محمد مرسي ليل الأربعاء . ومع التخطيط لإجراء مزيد من التظاهرات بعد صلاة الجمعة، ثمة مخاوف من تعمق الصدع بين الجانبين . وعلى الرغم من القلاقل، أصرّ الرئيس مرسي على موقفه في خطاب بثه التلفزيون الوطني ليل الخميس . وقال إنه مستعد للحوار مع المعارضة بدءاً من يوم السبت، ولكنه رفض المطالبات بإرجاء الاستفتاء المقرر في 15 ديسمبر/ كانون الأول على مسودة الدستور . .

ولكن زعماء المعارضة يقولون، إنهم لن يوافقوا على المحادثات ما لم تُبدل تلك التنازلات .

وقد هاتف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئيس مرسي ليل الخميس، للتعبير عن قلقه بشأن مَن أصيبوا في العنف . ووفق بيان أصدره البيت الأبيض، أوضح الرئيس الأمريكي، أن العنف غير مقبول وحثَّ كلاً من مرسي والمعارضة على المشاركة في الحوار من دون شروط مسبقة .

لكن الرئيس مرسي، دافع بغضب عن اجراءاته في خطابه المتلفز، قائلاً إنه يحرس الاستقرار في البلاد ويحمي المواطنين المصريين . ولكن قادة المعارضة، لم يعيروا دعوة مرسي إلى الحوار التفاتاً، واستمرت الاحتجاجات يوم الجمعة .

وتقول تعليقات الصحف الألمانية الصادرة يوم الجمعة، إن عدم رغبة الطرفين في التنازل، تجعل فرصة المصالحة تتضاءل .

وقد كتبت صحيفة سودويتشي تسايتونغ، يسار الوسط:

إن الشيء الوحيد الذي برهن عليه مرسي، مأمور الإخوان المسلمين الذي تسلم زمام رئاسة الدولة، هو عدم قدرته على تسهيل توحيد صفوف الشعب المصري البالغ 85 مليون نسمة . . . ونتيجة لذلك، نفد صبر المتظاهرين، وباتت أعمال الشغب تميل إلى أن تكون أكثر دموية، وأصبحت التظاهرات أمام القصر الرئاسي وفي ميدان التحرير تكلف خسائر في الأرواح مرة أخرى .

ولا يمكن الاعتماد على أي من الطرفين للتوصل إلى تفاهم، إذ تقوم المعارضة والحكومة، كلتاهما- بنقل الشجار إلى الشارع . وتُذكر دبابات الحرس الرئاسي التي تسير في شوارع القاهرة، بالواجهة الثالثة في مصر: وهي الجيش . وإذا عاد الجيش إلى المشهد، فسوف تنتهي التجربة السياسية المصرية برمتها، سريعاً- بالنسبة إلى الإسلاميين، والليبراليين معاً .

وكتبت صحيفة هاندلسبلات، المالية اليومية: على ضوء الاستقطاب الحالي بين الإسلاميين والفئات العلمانية، تجد مصر نفسها الآن في أزمة سياسية عميقة . وتساهم الأزمة في مفاقمة المشاكل الاقتصادية القديمة والحادة في البلاد، وتضعف دور مصر في المنطقة .

وفي النتيجة تبدو مصر مكتوباً عليها أن تدفع ثمناً غالياً للإطاحة السياسية بالدكتاتورية السابقة . وأن تعاني البلاد من حكم الإخوان المسلمين غير الكفء، ومن عدم نضج المعارضة في الوقت ذاته .

وكتبت صحيفة دي فيلت المحافظة: ثمة فكرة سائدة تلمح إلى أن السلطة المنفلتة، المكرسة لغاية واحدة، والتي لا تخضع للسيطرة، يمكن تبريرها . ففي البلدان التي لم تعرف سوى الاوتوقراطية والاستبداد على مدى عقود- وفق هذا المنطق- يكون الانتقال المباشر إلى دولة ديمقراطية دستورية أمراً مستحيلاً . بل يكون الانتقال خطراً، حتى، لأن مَن ليس لديهم أي خبرة في الحرية سوف يسيئون استعمالها، وستكون النتيجة، الفوضى وتجدد العنف . وهذا ما يجعل مثل تلك الدول، في حاجة إلى حاكم اوتوقراطيٍّ حسن النية، يقود الشعب بقبضة قوية، ويضعه ببطء شديد على الدرب الذي يفضي إلى الديمقراطية وتقاسم السلطة . وهذه هي حجة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على الأقلّ . وتبدو في شكلها الخارجي معقولة . ولكن الواقع مختلف جدّاً . فذلك المسار نحو الديمقراطية نادراً ما يفضي إلى غايته .

وتمضي الصحيفة قائلة: إن مرسي . . إسلامي، ولكنه لا يخوض حرباً مقدسة . بل هو سياسي بارع ظامئ إلى السلطة . وبهذه الصفة، ربما يكون مستعداً للتنازل . ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا كان يتعامل مع خصوم يعرفون ما يريد، وهو الأمر الذي ليس موجوداً في الواقع الحالي . وتضيف الصحيفة، أنّ الربيع العربي آخذ بالتحول إلى شتاء قاسٍ، لأنّ القوى السياسية في مصر، لم تنجح في كسب الوقت اللازم لعملية مفتوحة لتأسيس دولة ديمقراطية .

وكتبت صحيفة فرانكفورتر الماينه تسايتونغ المحافظة: العنف كوسيلة للمواجهة السياسية يتصاعد، وتهدئة الوضع لا تلوح في الأفق . والرهان كبير بالنسبة إلى كلا الطرفين . فالإخوان المسلمون لا يريدون أن يتخلوا عن السلطة التي اكتسبوها . وأنصار النظام القديم والناشطون العلمانيون يعرفون أنهم لن يتمكنوا في المستقبل المنظور، من التغلب عليهم عبر صناديق الاقتراع . ومستشارو الرئيس مرسي، يُصِرّون على حوار من دون شروط مسبقة . وعلى ذلك، فإن فرصة النجاح ضئيلة، لأن أياً من الطرفين ليس مستعداً للابتعاد عن مطالبه القصوى .

وما دام مرسي يصرّ على حوار من دون شروط مسبقة، وما دام الطرف الآخر مُصرّاً على مثل تلك الشروط، فلن يكون الحوار ممكناً . ويعتمد صعود مصداقية مرسي الآن، أو هبوطها، على ما إذا كان سيتمكن من إبعاد القضاة عن عالم السياسة، ويقطع الأسباب مع الماضي .

ويكمن صعود مصداقية مرسي الآن، أو هبوطها، تبعاً لما إذا كان يستطيع أن يبعد القضاة عن النشاط السياسي، ويجعلهم يقطعون الأسباب مع الماضي . ولكن تحقيق اللاحزبية يكاد يكون غير ممكن، في مثل هذا الجو المحتدم . ولذلك، سوف تستمر المواجهات جولة ثانية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"