عادي

هل ستعود روسيا إلى أفغانستان؟

03:39 صباحا
قراءة 5 دقائق

بعد نحو ربع قرن، من رحيل القوات السوفييتية عن أفغانستان، قد تعود روسيا إلى ذلك البلد عبر إقامة قواعد صيانة للمعدات العسكرية الروسية الصنع، بعد وقف الناتو عملياته هناك تدريجياً، في العام المقبل، كما يؤكد مسؤولون في وزارة الدفاع الروسية .

في صحيفة كريستيان مونيتور، (1-4-2013)، يشير فْريد وير، إلى قول رئيس دائرة التعاون الدولي في وزارة الدفاع الروسية، سيرغي كوشيليف: من المهم إبقاء أنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية للقوات المسلحة الأفغانية في حالة فعّالة .

ويضيف المسؤول الروسي قائلاً: إن موسكو في غاية القلق من أن أي تصعيد للوضع في أفغانستان، بعد سحب قوات الناتو عام ،2014 يمكن أن يكون له أثر سلبي على أمن كل من روسيا والدول الأوروبية الأخرى .

ويُصرّ الخبراء الروس، كما يقول الكاتب، على أن الأمر ليس محاولة للتغلب على النسخة الروسية من متلازمة فيتنام، أي التغلب على ذاكرة شعبية تُمِضّها حربٌ استمرتْ عقداً من الزمن في أفغانستان، وأفضت فيما يُزعم إلى انهيار الاتحاد السوفييتي . بل إن التدخل الجديد، كما يقولون، لن يتعدّى الالتزامات التجارية المحدودة، التي سيجري التفاوض عليها مع الناتو قبل سحبه معظم قواته، ولن تتضمن على الإطلاق أي دور عسكري فعّال .

وينقل الكاتب عن نائب رئيس منظمة جرحى المحاربين القدامى في حرب أفغانستان، في منطقة سفيردلوفسك، بغرب سيبريا، أوليغ تيخونوف، قوله: لا بُدّ من قيام أحدٍ بمساعدة الشعب الأفغاني على بناء حياة مستقرة . فهذا الشعب لم يشهد شيئاً سوى الأسلحة والحرب، خلال فترة مديدة .

ويُردف تيخونوف قائلاً: ولكن يجب على روسيا ألاّ تكرّر أخطاءها السابقة . ولا يمكن أن تتواجد أي قوات روسية في أفغانستان مرة أخرى . وبعدما حدث في الماضي، سيكون من المستحيل تبرير موت الشبان الروس هناك . ولا يمكن فعل مثل هذه الأمور، من دون موافقة الشعب .

وينسب الكاتب إلى محللين سياسيين، قولهم إن ثمة هدفيْن للتوجه الروسي نحو أفغانستان . الأول، وجود حاجة موضوعية لصيانة وتصليح أجيال من المعدات العسكرية السوفييتية والروسية الصنع، التي تشكل عماد الأسلحة التي تستخدمها قوات الأمن الأفغانية . فعلى مدى العقد الماضي، كانت الولايات المتحدة تستعيض عن إعادة تجهيز قوات الحكومة الأفغانية بأسلحة متطورة مصنوعة في الغرب، بشراء ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من الأسلحة الروسية، بما فيها الطائرات العمودية، من وكالة روسوبورونيكستبورت، التي تتولى تصدير أسلحة الدولة الروسية، لتلبية احتياجات تلك القوات .

والهدف الثاني، هو أن روسيا تريد أن تنشئ مواقع مسبقة في أفغانستان، لأنها تخشى بصورة متزايدة، احتمال انبعاث توغلات المسلحين الإسلاميين عبر الحدود، التي نشرت الفوضى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، في جمهوريتيْ طاجيكستان وأوزبكستان، أثناء تسعينات القرن الماضي المضطربة . وقد تصاعد إنتاج المخدرات تحت بصر الناتو في أفغانستان، وينتقل معظمها بوسائل إجرامية عبر آسيا الوسطى السوفييتية سابقاً وروسيا، ليغذي الفساد الرسمي ويعزز سلطة المافيا في أنحاء المنطقة . ويقول العديد من الروس، إنهم يخشون من أن انسحاب الناتو سيدعهم عمّا قريب يواجهون هذه التحديات منفردين .

ويقول الكاتب، إن روسيا، غدت خلال السنتين الماضيتين، أنشط في مساعدة بعثة الناتو المحارِبَة في أفغانستان، حتى إنها سمحت للناتو باستخدام قاعدة جوية مهمة في وسط روسيا، للمساعدة في جهود إعادة التجهيز والتموين . ويحثّ الزعماء الروس، الناتو بصورة متكررة على عدم الرحيل عام ،2014 والبقاء في أفغانستان حتى إنجاز المهمة .

ولكن معظم الخبراء الروس يقولون، إنهم رضخوا لعزم الولايات المتحدة على الانسحاب عام ،2014 وترْك المنطقة لمكائدها، في نموذج مألوف من الحروب السابقة من فيتنام إلى العراق .

وينقل الكاتب عن فاديم كوزيولين، الباحث في أحد مراكز البحث المهمة في موسكو (والبروفيسور في أكاديمية العلوم العسكرية الروسية)، انظرْ إلى العراق . لقد فقدت الولايات المتحدة الاهتمام به، ولا أحد يأبه بانغماسه في حرب أهلية، والعملية ذاتها قد تحدث في أفغانستان، وقد تتطور بسرعة أكبر . إنّ الجهد الأمريكي يشارف على النهاية في أفغانستان . وقد حان الوقت لروسيا أن تضع خطة لجهد جديد، ما يعني أن علينا أن نتحمل نصيباً من المسؤولية . إننا نلعب فعليّاً دور الرائد السياسي والعسكري في وسط آسيا، وعلى الرغم من أن الرئيس فلاديمير بوتين قال سابقاً، إننا لن نرسل متخصصين روساً إلى أفغانستان، فإن الجيش الروسي يقول الآن، إننا قد ننشئ مشاريع على الأراضي الأفغانية لخدمة المعدات العسكرية . والوضع مستمر في التغير .

ويقول الكاتب نقلاً عن بعض الخبراء، إن الاستقرار في أفغانستان التي احتفظ الاتحاد السوفييتي بعلاقات طيبة معها على مدى معظم تاريخه، سيكون عاملاً رئيساً في مقدرة روسيا على تحقيق أهدافها الأخرى في المنطقة .

ويقول المحلل في مركز التنبؤ العسكري، المستقل، وعضو المجلس الاستشاري العام، لوزارة الدفاع الروسية، أناتولي تسايغانوك، إن روسيا عائدة إلى أفغانستان . وتقول بعض المعلومات، إن روسيا تفعل ذلك منذ زمن، من دون انتظار رحيل الأمريكيين .

ويضيف المحلل قائلاً، أعتقد أن علينا أن نبدأ الاستثمار على الفور . هنالك العديد من الاقتراحات التي طرحتها الحكومة الأفغانية، ومن بينها المشاركة في عمليات المسح الجيولوجي، وتطوير إنتاج النفط ومصادر المياه . وثمة طلب لبناء محطة مترو في كابول، وتجري دراسته في موسكو .

ويورد الكاتب قول الجنرال مخموت غاراييف، رئيس الأكاديمية الروسية للعلوم العسكرية، والمستشار السابق لنظام محمد نجيب الله في أفغانستان، الذي كان موالياً للاتحاد السوفييتي، إن على روسيا أن تخطو بحذر في أي عودة إلى أفغانستان، ولكن علينا أن نحاول .

وفي موقع رشيا بيوند هيدلاينز، (4-4-2013)، تنقل ارينا أورتاييفا، عن الباحث كوزيولين، السالف الذكر، قوله، قد نزوّد الأفغان بالمعونة الفنية أو ندرب الاختصاصيين لديهم . ويضيف قائلاً، إن كمية كبيرة من المعدات الروسية لا تزال في أفغانستان منذ الحقبة السوفييتية . وقد أثبتت جدارتها، والطيارون الأفغان متآلفون معها، والطائرات العمودية الروسية التي يجري شراؤها لأفغانستان اليوم، سهلة التشغيل، ومعروفة للطيارين المحليين، ويعتقد كوزيولين، أن أفغانستان لن تستضيف قواعد تصليح ضخمة، لأن المعدات سوف تنقل إلى المصانع في روسيا لإجراء صيانة شاملة لها .

ولكن الباحث لم يستبعد أن يكتسب نفوذ موسكو في هذه المنطقة زخماً وقوة مرة أخرى، رغم أن ذلك، متعلق بعوامل جيوسياسية، أكثر مما هو متعلق بعودة الاختصاصيين الروس إلى أفغانستان .

ويقول كوزيولين: إن النفوذ لا بُدّ منه . فمع انسحاب الأمريكيين، سوف يفقد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاهتمام بالمنطقة . وحالما تنسحب القوات، سوف تنتقل المسؤولية برمتها بهدوء، إلى كاهل الدول المتاخمة، والتي هي حليفتنا في (كومنولث الدول المستقلة)، أو أقرب جيراننا، مثل أوزبكستان . وهذا هو السبب في أن روسيا - باعتبارها قوة إقليمية كبرى- ستكون لها علاقة مباشرة بكل ما يجري في أفغانستان، وسوف تحمل على عاتقها بعض المسؤولية . وبكلمات أخرى، فإن اللعبة الأمريكية بلغت نهايتها . وقد حان الوقت لكي نبدأ لعبتنا، مما يعني النهوض بالمسؤولية .

وجاء في موقع رشيا توداي على شبكة الإنترنت، (28-3-2013)، دأبت وزارة الدفاع الأمريكية منذ سنوات طويلة، على شراء أسلحة روسية، بما فيها طائرات عمودية، لقوات الجيش الأفغاني، على الرغم من انتقادات بعض الساسة الأمريكيين . كما وافقت روسيا على فتح قاعدة لوجستية لقوات الناتو على أراضيها، لتسهيل عمليات نقل الشحنات من أوروبا الغربية .

ويقول الموقع: إن المسؤولين الروس، ينفون بصورة متكررة، أن موسكو تدرس استئناف وجودها العسكري في أفغانستان .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"