عادي

ماذا لو كان سنودين على طائرة موراليس؟

03:29 صباحا
قراءة 5 دقائق

في ما يُشبه الاختطاف، مُنعت طائرة الرئيس البوليفي، إيفو موراليس من التحليق في أجواء بعض الدول الأوروبية، وأرغِمت على الهبوط، والمكوث 14 ساعة، إلى أن تبين أن موظف الاستخبارات الأمريكية السابق، إدوارد سنودين لم يكن على متنها . . فهل من حق تلك الدول أن تفعل ذلك، حتى لو كان سنودين على متنها؟ سؤال تطرحه وتجيب عليه البوليفية، فيوليتا ايالا .

بعد إقلاع طائرة الرئيس البوليفي، ايفو موراليس من موسكو، وتحليقها مدة تقرُب من ثلاث ساعات، رفضت حكومات فرنسا، البرتغال، ايطاليا واسبانيا، السماح لها بعبور أجوائها، واضطرتها إلى الهبوط اضطرارياً في فيينا، نظراً لتناقص الوقود . وكان تصرّف تلك الحكومات، منافياً للمعاهدات الدولية، واتفاقيات المرور الجوّي، كما أنه عرّض حياة موراليس ومرافقيه من كبار المسؤولين البوليفيين للخطر، كما كتب بيل فان اوكن، في موقع غلوبال ريسيرتش، (6-7-2013) .

وقد اتهم الإعلان المشترك الذي صدر عن الاجتماع بين موراليس، والرئيسة الأرجنتينية، كريستينا فرنانديز دي كيرتشنر، والرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس الأوروغواي خوسيه موجيكا، ورئيس سورينام ديس بوتيرس . . اتهم تلك الدول الأوروبية بتحويل الرئيس البوليفي فعلياً إلى رهينة، وتسجيل سابقة خطيرة في ما يخص القانون الدولي المتبع .

وكان السبب المعلن لذلك التصرف، الاشتباه بوجود موظف الاستخبارات الأمريكي السابق، ادوارد سنودين على متن الطائرة .

في موقع هفنغتون بوست، (5-7-2013)، كتبت المخرجة السينمائية البوليفية، فيوليتا ايالا: كان الرئيس البوليفي، موراليس في زيارة لموسكو، باعتباره واحداً من الأعضاء الثلاثة عشر، في منتدى الدول المصدرة للغاز . ولكن الحقيقة التي يتم القفز عنها، أن الرئيس موراليس، على الرغم من أنه كان في موسكو، إلاّ أن طائرته لم تطأ أرض مطار شيريمتييفو، حيث يُفترض أن يكون سنودين ينتظر في قاعة الترانزيت .

ويبدو الأمر مثل نكتة رديئة تفتقر إلى المنطق، حيث إن وكالة الأمن القومي الأمريكية، مع كل ما لديها من قدرة على الوصول إلى البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية الخاصة بكل شخص، لم تستطع أن تعرف ما إذا كان رجلاً واحداً موجوداً على متن طائرة .

إذاً، أين بدأت الإشاعة؟ هل كانت الحكومة الأمريكية تتعمد إيقاف طائرة موراليس؟ أم كان ذلك لتخويف بوليفيا، لأن ايفو موراليس كان قد قال إنه سوف يدرس طلب لجوء من سنودين؟ أم لإخافة أي دولة قد تفكر بمساعدة سنودين؟ أم كان الأمر لإخافة سنودين ذاته لكي يبقى في روسيا ولا يكون لديه خيار آخر، سوى أن يقبل شرط بوتين، وهو التوقف عن نشر المزيد من الوثائق؟

وتقول الكاتبة، الله أعلم بالنوايا، ولكنْ كيف يكون ردّ فعل الولايات المتحدة، لو أن طائرة اوباما، عوملت بالطريقة التي عوملت بها طائرة رئيس بوليفيا، وأجبرت على الهبوط بينما كانت في طريقها إلى واشنطن؟

وتضيف الكاتبة قائلة: بالنسبة إلى الشائعات عن كون سنودين على طائرة موراليس، الأمر لا يستحق النقاش . إذ كيف كانت روسيا ستردّ لو توارى سنودين عن عيون الأمن الروسي اليقظة؟ لا يخامرني شك في أن الرئيس بوتن سعيد بوجود سنودين في قاعة الترانزيت، في انتظار أن يستغله بيدقاً في هذه اللعبة عندما يحين الوقت المناسب .

وتمضي الكاتبة في تحليلها فتقول: إن الحكومة الأمريكية لا يمكن أن تكون على درجة من السذاجة تجعلها تحسَب أن بوتين يسمح لسنودين بأن يرحل ببساطة . وهل كانت الولايات المتحدة تسمح لشخص مثل سنودين، بأن يتسرب من بين أصابعها في المطار في واشنطن؟

وتتابع الكاتبة قائلة: أظن أن بوسعنا القول بيقين أن كل الدول المعنية بهذه الملحمة الصغيرة، كانت تعلم أن سنودين لم يكن على متن طائرة الرئيس البوليفي أو قريباً منها . ولكن، كيف تكون الأمور، لو فرضنا أن سنودين تمكن من التسلل والإفلات من كلّ مراقبيه من جهاز الاستخبارات الروسي، والشرطة الروسية، وأمن المطار، وصعد على تلك الطائرة؟ إن الحكومة البوليفية تملك الحق في منح اللجوء إلى كل من تجزم بأنه يواجه الاضطهاد .

وتقول الكاتبة، أودّ للناس أن يعرفوا، أن الولايات المتحدة، تؤوي حالياً بعض أكبر المجرمين البوليفيين . وأحدهم، الرئيس السابق، غونزالو سانشيز دي لوزادا، واثنان من وزرائه المطلوبين في بوليفيا، لا لتسريبهم معلومات، بل ليواجهوا تهماً بقتل 60 شخصاً كانوا يحتجون على سياسات حكومته التي باعت بموجبها ثروات بوليفيا لمؤسسات أمريكية . وقد هرب دي لوزادا من بوليفيا على متن طائرة عام ،2003 وما تزال الولايات المتحدة إلى اليوم ترفض طلب بوليفيا تسليمه إليها .

وتُعرب الكاتبة عن استغرابها من تصرف فرنسا الذي كان من شأنه تعريض حياة الرئيس البوليفي للخطر . وتضيف قائلة: لنتذكرْ، أن الولايات المتحدة، لم تكن هي التي حظرت أجواءها على الطائرة الرئاسية، بل إنّ جمهورية فرنسا، الدولة المستقلة التي تأسست على مبادئ الحرية، والمساواة والأخوة، هي التي حظرت مجالها الجوي على طائرة تحمل أول رئيس وطني لبوليفيا .

والآن، تقول الحكومة الفرنسية إنها لم تكن تعلم أن رئيس بوليفيا، إيفو موراليس كان على متن الطائرة الرئاسية، والحكومة الإسبانية تقول إنها لم تفعل ذلك، والحكومة البرتغالية تقول إن الأمر يعود إلى مشكلة فنية .

وتقول الكاتبة، بشئ من الأسف لما آلت اليه الحال في الولايات المتحدة، وفرنسا: اليوم هو الرابع من يوليو/تموز، وقد احتفلتُ بتأسيس الحرية على أيدي الآباء المؤسسين للولايات المتحدة- على شاطئ قناةٍ في فرنسا، البلد الذي أهدى تمثال الحرية للولايات المتحدة .

وفي صحيفة الغارديان، (4-7-2013)، كتب جون بيلجر، (الصحافي الأسترالي المقيم في لندن): تخيلْ أن طائرة الرئيس الفرنسي، قد أرغِمت على الهبوط في أمريكا اللاتينية لالاشتباه بأنها تحمل على متنها لاجئاً سياسياً إلى برّ الأمان - وليس أي لاجيء، بل لاجئاً قدم لشعوب العالم دليلاً على نشاط إجرامي بأبعاد خيالية .

تخيلْ رد فعل باريس، فضلاً عن المجتمع الدولي، كما تدعو حكومات الغرب نفسها . كانت جوقة صرخات الغضب، ستنطلق من لندن إلى واشنطن، ومن بروكسل إلى مدريد، ويجري إرسال قوات خاصة ضخمة، لإنقاذ زعيمها، وسحق مصدر هذا العمل الإجرامي الدولي الفاضح . وكانت افتتاحيات الصحف، ستهلل وتكبّر لتلك القوات، ولربما تذكر قرّاءها بأن هذا النوع من القرصنة، كان مما يلجأ اليه الرايخ الألماني في ثلاثينيات القرن الماضي .

ويصف الكاتب ما حدث بأنه: فعلُ قرصنة جوية وإرهابُ دوْلة . وأنه كناية عن عقلية العصابات التي تحكم العالم، وعن جبن ورياء الواقفين وقفة المتفرج، من دون أن يجرؤوا على تسمية الفعل باسمه الحقيقي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"