عادي

إيران .. الملف النووي الإيراني . . اتفاق بانتظار التنفيذ

00:50 صباحا
قراءة 11 دقيقة
د . محمد السعيد إدريس
كان العام 2013 حافلاً بالتطورات الأمنية والسياسية التي تؤشر إلى بداية تبدل في المشهدين الإقليمي والعالمي وفي العلاقات الدولية التي قد تكون بمثابة إرهاصات لتشكيل نظام عالمي تعددي جديد، بعد أن لوحظ انكفاء أمريكي في أكثر من موقع، وتقدم قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين والبرازيل المشهد والمشاركة في صياغة الحلول .
لكن المنطقة العربية ظلت في العام ،2013 خصوصاً بعض الدول مثل مصر التي تخلصت من نظام "الإخوان" وسقوط حكم محمد مرسي بعد التظاهرات المليونية يوم 30 يونيو/ حزيران والعراق وسوريا وليبيا وتونس واليمن، مازالت تعاني اضطرابات واقتتالاً داخلياً جراء تصاعد نشاط المجموعات الإرهابية والتكفيرية التي نجم عنها سقوط آلاف الضحايا وتشرد مئات الآلاف الذين تحولوا إلى لاجئين في دول الجوار وغيرها، إضافة إلى الدمار الهائل الذي أصاب البنى التحتية في هذه الدول .
كذلك، فإن العديد من دول العالم، خصوصاً في إفريقيا وآسيا وأوروبا، شهدت اضطرابات وتظاهرات ومواجهات وحروباً على خلفيات سياسية واقتصادية وإثنية .
وإذ يدخل العالم عاماً جديداً فإنه يحمل معه بقايا هذه الصراعات والحروب وسط محاولات دؤوبة للتصدي لها، لأنها باتت تشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين .
أحداث قليلة هي التي يمكن وصفها بأنها "أحداث كاشفة" لمكنون تفاعلات خفية أو كامنة بين الدول . اتفاق "جنيف النووي" بين إيران و"مجموعة دول 5+1" يمكن اعتباره من هذا النوع من الأحداث التي يمكن أن تفجر الكثير من التفاعلات غير المتوقعة وبالذات بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، لكن ما هو أهم هو تلك التداعيات في منظومة العلاقات الإقليمية، بل وفي الرؤى الاستراتيجية "الإسرائيلية" نحو القدرات النووية الإيرانية ونحو إيران نفسها .
هذه التطورات ترامنت مع انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران والمعروف ب "الاصلاحي" خلفاً لمحمود أحمدي نجاد الذي يوصف ب "المتطرف" .
منذ توقيع هذا الاتفاق النووي المرحلي يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت والأسرار تتكشف الواحد تلو الآخر وبالذات ما يتعلق بوجود قنوات سرية لمفاوضات جرت بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان وفي باريس، وأخرى جرت بين عسكريين سابقين من الحرس الثوري الإيراني وبين آخرين "إسرائيليين" ومجموعة ثالثة من الصين تحدثت عنها مجلة "نيوزويك" الأمريكية في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت تحت عنوان "القنوات الخلفية في بورغوندي" وهي إحدى المقاطعات الفرنسية في قصر "شاتودي سيلور" بوساطة شخصيات عدة من أبرزها روبرت هوك رئيس وزراء استراليا السابق ومشاركة أسماء .
مثل هذه اللقاءات السرية وخاصة اللقاءات الأمريكية - الإيرانية المباشرة في سلطنة عمان ربما تكون قد هيأت الأجواء المناسبة لتحقيق اختراق حقيقي في الملف النووي الإيراني، وكلها تقول شيئاً مهماً هو أن ما تم انجازه في جنيف بخصوص البرنامج النووي الإيراني لم يكن محض صدفة، كما أنه انجاز لن يتم التضحية به بسهولة لا من جانب إيران ولا من جانب الولايات المتحدة، ولا من جانب الشركاء الأوروبيين، لكن الأمر بالنسبة لروسيا يبدو مختلفاً حيث ترى هذا الاتفاق نجاحاً خاصاً لدبلوماسيتها في الشرق الأوسط وتجديد ما بينها وبين الولايات المتحدة من تفاهمات تتجاوز كثيراً تلك الأطر التقليدية للعلاقات السابقة من البلدين وبالتحديد ما قبل تفاهمات الأزمة السورية .
دخول سلطنة عمان كطرف مضيف في اللقاءات السرية بين الولايات المتحدة وإيران كشف مجموعة حقائق مهمة تخص تماسك مواقف ورؤى دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للعديد من الملفات وخاصة الملف الأمني والملف الإيراني على نحو ما تكشف في مؤتمر القمة الخليجي الرابع والثلاثين الذي انعقد في الكويت، وقبله في تصريحات وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي حول الوحدة الخليجية، وبرر هذا الموقف بمعارضة السلطنة لأي توجه خليجي يتعامل مع إيران كمصدر للتهديد أو لتأسيس تكتل أمني، دفاعي بالمجلس خشية أن يؤدي ذلك إلى التورط في صراعات مع إيران أو مع غيرها، كما كشف دخول "إسرائيل" وفرنسا والصين واستراليا في مفاوضات سرية مع إيران أن نوايا التقارب مع طهران ليست فقط أمريكية أو حتى روسية بل هناك أطراف أخرى سئمت الصراعات الإقليمية وتريد تهدئة الاجواء في المنطقة لدوافع مصلحية، لكن ما هو أهم ما يتعلق بنوايا التأسيس لأنماط جديدة من التحالفات ولتوازن قوى جديدة في الإقليم .

تفاهمات محفوفة بالمخاطر
نوايا تحسين الأجواء في المنطقة عبر عنها شمعون بيريز رئيس الكيان الصهيوني في حديثه أمام مؤتمر مجلة "غلوبس" للأعمال عندما أبدى استعداده للقاء نظيره الإيراني حسن روحاني مؤكداً أن "إسرائيل ليست عدواً لإيران" وقوله: "لا أعارض لقاءه (روحاني)، ولم لا؟" . لكنه أراد أن يؤسس قاعدة أوضح للتلاقي بقوله "لا يجوز لإيران تهديد العالم أو الحصول على السلاح النووي (المفترض) . لا أحد يهدد إيران، وهي لا تهدد أحداً" . أما التعبير الأوضح فجاء على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما في دفاع عن اتفاق جنيف النووي وعن حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي .
دفاع أوباما عن اتفاق جنيف النووي المرحلي كان أمام "منتدى سانجان العاشر" حول العلاقات الأمريكية - "الإسرائيلية" التابع لمعهد بروكنغر . ففي مداخلته أمام هذا المنتدى حرص أوباما على طمأنة "الإسرائيليين" والمعارضين الأمريكيين لاتفاق جنيف، والتأكيد أن ما تم التوصل اليه في جنيف مع إيران هو أفضل الممكن وقال: لو كان بإمكاننا ايجاد خيار يجعل إيران تفكك برنامجها النووي حتى آخر مسمار، وتبني خيار عدم اللجوء إلى أي برنامج نووي والتخلص التام من كل قدراتها العسكرية لتبنيته" .
وأشار أوباما إلى أنه "من غير الواقعي الاعتقاد بأن إيران ستوقف برنامجها النووي وتفككه بالكامل إذا استمر تشديد نظام العقوبات الناجع ولم يتم اعطاء المحادثات فرصة للنجاح، واعتبر أوباما أن بإمكان الولايات المتحدة أن تتحدث عن "اتفاق شامل يتضمن قيوداً استثنائية وآليات للتحقق وعمليات تفتيش، ولكنه يتيح لإيران أن يكون لها برنامج نووي سلمي مع الإمكانية المحدودة أن تخصيب اليورانيوم على أساس مدني وتحت أشراف مراقبين أجانب"، لكنه وفي الوقت نفسه جدد تأكيده على أن الاتفاق المرحلي الذي تم التوصل إليه في الشهر الماضي في جنيف "لا يعطي طهران الحق في تخصيب اليورانيوم"، كما أنه جدد تهديداته لإيران إذا لم تتجاوب مع المطالب الدولية وقال: "إذا لم تستطع الوصول إلى وضع نهائي شامل يرضينا ويرضي المجتمع الدولي . . سيكون الضغط الذي مارسناه عليهم "الإيرانيين" والخيارات التي أوضحت أن بإمكاني اللجوء إليها بما فيها الخيار العسكري هي الخطوة التي سننظر فيها ونعدلها" .
لكن الدفاع الأهم عن هذا الاتفاق كان "إسرائيلياً" وعلى غير المتوقع على نحو ما كتب المحلل السياسي بصحيفة "يديعوت احرونوت" باروخ لشيم معتبراً أن تقارب إيران مع الولايات المتحدة يعد أكبر ضمان لعدم تحول إيران إلى مصدر تهديد ل "إسرائيل"، مشيراً إلى التجربة التاريخية لدول مثل الصين وكوريا الشمالية التي أصبحت أكثر عقلانية بعد أن حصلت على السلاح الذري، فمنذ اللحظة التي انضمت فيها الصين إلى "توازن الرعب" فضلت أن تحل نزاعاتها مع دول أخرى بوسائل سياسية ويبدو أن ذلك يصح على إيران أيضاً، فمنذ اللحظة التي أصبحت فيها على حافة القدرة الذرية، أي تستطيع إنتاج قنابل ذرية في مدة غير بعيدة، فضلت اجراء تفاوض من موقع قوة ما . وفسر لشيم قناعته حول التحولات السلمية في السياسة الإيرانية المقترنة بامتلاكها القدرة النووية بقوله: "في المرحلة التي استقر فيها رأي إيران على ترك صورة الدولة المجنونة وبدء إجراء تفاوض من "الشيطان الأمريكي" زال التهديد الإيراني "لإسرائيل" بالفعل، لكن ستبقى إيران دولة عدو "لإسرائيل"، كما ستبقى مصر عدواً لنا برغم اتفاق السلام بيننا، وبرغم ذلك لن تبدأ مصر حرباً علينا والسبب هو عمق علاقتها بالولايات المتحدة، وسينطبق ذلك على إيران أيضاً .
الخبير النووي "الإسرائيلي" بروفيسور الكيمياء الدكتور عوزي إيفن لم يكتف بالمحدد الأمريكي لطمأنة "الإسرائيليين" من إيران، لكنه دعم اتفاق جنيف من منظورين أولهما أنه يفرض قيوداً على منشأة "أراك" النووية في أصفهان التي تنتج الماء الثقيل والذي يمكن منه إنتاج قنبلتين سنوياً من البلوتونيوم . بحيث يمكن تركيبها على صواريخ "شهاب" القادرة على الوصول إلى "إسرائيل" . ففي اتفاق جنيف المرحلي تعهدت إيران بوقف كل أعمال البناء في هذه المنشأة، ولم أي خوف من استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم حتى مستوى إنتاج القنبلة الذرية، لأن قنبلة اليورانيوم المخصب لن يقل وزنها عن ستة أطنان وهذه لا يمكن تركيبها في رأس أي صاروخ وستكون في حاجة إلى طائرة خاصة لحملها إلى "إسرائيل" وهذه مخاطرة كبرى .
كل هذه الضمانات لم تكن كافية لدى "إسرائيل" ولا لدى أطراف في الإدارة الأمريكية، ففي الوقت الذي كانت قد بدأت محادثات خبراء في العاصمة النمساوية فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مستوى الخبراء بين إيران ودول "مجموعة 5+1" للبحث في آليات تنفيذ اتفاق جنيف أقدمت وزارة الخزانة الأمريكية على اصدار قرار يقضي بوضع أسماء 19 شخصاً وشركة إيرانية وأجنبية على قائمة العقوبات المفروضة على إيران ما أدى إلى انسحاب وفد التفاوض الإيراني من فيينا وعاد إلى طهران لإجراء مشاورات . هذه العقوبات الجديدة أثارت استياء طهران واعتبرتها مرضية افخم المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية "إجراءات غير بناءة وتأتي خارج مسار التفاهم الذي حصل في جنيف"، لكن يبدو أن الاتصال الذي جرى بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الأمريكي جون كيري بدد مخاوف طهران وشجعها على تجاوز هذه القضية في محاولة لتفويت الفرصة على أعداء الاتفاق وحرمانهم من تحقيق طموحهم في إفشاله ولذلك بادر عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني عضو الفريق الإيراني في المفاوضات النووية عقب لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون في بروكسل أنه تم الاتفاق على استئناف المفاوضات قريباً بين خبراء إيران و"دول مجموعة 5+1" . عراقحي الذي حرص على التأكيد أنه تم في لقائه مع أشتون توجيه انتقاد شديد للمواقف الأمريكية أوضح أيضاً أن أشتون أكدت أن "مجموعة 5+1" عازمة على تنفيذ اتفاق جنيف وهي ملتزمة ببنود الاتفاق .

حرب الشهور الستة
يبدو أن كل هذا الحرص ليس كافياً لحماية اتفاق جنيف من الفشل لسبب رئيسي هو أن الحكومة "الإسرائيلية" مدعومة من أطراف أمريكية ليس في نيتها تمكين إيران من الافلات بهذا الاتفاق الذي تراه أطراف عربية ليس محض اتفاق نووي ولكنه جزء من اتفاق أوسع قد يمكن وصفه ب "الصفقة الشاملة" التي تمتد إلى تفاهمات حول العديد من القضايا الإقليمية . ولذلك تنظر كل هذه الاطراف إلى الشهور الستة المقبلة التي هي المدة المتفق عليها لانجاز الاتفاق للحكم على نجاحه من فشله باعتبارها "حرب الشهور الستة" على نحو ما اعتاد الإعلام "الإسرائيلي" على غرار "حرب الساعات الست" وحرب الأيام الست والآن جاء الدور على "حرب الشهور الستة"، هذه الحرب يقودها عاموس يدلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" مدير عام معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب ومعه فريق كبير من الخبراء هدفها الوصول بهذا الاتفاق النووي إلى محطة الفشل قبل انتهاء الشهور الستة المقبلة عبر حرب مدروسة الخطوات على النحو الآتي:
* استنفاد وتبديد فرص التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الفترة المحددة وتحميل إيران كل مسؤولية الفشل، أو تمكين "دول مجموعة 5+1" من التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران يتجاوز كل سلبيات الاتفاق المرحلي ويضمن نهائياً عدم تمكين إيران من أن تصبح دولة نووية .
* التشديد على مسؤولية "دول مجموعة 5+1" في الحفاظ على "رافعة العقوبات" على إيران من خلال منع توقيع صفقات جديدة بين شركات دولية وإيران وفرض تشريعات موسعة من الكونجرس الأمريكي بالمزيد من العقوبات في حالة خرق الاتفاق أو نفاد مفعوله، وحرمان إيران من أي محاولة لكسب الوقت للفوز باتفاق نهائي .
* التأكيد "الإسرائيلي" على الخيار العسكري من خلال تطوير خيار الهجوم الموضعي والمركز ضد هذا البرنامج النووي الإيراني ومنشآته فقط، والحصول على وعود أمريكية واضحة بشأن قوة وحجم الرد الأمريكي على أي خرق للاتفاق، أو عند اكتشاف منشآت نووية اخفيت أو في حالة توسيع الإيرانيين المواجهة مع "إسرائيل" رداً على الهجوم المركز على المنشآت النووية .
* العودة "الإسرائيلية" إلى الحوار المكثف مع الأمريكيين على مبادئ الاتفاق النهائي وخاصة الوصول إلى اتفاق "إسرائيلي" - أمريكي صريح حول المسائل السبع الخاصة بمثل هذا الاتفاق وهي مستوى التخصيب في البرنامج النووي الإيراني، وعدد أجهزة الطرد المركزي، ومحزون المادة النووية المخصبة التي ستخرج من إيران، ومستقبل موقع فوردو القريب من مدينة قم المختلف حوله، وعدم تشغيل المفاعل البلوتوني في آراك، وعمق الرقابة المستقبلية على البرنامج، وأخيراً إغلاق الملفات المفتوحة في مسائل السلاح .
هذه الخطوات التي ينظر إليها على أنها بمثابة "حرب معلنة" على مدى الشهور الستة المقبلة على اتفاق جنيف لإفشاله والعودة مجدداً إلى نقطة الصفر وهي "لا" واضحة للبرنامج النووي الإيراني، ووضعه بين خيارين أولهما: اتباع خطوات تفكيك الترسانة الكيماوية السورية على منشآت البرنامج النووي الإيراني على نحو ما اقترح نتنياهو في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإما تفعيل الخيار العسكري، لكن "إسرائيل" ليست اللاعب الوحيد الذي في مقدوره افشال أو إنجاح اتفاق جنيف، فالصين طرف مهتم وما ذكرته صحيفة "نيوزويك" عن اللقاءات السرية الإيرانية - "الإسرائيلية" بمشاركة صينية تأكيد للاهتمامات الصينية بالحرص على تحقيق الاستقرار في المنطقة، وكذلك هناك الدعم الروسي والدعم الصيني والحرص الإيراني .
ففي زيارته لطهران يوم 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري أكد سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي حق إيران في تخصيب اليورانيوم في إطار اتفاق جنيف، وتحدث في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على ضرورة حل الملف النووي الإيراني على مراحل وفقاً لاتفاق جنيف، ومن ضمن هذه المراحل الاعتراف بحق إيران في التقنية النووية السلمية وحق إيران في تخصيب اليورانيوم الذي يتم الاشراف عليه من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكمل لافروف معالم الموقف الروسي من هذه القضية بقوله: "لدينا تفاهم مشترك مع إيران حول ضرورة تنفيذ جميع الأطراف لاتفاق جنيف ونعمل بشكل مستقل للتوصل إلى المرحلة التالية والنهائية لتسوية الموضوع بشكل تام" .
إيران أيضاً حريصة على إتمام وإنجاح الاتفاق وتحصنها بالقدرة على ضبط النفس إزاء أية استفزازات مدبرة على نحو مفاجأة تلك العقوبات الجديدة التي أقرتها وزارة الخارجية الأمريكية يشكل ضمانة للنجاح، وهذا ما تكشف من تصريحات محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني عقب اتصاله بنظيره الأمريكي جون كيري الذي اعتبر أن الولايات المتحدة ارتكبت "خطاً فادحاً" بتوسيعها العقوبات، وقال لشبكة "سي .بي .إس" الأمريكية "العملية خرجت عن سكتها، لكنها لم تمت، ونسعى إلى تصحيح مسارها لابد لشخصين لأداء رقصة التانجو"، كما أبلغ صحيفة "واشنطن بوست" أن مخاوف طهران هدأت بعد اتصالات أجراها مع كل من جون كيري وآشتون ونظيره الروسي سيرجي لافروف وتابع "ما سمعته من كيري وآشتون أنهما ملتزمان الانتهاء في وقت مبكر من عملية جنيف لابرام اتفاق شامل، وأشارك هذا الهدف" .
تبقى المخاوف العربية التي تجلت بوضوح شديد في مؤتمر حوار المنامة على لسان أكثر من مسؤول عربي خليجي، وهي مخاوف تتركز أغلبها على خطورة التغييب المتعمد لدول مجلس التعاون الخليجي عن اجتماعات إيران و"مجموعة 5+1" وخطورة أية أبعاد إقليمية لاتفاق جنيف، وكلها أمور تؤكد أن هذا الاتفاق مازال يواجه تحديات وأن التطمنيات المطلوبة لا تخص "إسرائيل" وحدها، بل تخص أيضاً الدول العربية الخليجية التي تخشى أن يكون التقارب الأمريكي - الإيراني على حساب مصالحها، ولعل في تصريحات وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل اثناء مشاركته في مؤتمر حوار المنامة وفي زيارته للمملكة العربية السعودية والبحرين ما يهدئ من روع الدول الخليجية وبالذات قوله إن الولايات المتحدة تلتزم، بشكل ثابت ومستمر أمن الشرق الأوسط وتدعمه بجهود دبلوماسية وقوة هائلة من الطائرات والسفن والدبابات والمدفعية و35 ألف جندي، تشكل منظومة الدفاع لشركائنا في منطقة الخليج" .
لم يكن لهذا الاتفاق أن يبصر النور لولا وصول حسن روحاني إلى سدة الرئاسة بديلاً لنجاد، خصوصاً أن روحاني بدأ عهده بإطلاق سلسلة تصريحات تدل على انفتاحه على مختلف القضايا الإيرانية والإقليمية ومنها الملف النووي . وكان الاتصال الهاتفي الذي تم بينه وبين الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر/أيلول الماضي، بمثابة المدخل لهذا التطور .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"