عادي
شغل المنصب للمرة الثانية 1990 ؟1997

أول وزير عدل في الحكومة الاتحادية

04:23 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: "الخليج"
مع ميلاد اتحاد الإمارات، أصدر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مرسوماً بتشكيل أول حكومة اتحادية، وذلك في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1971 لبدء عملية البناء والتطوير نحو المستقبل .
وجاء تشكيل أول وزارة اتحادية برئاسة المغفور له بإذن الله الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، وتولى المغفور له بإذن الله الدكتور عبدالله عمران مهامه كأول وزير عدل، حيث كانت هذه الوزارة حجر الأساس لإنجاح الاتحاد . وشارك الدكتور عبدالله عمران مع نخبة مهمة من رجال الوطن في قيادة الإبحار في أول وزارة اتحادية تواجه التحديات، مرافقاً لسمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية في أول حكومة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي شغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، ومبارك بن محمد آل نهيان وزيراً للداخلية، وأحمد خليفة السويدي وزيراً للخارجية .
ضمت الوزارة التي وقع على عاتقها الكثير من العمل، الشيخ سلطان بن أحمد المعلا الذي شغل منصب وزير الصحة، والشيخ محمد بن سلطان القاسمي وزير الأشغال العامة، وصاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، الذي شغل منصب وزير التربية والتعليم آنذاك، وصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي الذي شغل منصب وزير الزراعة حينها، وأحمد بن حامد وزيراً للإعلام، وأحمد بن سلطان بن سليم وزير الزراعة والثروة السمكية، ومحمد الملا وزير الدولة لشؤون الاتحاد والخليج ووزيراً للكهرباء بالوكالة، ومحمد الكندي وزيراً للتخطيط ووزيراً للإسكان، ومحمد السويدي وزير الدولة لشؤون المجلس الأعلى بالوكالة، وراشد بن حمود وزيراً للشباب والرياضة، وسامي بن سعيد وزيراً للشؤون .
وكانت هذه الوزارة الأولى اللبنة التي تحمل على عاتقها مسؤولية تثبيت نجاح فكرة الاتحاد، وكان يقع على عاتقها أيضاً مسؤوليات جمة في الاستثمار بالإنسان والموارد لبناء اتحاد قوي متماسك في مواجهة التحديات .

بناء القضاء

وفي ظل التحديات، لعب الدكتور عبد الله عمران دوراً مهماً في بناء القضاء الإماراتي، وتمسك بتحقيق مبدأ العدل الذي هو أساس الملك، أحد الأعمدة المهمة في بناء الاتحاد، فكرس وقته وحشد الطاقات المواطنة من أجل إنجاح مسيرة القضاء واستقلاليته .
عقد الدكتور عبدالله عمران العديد من الاجتماعات واللقاءات المثمرة مع وزارات العدل في الدول العربية للاطلاع على تجاربها في القضاء، وعمل مع المختصين والقضاة المحليين في سبيل بحث وإيجاد القوانين والتشريعات القوية التي تحقق استقلالية القضاء وتخدم الطموح الإماراتي في دولة ناجحة في ظل التحديات التي كانت تواجه المنطقة وفكرة الاتحاد .
وساند المغفور له بإذن الله عمل القضاء، وأسهم خلال فترة عمله في تطوير سير إجراءات التقاضي وتيسيرها وتبسيطها قدر المستطاع على الناس، ووضع نصب عينيه جعل القضاء محل ثقة لدى المواطنين الذين يخوضون تجربة الاتحاد لأول مرة ويرغبون في ملامسة نجاحاته في أسرع وقت ممكن .

"أساس الملك"

بعد انتهاء عمله في وزارة العدل، لم يتوقف الدكتور عبدالله عن تقديم وجهة نظره الداعمة لتحقيق قضاء عادل وشفاف ومستقل، حيث كتب في جريدة الخليج مقالاً في الأول من يونيو/حزيران ،1980 قدم فيه تصوراً وطرحاً نقدياً ورؤية لحال القضاء الإماراتي، بعنوان "العدل أساس الملك"، أكد فيه أهمية وحدة القضاء المحلي والاتحادي في دعوة للوحدة والتوحيد .
وقال في ختام ذاك المقال: المادة 94 من دستورنا المؤقت تقول "العدل أساس الملك" والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في أداء واجبهم غير القانون وضمائرهم، والمادة 95 تنص على أن يكون للاتحاد محكمة اتحادية عليا "المحكمة الدستورية"، و"محاكم ابتدائية" .
وأضاف: تسع سنوات إلى الآن والدولة تتشكل وتكبر مؤسساتها وأساس الملك الذي هو العدل لم يترسخ ولم يتحد . . فمن بين إماراتنا السبع ليس هناك سوى بعض الإمارات هي التي تتبع محاكمها وقضاتها وزارة العدل الاتحادية، وفي الإمارات الباقية توجد محاكم منفصلة تطبق قوانينها وتعمل وفق أوضاعها القديمة، وهذه نقطة خلل في البناء الحالي للدولة تستوجب أعلى درجات البناء .
وتابع: ثم تأتي نقطة ثانية من نقاط التشتت القضائي، فما زال هناك وضع القضاء الشرعي معلقاً في تبعيته بين إمارة وأخرى، كما أن مبدأ وجود "قضاء شرعي" يعني أن هناك والعياذ بالله قضاء "غير شرعي"، وهذا خطأ في التسمية نتج عن خطأ في المنطلقات، فالمفروض أن كل قضائنا شرعي، فالشريعة الإسلامية لا يصح حصرها في بعض المعاملات الزوجية والمواريث بل هي صلب كل القوانين، وحتى القوانين المستوردة يجب أن تطرح على ساحة التشريعات الإسلامية لإجازتها أو رفضها .
وأضاف: وفي النهاية لا بد من فعل قضائي واحد لأن الازدواجية هنا تعني التفرقة وهي تحمل بذور التمييز أي انعدام العدل، ولهذا فعلينا توحيد القوانين كاملة في ظل نظرة إسلامية دستورية لا تتغافل عن الواقع، وتوحد الجسد القضائي في جهاز واحد مستقل تماماً عن أي سلطة أخرى إذا كنا جادين في مسيرتنا نحو وحدة حقيقية، وهنا لا مناص من دراسة وضع سلطة التشريع وسلطة توجيه الاتهام ووحدة السيادة، وهذه قضايا تدخل في صميم هذا الموضوع البالغ الحساسية والذي لا بد من الاستمرار في طرحه من أجل إقامة دولة أساسها العدل الذي هو حقاً أساس الملك .
استمر المغفور له بإذن الله الدكتور عبدالله عمران في مهام وزارة العدل لمدة عام واحد من 1971 إلى ،1972 ثم عاد وتولى الوزارة مرة أخرى بين الأعوام (1990 -1997) فعمل ضمن فريقه الوزاري على صياغة العديد من التشريعات التي كان لها كبير الأثر في تقويم البنية التشريعية للدولة في مختلف المجالات القانونية .

القاضي الخاطري

يؤكد القاضي أحمد الخاطري رئيس دائرة المحاكم في رأس الخيمة الذي عاصر الدكتور عبد الله عمران أثناء توليه مهامه كوزير عدل، أنه كان رجل مؤسسات من الطراز الرفيع يقدر القضاء، وعمل جاهداً خلال فترة عمله على تكريس مبدأ استقلاليته، وتعزيز مكانته في نفوس المتقاضين .
وأشار الخاطري إلى أن محاكم رأس الخيمة كقضاء محلي كان له لقاءات متعددة مع القضاء الاتحادي ووزارة العدل أثناء تولي الدكتور عبد الله عمران لمهامه في الوزارة، مؤكداً أن المغفور له بإذن الله، كان يرسل قضاة وأعضاء نيابة للمساهمة في دعم وتطوير قضاء رأس الخيمة وتقويته .

رجل دولة

إلى ذلك، أكد القاضي أحمد سيف رئيس المحكمة المدنية في دبي، أن الدكتور عبد الله عمران لعب دوراً فاعلاً فيما وصل إليه القضاء الإماراتي عبر شغله منصب وزير العدل، مشيراً إلى أنه رجل دولة ساهم بكل جد واقتدار فيما وصل إليه الاتحاد من تطور .
وأشار إلى أن المرحلة التي عمل الدكتور عبد الله فيها كانت مهمة في بناء شخصية القضاء الإماراتي العادل والنزيه والمستقل، مبيناً أن المغفور له بإذن الله، كان من جيل المؤسسين وترك بصمة مهمة في تاريخ العمل القضائي وبناء وزارة العدل .

عبدالوهاب عبدول: شخصية لا يمكن محوها من الذاكرة

قال القاضي الدكتور عبدالوهاب عبدول رئيس المحكمة الاتحادية العليا إن الدكتور عبدالله عمران تريم، شخصية حاضرة لا يمكن للذاكرة أن تنساها، بل لا يمكن محو هذه الشخصية من ذاكرة كل من تعامل مع صاحبها .
لقد مضى عام على رحيله الجسدي، لكن ذكراه ماثلة وحاضرة في قلب كل محبيه، هذا الحضور (ألما بعد جسدي) يرجع إلى تعدد جوانب شخصية دكتور عبدالله عمران تريم، فهو، رجل فكر وقلم، وهو رجل سياسة وإدارة، وهو رجل تربية وتعليم، وهو رجل صحافة وإعلام، وفي كل جانب من هذه الجوانب ترك أثراً وبصمة، وخلف طلاباً ومريدين، وترك علماً ومنهجاً .
إن تلك الجوانب المتعددة في شخصية الراحل الكبير أهلته لأن يكون وزيراً للعدل، وأقصد أنه أيضاً رئيس المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي، هذا المجلس الذي نص دستور الدولة على أنه السلطة الخامسة من سلطات الدولة، مشيراً إلى أن التعامل مع هذه السلطة يكون بحذر وبحنكة وعدم التدخل بالقضاء، والمحافظة على حياديته، وعمل مع أشخاص حصنهم القانون، وأي وزير يترأس المجلس الأعلى للقضاء لا بد أن يكون مدركاً لهذه الجوانب، وهنا فهم الاستقلالية .
ولقد كان الدكتور عبدالله عمران تريم رحمه الله مدركاً تماماً لهذه الجوانب والقيم، بل وعمل على تعزيزها وتوطيدها طوال فترة توليه المسؤولية .
من واقع عملي ما بين عامي 1990 و1997 حيث كنت عضواً في المجلس الأعلى للقضاء وعملت مع الدكتور عبدالله عمران بشكل مباشر من خلال الاجتماعات الإدارية، وأستطيع أن أقدم صورة عن دوره في تطوير القضاء الاتحادي وإسهامه في توسيع قاعدة المواطنين في القضاء، حيث تشهد الجريدة الرسمية بعدد المراسيم الخاصة بتعيين قضاه مواطنين في تلك الحقبة، كما عمل على زيادة قاعدة استقطاب المواطنين من مختلف الاختصاصات الوظيفية إلى وزارة العدل .

سلطان البادي: من رواد العمل القضائي والثقافي والإعلامي

أكد سلطان بن سعيد البادي وزير العدل أن المغفور له الدكتور عبدالله عمران يعدّ رمزاً وطنياً وعروبياً، ورائداً من روّاد العمل القضائي والفكري والثقافي والإعلامي على مستوى العالم العربي، نظراً لما قدمه من إسهامات واضحة وراسخة تلك المجالات، وفي وجدان كل من عاصره وعمل معه .
ولفت إلى أن الدكتور عبدالله عمران تريم كان أول وزير عدل عقب إعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تميزت فترة توليه الوزارة والقضاء الاتحادي بالقيادة الحكيمة والحنكة والدراية التامة بأصول وقواعد العمل القضائي .
وقال: لقد شهدت فترة تولي الدكتور عبدالله عمران لوزارة العدل صدور تشريعات عدة اتحادية كبرى ذات صلة مباشرة بالعمل القضائي، من أبرزها قانون الكاتب العدل، وقانون الإثبات في المعاملات المدنية الاتحادي، وقانون المعاملات التجارية، وقانون الإجراءات المدنية، وقانون الإجراءات الجزئية، ومرسوم الرسوم القضائية أمام المحاكم الاتحادية، وقرار مجلس الوزراء رقم 14 لسنة 1992 بإنشاء معهد التدريب والدراسات القضائية، وقانون تنظيم مهنة المحاماة المعمول به حتى الآن .
وفي سياق الحديث عن فترة تولي الدكتور عبدالله عمران لوزارة العدل، فلابد من الإشارة إلى أن إمارة أم القيوين كانت قد ضمت قضاءها المحلي إلى القضاء الاتحادي خلال تلك الفترة، كما تم تعيين أول قاض مواطن في المحكمة الاتحادية العليا، فكان هذا التعيين بداية لتوطين هذه المحكمة، وخطوة متقدمة في تنفيذ سياسة توطين القضاء الاتحادي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"