عادي

بلغراد.. ملتقى نهري سافا والدانوب

00:32 صباحا
قراءة 4 دقائق
بلغراد هي عاصمة جمهورية صربيا وكبرى مدن البلاد حيث يبلغ عدد سكانها نحو 1.7 مليون نسمة، وتقع عند ملتقى نهري سافا والدانوب، وتقدم هذه المدينة المثيرة للاهتمام أكثر من مجرد روائع الهندسة المعمارية والأطباق الشهية، حيث تعتبر بتاريخها المذهل ومزيج الإبداع مع طابع الحياة المسترخية اللذين يجتمعان فيها من منارات منطقة البلقان، وهي مدينة حيوية تعيد اكتشاف إمكاناتها السياحية.
على الرغم من إغلاق الجزء الأكبر من المتحف الوطني لصربيا الذي يقع في ساحة الجمهورية في بلغراد، بسبب إعادة الإعمار إلا أن هناك قسمان مفتوحان في الوقت الحالي والدخول إليهما متاح بالمجان.

تأسس المتحف في العام 1844، ويضم أكثر من 400 ألفاً من البنود والمقتنيات بما فيها مجموعة الأعمال الإيطالية التي تضم 230 عملاً للفنانين تيتيان ورافاييل وتينتوريتو و لورنزو دي كريدي وكاناليتو وتيبولو، ومجموعة الأعمال الفرنسية التي تضم 250 لوحة للرسامين رينوار ومونيه وديغا وسيناك وتريك وماتيس وغوغان وسيزان وبيسارو وكورو وغيرهم، ومجموعة الأعمال الهولندية والفلمنكية التي تضم 120 عملاً تخص خوان دي فلانديس وبوش وفنسنت فان جوخ وروبنز ورامبرانت وفان غويان وبروغيل وموندريان.
توجد بالمتحف مجموعة من الأعمال اليابانية تضم 82 عملاً للرسامين كونيسادا وتويوكوني وهيروسيجي وغيرهم، بينما تشمل مجموعة الأعمال الفنية اليوغوسلافية (الصربية) أعمالاً لكل من باجا يونانوفيتش وأوروس لوباردا وبريديتش، وهناك مجموعات فنية أخرى ألمانية ونمساوية وروسية تشمل أعمالاً للفنانين بيكاسو ودورير وكليمت وكاندينسكي وسيسلي ومارك شاغال و رايبين وكاسات وغيرهم.

متحف صربيا الوطني

تمتلك المدينة تاريخاً طويلاً يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد عندما استقرت مجموعات من القبائل السلتية في هذه المنطقة، وأصبحت في وقت لاحق مدينة سنغدونوم الرومانية حيث ما زالت آثار تلك الحقبة ماثلة للعيان وبصفة خاصة في قلعة كاليمجدان، وأصبحت المدينة خلال العصور الوسطى معقلاً صربياً حتى الغزو العثماني حيث جرى تبادل السيطرة عليها مراراً بين العثمانيين والنمساويين حتى حصلت صربيا على استقلالها في العام 1878 لتصبح بلغراد عاصمة الدولة الجديدة.

شهدت المدينة في تاريخها صراعات عديدة كان آخرها قصف حلف الناتو لها في العام 1999، وخيمت التأثيرات الخارجية في أغلبية تطور مدينة بلغراد وهو الأمر الذي يتضح في الثقافة السائدة والهندسة المعمارية فيها، وغالباً ما كانت تقع بين مطرقة وسندان الإمبراطوريات المتصارعة الأمر الذي جعل المدينة تتخذ طابعها الفريد والمميز مع التأثيرات النمساوية والتركية، والمجموعة المميزة من عناصر الحقبة الشيوعية في يوغوسلافيا السابقة التي طردت من الكتلة الشرقية في العام 1948 ولكنها احتفظت بنسختها الشيوعية الخاصة إلى ما بعد وفاة المارشال تيتو في العام 1980 بسنوات.
وتملك بلغراد روحها الخاصة ويمكن فيها العثور على بعض الميزات الصحية الفريدة من نوعها مثل ثقافة المقاهي والنكهة المتوسطية المميزة في النظر للحياة، وفي حين لا يوجد تنوع عرقي أو ثقافي كبير في بلغراد مقارنة بالمدن الأوروبية الأخرى فإن هناك مجتمعات لأقليات محدودة مثل الغجر والصينيين وسكان جمهوريات يوغوسلافيا السابقة الأخرى مثل الكروات والبوسنيين والمقدونيين إلى جانب مجتمع صغير للمغتربين من أنحاء العالم.
أصبحت الفعاليات الثقافية العالمية المتنوعة شائعة بشكل متزايد ولا سيما في أشهر الصيف والربيع، وهي تجذب قدراً كبيراً من الاهتمام المحلي وتساعد في رفع مكانة المدينة باعتبارها نقطة ثقافية ساخنة.
تملك واجهات المنازل العتيقة المتداعية في المدينة البيضاء العديد من عوامل الجذب التي أكثر ما لا يمكن مقاومته منها هو الحيوية النابضة خلفها.

البلدة القديمة «ستاري غراد»

تعتبر ستاري غراد هي قلب مدينة بلغراد ويعرفها زوار المدينة بشكل عام بأنها المنطقة التي تضم شارع كينز ميالوفا، وميدان الجمهورية المركزي، وشارع ترازيتش الرئيسي، لكن يمكنك أن تجد روح المدينة المميزة في عدد من الأحياء من بينها منطقة دورسول التي تمثل الحي التركي التاريخي الذي يعانق نهر الدانوب ومقر المسجد الوحيد الباقي في بلغراد، وسوق بايلوني النابض بالحياة، وهناك العديد من المقاهي العصرية على شريط ستراينيتشا الذي يعرف أيضاً ب «سيليكون فالي» الذي يجتذب الأثرياء الجدد، وهذه هي الأماكن التي يمكنك فيها أن ترى سكان بلغراد. يمكنك الإحساس بسحر الضواحي في مقهى الساحة سموفيتشا الذي يعتبر منطقة للهدوء وإراحة الأعصاب في دورسول، أو الاستمتاع بالتسوق في السوبر ماركت ومتجر البوتيك ومنطقة الفنون والمطعم المبتكر، وقد أصبحت منطقة تسكع الفنانين الفقراء من القرن التاسع عشر نقطة جذب سياحية لكنها تحتفظ ببعض الروح البوهيمية في صالاتها الفنية ومقاهي الكافين الصغيرة التي تقدم وجبات البلقان التقليدية مع نغمات الموسيقيين الغجر المتنقلين.

نواحي بلغراد الأخرى

تمت إعادة بعث منطقة سافامالا الصناعية إلى جانب النهر من قبل مبدعي بلغراد، وأصبحت مبانيها المهجورة تخبئ خلفها مراكز جميلة للتصميم والمراكز الثقافية والأندية مثل ميكسر هاوس و كيه سي غراد، وتم تحويل مستودع بيتون هالا الخرساني لتصبح قاعة تضم مجموعة من المطاعم والمقاهي الأنيقة والفاخرة مع إطلالات رائعة على النهر، بينما يجري العمل على تطوير واجهة بلغراد المائية على غرار مدينة دبي والتي يبدو أنها ستغير منظر سافامالا في المستقبل القريب، وفي نفس الوقت يشهد فن الشارع ازدهاراً في المنطقة.
من المناطق الرومانسية هناك منصة الجاز الرائعة باستا التي تطل على جسر برانكوف، و في أعلى التل هناك هلال فيناك الثلاثي المكون من كوسانسشيف واوبليسيف وتوبليشين الذي يحد جدران الباروك للبلدة القديمة في مدينة بلغراد، وبوابة فاروس كابيجا، وتعتبر تلك المنطقة اليوم محوراً آخر للمقاهي والمطاعم الحيوية مع الممرات العتيقة والأنيقة وأستوديوهات الفنون ومتاجر التحف الموجودة بها.
نشأت نوفي بلغراد أو بلغراد الجديدة على مستنقعات شمال نهر سافا بعد الحرب العالمية الثانية، وبها قدر معتبر من المطاعم والنوادي العائمة المعروفة باسم سبلافوفي، ولمحبي الشراسة والجانب الوعر من المدينة تعتبر زيارة البوابة الغربية أمراً لازماً، وكذلك النزهة على طول نهر الدانوب مروراً عبر حديقة الصداقة مع أشجار الجميز التي زرعتها أنديرا غاندي والملكة إليزابيث الثانية وأعضاء فرقة الرولينغ ستونز وغيرهم، وصولاً إلى زيمون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"