عادي

بوسيتش.. أكاديمية كرواتية ترغب في أنسنة الأمم المتحدة

قادت بلادها بنجاح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو

04:13 صباحا
الصورة
لم يكن يدور بخلد الأكاديمية رفيعة المستوى، الأستاذة الجامعية بوسينا بوسيتش ابنة البروفيسور يوجين بوسيتش، والمولودة في مارس 1953 في زغرب، أيام ما كانت يوغسلافيا دولة واحدة، أنها يوماً ما ستنخرط في السياسة، وهي ابنة إحدى العائلات المعروفة بتميزها العلمي والأكاديمي، وهو نفس الطريق الذي سارت عليه بوسينا، حيث عملت أستاذة جامعية منذ تخرجها عام 1976 في كلية الآداب بزغرب قسم الاجتماع والفلسفة، وواصلت تميزها وعملها الأكاديمي إلى العام 1990، عندما قررت دخول معترك السياسة بتأسيسها مع 28 عضواً الحزب الليبرالي الكرواتي الشعبي، لتتركه سريعاً وتعود إلى قاعات الجامعة التي تعشقها وتجد نفسها متنازعة ما بينها و عرصات السياسة، التي انتصرت في النهاية، ووصلت فيها إلى أعلى المستويات، كرئيسة للبرلمان الكرواتي ووزيرة للخارجية، وتسعى اليوم للظفر بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة بعد ترشيح بلادها لها الشهر الماضي بشكل رسمي.
حياة بوسيتش التي كان طابعها الأكاديميات، حصلت على الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1984 من جامعة زغرب التي كانت تعمل بها، بعد أن قضت سنوات عضواً في مجموعة الأبحاث الدولية عن الديمقراطية، ورئيسة قسم الاجتماع، وتقدم محاضرات ودورات تعليمية عن الديمقراطية حتى العام 1978، عندما قررت إنشاء أول منظمة نسوية تعنى بالديمقراطية في جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية السابقة، مع سبع نساء أخريات، وتعرضت لقمع كبير من السلطات في ذلك الوقت.
وكانت تواصل في الوقت نفسه العمل ضمن ظروف صعبة في بلدها الاشتراكي، للتوعية بالديمقراطية الليبرالية والقضايا النسوية، إلى أن جاء عام 1990 وأسست حزبها السياسي لكنها سرعان ما تركته عام 1992، لتأسيس «رابطة ايراسموس» وهي منظمة غير حكومية وغير حزبية، تعنى بالفكر والديمقراطية بالتركيز على قضايا التحول الديمقراطي في كرواتيا، وبلدان يوغسلافيا السابقة وأوروبا الشرقية، وكانت تصدر مجلة خاصة بالمركز، وفي الوقت نفسه ترأست قسم الاجتماع والعلوم الإنسانية بالجامعة.
لكنها عادت لحزبها الذي أسسته عام 1997، لتصبح رئيسته عام 2000، عندما قررت خوض تجربة الانتخابات البرلمانية، لتدخل ردهات البرلمان في العام نفسه، لتهجر بعدها قاعات التدريس، وتنخرط في السياسة بجميع جوارحها حيث جرى إعادة انتخابها للبرلمان عام 2003، ولتصعد بعدها إلى منصب نائب رئيس البرلمان الكرواتي حتى العام 2008، لتتشجع بعدها لخوض انتخابات الرئاسة عام 2009، عبر الحزب الليبرالي الكرواتي الشعبي الذي تتزعمه، لتحصل على 7.5 % في الجولة الأولى وتحرز المرتبة الخامسة من ضمن 12 مرشحاً، لكنها خسرت الجولة الثانية، واحتفظت بمقعدها في البرلمان، وأصبحت رئيسة لجنة متابعة انضمام بلادها للاتحاد الأوروبي والمسؤول الأول عن هذا الملف، إلى جانب ممثل لرئاسة الجمهورية والأكاديميين وأرباب العمل والنقابات، إلى أن جرى اختيارها العام 2011 وزيرة للشؤون الخارجية في الحكومة التي يقودها تحالف يسار الوسط، وبعد حدوث خلافات في التحالف الحاكم جرى اختيار بوسيتش إلى جانب عملها كوزيرة للخارجية لتصبح نائب رئيس مجلس الوزراء، وهو المنصب الذي استمرت فيه إلى أن قررت الحكومة الكرواتية ترشيحها رسمياً لمنصب الأمين العام للام المتحدة.
وكانت بوسيتش أعيد انتخابها في البرلمان 2015، وتم اختيارها شهر فبراير الماضي في منصب نائب رئيس البرلمان مرة أخرى، وهو المنصب الذي تشغله الآن.
وفي الرسالة الرسمية التي بعث بها رئيس جمهورية كرواتيا، فسر ترشيح بوسيتش بقوله: «لديها مسيرة وطنية ودولية متميزة سواء بحكم عملها في المضمار السياسي، أو أثناء انتمائها للوسط الأكاديمي، الأمر الذي يؤهلها تماماً لتولي هذا المنصب، الذي يشمل القيادة والمسؤولية على الصعيد العالمي، وخلال فترة توليها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرة الشؤون الخارجية نشطت بالأخص في قضايا التنمية، وقضايا حقوق الإنسان، وركزت عملها تحديداً على تمكين النساء والفتيات، لا سيما في المجتمعات الخارجة من النزاعات».
لكن سيظل أمام بوسيتش التي تجيد اللغة الكرواتية والانجليزية والألمانية بطلاقة، طريق طويل للحصول على دعم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، صحيح أن بوسيتش استطاعت أن تنجح في ضم كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي في يونيو2013، ونجحت بوسيتش في كسر هذا الموقف في 2013، وجعلت بلادها العضو رقم 28 في الاتحاد الأوروبي، وهو دلالة على أنها يمكن أن تجد دعماً من الدول الأوروبية، لنجاحها في إدارة وجه كرواتيا من واحدة من الجمهوريات الاشتراكية، إلى السير في طريق الرأسمالية والليبرالية الغربية، إضافة إلى أن كرواتيا عضو في حلف الناتو منذ وقت مبكر، وهي كلها مؤشرات يمكن أن تساعدها، وإن كان موقف روسيا وأمريكا منها هو ما سيقرر بشأن فوزها أو عدمه.