ليست مصر وحدها مستهدفة

03:53 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود حسونة

الجيش المصري الذي دحرهم وحطم مخططاتهم في ٢٠١٣ قادر على تحطيمهم في ٢٠٢٠ ولو كان على أكثر من جبهة

ليس جديداً أن تتعرض مصر لمؤامرة كبرى، وليس خافياً أن التآمر عليها لا يستهدفها وحدها، ولكنه يستهدف الأمة بكاملها، فصفحات التاريخ مملوءة بتفاصيل المؤامرات التي حاكها زبانية المشارق والمغارب على مصر، ومملوء بتأكيدات أن هذه المؤمرات كانت تستهدف مشرق العرب ومغربهم؛ ولأن مصر هي قلب العروبة جغرافياً وسياسياً فإن جميعهم كانوا وما زالوا يدركون أن ضرب القلب، ستكون نتيجته الحتمية سقوط وتوقف باقي الأعضاء عن الحياة.

المؤامرة الجديدة لا تعود إلى الأمس القريب، وتكاد تكون الأكبر والأكثر تعدداً للأطراف المتآمِرة وللأطراف المتآمر عليها، وهذه الأخيرة معروفة وتشمل كل من ينطق بلسان عربي مبين، أما المتآمِرة فإن الزمن يكشف لنا إيحاءً كل فترة عن طرف، ولا يجب أن ننتظر حتى تكتمل الصورة؛ بل علينا أن نكملها بأنفسنا بقراءة واعية للمعطيات المعلنة والمتاحة.

هذه المؤامرة تعود إلى ما قبل يناير ٢٠١١ وكان الهدف منها إسقاط الدول العربية بعد نشر الفوضى الأكثر هدماً، ونجحوا في إسقاط عدد من الدول التي ما زالت تعاني آثار ما أسموه «الربيع العربي»، ونجت مصر من المؤامرة وسرعان ما أفاقت من الغيبوبة ونفضت عنها غبار حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وقضت على حلم المتأسلمين والخونة وسلطان الوهم العثماني، الذي زار مصر خلال حكم رعاياه الإرهابيين واستقبله أتباعه كما استقبل الخوَنة سابقيه من «الفاتحين» منغلقي الفكر منذ الدموي سليم الأول وحتى النائم عبد المجيد الثاني.

مصر حطمت حلم أردوغان وتابعيه، وحتى الآن لم يستوعب الصفعة، لذا بحث عن وسائل للرد، ووجد بين أبناء الأمة وأعدائها من لديهم الاستعداد لتمهيد الطريق أمامه ودعمه للنيْل من مصر وأشقائها، وجد ضالته في السراج ومن على شاكلته ممن لا يدركون أن أطماعه ليست مصر وحدها، ولكن امبراطورية لا تقل مساحة عن امبراطورية العثمانيين، بل تزيد عليها بعد أن أصابه هوس التفوق على أجداده ونهب خيرات أرض العرب.

وبعد الدور المشهود لأردوغان في تدمير سوريا ونهب العراق متعاوناً مع أعداء الأمة من إرهابيي العرب والعجم، وأعدائها التقليديين والمستجدين، التفتوا إلى مصر للانتقام من إفشالها مخططهم الشيطاني في ٢٠١١، وبعد بحث وتنقيب كان قرار محاصرتها من مختلف الجهات، جنوباً بسد النهضة والتنسيق الدائم بين تركيا وإثيوبيا لتعطيشها، وغرباً عبر احتلال ليبيا وتسكين الدواعش والإخوان وكل فصائل الإرهاب على حدود مصر، لقض مضاجعها ونشر الإرهاب فيها حتى إقامة دولة خلافتهم الوهمية، وشمالاً عبر العدو التقليدي، وعبر بقايا جماعات الإرهاب في سيناء، وداخلياً عبر الخونة الذين ينتمون أو يتعاطفون مع الإخوان وفصائل الإرهاب، وإعلامياً عبر الفضائيات المسمومة التي لا شاغل لها سوى النيل من مصر وقيادتها وجيشها وإنجازاتها، وتبث من تركيا وغيرها من العواصم بعد أن تم رصد الميزانيات الضخمة، وكلها أموال طارت في الهواء بعد أن فشلوا في إحداث أي تغيير في مواقف أهل مصر الشرفاء المؤمنين بوطنهم وقيادتهم والواقفين خلف قواتهم المسلحة إيماناً منهم بأنها الدرع الواقية والحصن المتين عبر التاريخ وفي كل وقت وحين.

في مصر هناك من لا يتفقون مع نظامها السياسي، ويكتبون آراءهم بوضوح وصراحة عبر مواقع التواصل، ومن يتابعهم اليوم سيجدهم وقد غيروا مواقفهم تماماً بعد أن أدركوا المؤامرة التي يتعرض لها الوطن وأصبحوا من دعاة الوقوف خلف القيادة ودعم الجيش والاصطفاف صفاً واحداً في مواجهة أعداء الوطن، وهو ما يكشف الفرق بين المعارض والخائن، فالأخير مستعد للنيل من وطنه ووضع يده في يد الأعداء مقابل بضعة دولارات.

مصر أحبطت مؤمرات كبرى عبر التاريخ، وانتصرت في معارك فرضت عليها، وقاتلت أشكالاً وألواناً من المعتدين وبينهم العثمانيون الذين هزمهم الجيش المصري في عقر دارهم وفِي عز مجد امبراطوريتهم الوهمية، ولن ننسى معركة قونية. وما يحدث حالياً ليس سوى توابع لما حدث في ٢٠١٣، والجيش المصري الذي دحرهم وحطم مخططاتهم في ٢٠١٣ قادر على تحطيمهم في ٢٠٢٠ ولو كان على أكثر من جبهة، والمهم هو أن يتوحد المصريون خلفه ومعهم أوفياء العرب الذين يؤمنون بمصر قيمةً وقدراً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"