نهاية رئيس أم نهاية أمة؟

04:09 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج
د. ناجي صادق شراب

الصحفي الأمريكي توماس فريدمان يتساءل بقدر من عدم التفاؤل، هل انتخابات 2020 تدشن لنهاية الديمقراطية الأمريكية؟ ويحذر أنه ربما لا ترى أمريكا أي انتخابات نزيهة حرة، ولا قد لا ترى انتقالاً شرعياً سلمياً للسلطة في حال خسارة الرئيس ترامب. فالتشكيك في الانتخابات، والاتهامات بتزوير الأصوات بدأت من قبل ترامب قبل أن تبدأ الانتخابات. الكل متفق على أن الانتخابات القادمة هي الأخطر، وستكون غير مسبوقة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيو نجستاون بول سراسيك يقول: «ترامب يميل بطبعه إلى تعطيل الظروف الراهنة، كما أنه يحمل ثقة مطلقه بقدرته على إصلاح ما يدمره من غير قصد؛ لكن من سوء حظه تختلف مهارات الشجاعة والجرأة عن الدقة والهدوء والتنبه إلى التفاصيل؛ وهي المزايا اللازمة لمنع أي أضرار إضافية.
لا يريد الناخبون المتأرجحون مسؤولاً بهذه المواصفات؛ بل يفضلون شخصاً قادراً على تبديد مختلف الأزمات، لا يكفي الاعتماد على قاعدته الانتخابية؛ بل إن كسب الطبقة المتوسطه يعد أمراً ضرورياً. الرئيس ترامب لا يمل من الحديث عن نفسه، ولا يركز على التفاصيل». أما أستاذ التاريخ الأمريكي والمعروف بتنبؤاته الآن ليختمان، فيتنبأ بفوز بايدن على ترامب.
وكان من القليلين الذين تنبأوا بفوز ترامب في انتخابات 2016، ويستند في توقعاته على فوز الديموقراطيين في الانتخابات النصفية عام 2018، واستمرار جائحة «كورونا» وتزايد الإصابات والوفيات، والاحتجاجات المجتمعية في أعقاب مقتل جورج فلويد، وما تزالت تداعياتها قائمة. والسبب الثالث محاكمة عزله، وإن كان خرج منها؛ لكنها ما تزال تلقي بظلالها؛ لعدم القناعة ببراءته. وعدم تحقيق إنجازات سياسية وعسكرية كبيرة، وتفتقد شخصيته إلى الكارزمية. ومما يعمل لمصلحته أنه لا منازع له في حزبه، وبايدن المرشح الديمقراطي ليس كارزمياً ولا ملهماً.
بعيداً عن هذه التحليلات واستطلاعات الرأي التي تشير إلى احتمال فوز بايدن، يبقى التساؤل عن ردود فعل ترامب، وما السيناريوهات المتوقعة التي قد تهدد بحرب أهلية، كما أشار الصحفي توماس فريدمان. أبرز السيناريوهات الطعن في نتيجة الانتخابات، وعدم التسليم بنتيجتها. وسيناريو المطالبة بإعادة الفرز، والسيناريو الأخطر؛ دعوة الجيش لاحتلال كل المدن الأمريكية، لا ننسى أن الرئيس الأمريكي يبقى رئيساً حتى 20 يناير/كانون الثاني 2021، أي أن ترامب وفي حال خسارته سيبقى رئيساً حتى هذا التاريخ، وبإمكانه إصدار الكثير من القرارات التنفيذية، ويمارس سلطاته وصلاحياته.
وماذا لو لم يغادر الرئيس ترامب البيت الأبيض؟ المعلوم أنه في الانتخابات الرئاسية ألأمريكية ترك كل رؤساء أمريكا مناصبهم من دون حوادث. ويمكن اللجوء إلى رأي المحكمة العليا التي بيدها الحسم، وهي التي تصدر حكماً سريعاً.
الذي يدعو للقلق تلك التصريحات التي يرددها الرئيس ترامب، وتكشف عن طبيعته الديكتاتورية، فهو يشكك بنتائج الانتخابات قبل أن تبدأ، ويبدي إعجابه بسلطة الديكتاتوريين، بقوله: «تمنيت أن أفعل ما أريد مثل العديد من الطغاة». ويعد نفسه أنه هدية من السماء، وأنه معصوم من الخطأ، ونرجسي الشخصية، والأكثر غرابة مدحه لشخصية أردوغان، وأنه من أكثر المعجبين به، وأيضاً رئيس كوريا الشمالية.
إن شخصية بهذه المواصفات ليس سهلاً أن تتقبل الخسارة والهزيمة، وتسليم السلطة بطريقة شرعية سلمية، ولعل أخطر السيناريوهات قيام العديد من أنصاره وهم مسلحون بالتظاهر في الشوارع، وجر البلاد لحرب أهلية إذا ما اندلعت ستعرض حلم الأمة الأمريكية للنهاية. وبالمقابل عندما سُئل بايدن في حال فوزه ماذا سيفعل؟، أجاب «سأطالب الجيش بإخراجه بالقوة من البيت الأبيض»؛ لكن السؤال هل يمكنه إخراجه قبل نهاية فترة رئاسته في يناير/كانون الثاني 2021؟ هذه الانتخابات تختلف عن سابقاتها؛ إذ إنها تأتي في وقت تتزايد فيها مظاهر الانقسام المجتمعي والسياسي.
بعد أقل من ثلاثة أشهر يتقرر مصير ليس الرئيس ترامب فقط؛ بل مستقبل الديمقراطية والحلم الأمريكي ومستقبل أمريكا القوة الأولى في العالم.
drnagishurrab@gmail.com

عن الكاتب:
أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية