إرهاب «تشارلي إيبدو»

23:04 مساء
قراءة دقيقتين


يوسف أبو لوز

ينطلق كل من هو وراء الإساءة لرسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، من عنصرية دينية أولاً، ولكن الأمر لا يتعلّق بالدين فقط، بل تكشف هذه العنصرية المريضة عن قاع الثقافة الغربية. ومثلما انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة تسييس الإسلام على يد جماعات إرهابية متطرّفة فكراً وسلوكاً، ها نحن نرى تسييساً آخر يقوم هذه المرة على العنصرية والتمييز في الغرب أو في بعض بلدانه الحاضنة، بشكل خاص، لخليط من المهاجرين الذين يحملون معهم عُقدهم التربوية والنفسية والثقافية إلى بلدان الحريات والديمقراطيات المفتوحة. وعلى الرغم من هذا الانفتاح، فإن عُقد العنصرية والتمييز لم تذب بعد في مجتمعات الحداثة والمعاصرة، وأسوأ تمثلات هذه العقد أن يقوم فرد أو جماعة بالإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي ينفتح فيه العرب على الأديان السماوية، ويحترمون ثقافة التسامح، ويرفعون من شأن قيم المساواة والمحبة والتعايش.
إن من يسيء إلى رسولنا الكريم إنما، ضمنياً ومن دون أن يدري أو يدري، يسيء إلى المسيح، عليه السلام، وهي بالطبع حالات مرضية شاذّة، فليست كل الثقافة الغربية لها قاع معتم واحد، ومثلما في الغرب مرضى نفسيون على صعيد كراهية الآخر، فإن في الغرب أيضاً مفكرين إنسانيين، وفلاسفة كباراً يعتبرون الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، نموذجاً ومثالاً إنسانياً وأخلاقياً كونياً خرج من صلب ثقافة عريقة، ونشر ديناً سماوياً عادلاً لا أسود فيه ولا أبيض.
قبل سنوات نشرت مجلة «تشارلي إيبدو» الفرنسية رسوماً مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واليوم، تعيد نشر هذه الرسوم، بكل وقاحة وتجاهل لمشاعر الملايين من العرب والمسلمين، ومشاعر الأوروبيين الذين اعتنق البعض منهم الإسلام. وهو سلوك استفزازي ولا مناسبة له، فقط الحقد على الإسلام ورمزيته العالمية محمد صلى الله عليه وسلم.
كسلوك مضاد، لم يقم أي صحفي أو مصور أو رسام عربي مسلم، بالتطاول على أي رمز ديني أو عقائدي أو فكري أو حتى ميثولوجي.
نعم، هناك جانب روحي يمنع العربي المسلم من إهانة الأديان، هذه ليست أخلاقياتنا ولا تربيتنا ولا هي من ثقافتنا الإنسانية التسامحية.
التطاول على دين أو نبي أو كاهن أو راهب أو قدّيس هو عمل إرهابي والإرهاب الفكري يتساوى في الجريمة والبشاعة مع إرهاب السلاح بكل أشكاله.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"