فقر الدم اضطراب في الكرات الحمراء

تحقيقات «الصحة والطب»

تتدرج الإصابة بفقر الدم من البسيطة إلى الشديدة؛ حيث إنها تحدث نتيجة نقص في نسبة الهيمجلوبين، وقلة أنتاج كرات الدم الحمراء، وتعتبر من المشكلات المرضية المنتشرة التي تصيب الجنسين في جميع الأعمار من الصغار قبل سن المدرسة إلى المسنين، ويعانيها نحو 62‚1 مليار شخص، ما يعادل 24.8% من سكان العالم بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، وتنسب أنواع هذا المرض لسبب الإصابة، وتعد أنيميا نقص الحديد هي الأكثر شيوعاً، والناجمة عن نقص فيتامين B12 أو حمض الفوليك، والناتجة عن العوامل الوراثية، التي تؤدى إلى تكسير خلايا الدم، كالأنيميا المنجلية، وأنيميا البحر المتوسط، وفي هذا التحقيق يحدثنا الخبراء والاختصاصيون عن طرق الوقاية والعلاج من هذا المرض.

توضح الدكتورة ديبتي شاتورفيدي، مختص طب الأطفال، أن فقر الدم عند الصغار ينجم عن عدم كفاية عدد خلايا الدم الحمراء أو الهيمجلوبين، وتوصى الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بضرورة فحص الدم للكشف عن نسبة الحديد في عمر 9 إلى 12 شهراً للرضع، ومرة أخرى بعد 6 أشهر للأطفال الخدج، ومنخفضو الوزن عند الولادة، والذين يعانون مخاطر طبية أو سوء التغذية، ومن لديهم تاريخ وراثي، وتتمثل أعراض الإصابة في لون الجلد الشاحب، الضعف العام، الدوخة، التهاب اللسان، ضربات القلب السريعة، واصفرار البشرة، وقلة التركيز والانتباه.

عوامل متنوعة

تبين د. ديبتي، أن فقر الدم عند الأطفال يحدث بسبب عدم القدرة على إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء، أو حالة طبية تؤدي إلى تدمير هذه الخلايا، أو فقدان كمية كبيرة من الدم بسبب التعرض للنزيف بعد الحوادث، ويتم تشخيص الحالة عن طريق عمل صورة الدم الكامل، وفحص الهيمجلوبين، لاكتشاف الخلايا الحمراء غير الطبيعية، أو أجسام أخرى، إضافة إلى اختبار يقيس عداد خلايا الدم غير الناضجة.

طرق التداوي

تلفت د. ديبتي، إلى أن علاج فقر الدم يعتمد على سببه ونوعه، وفي الحالات الخفيفة يمكن أن يفيد تغيير نظام الأكل أو استخدام المكملات الغذائية في تحفيز إنتاج الخلايا، أما الإصابات الحادة فتكون هناك خطة للمعالجة طويلة الأمد، وتناول أقراص الحديد، وحقن فيتامين (ب 12)، أما الأكثر شدة، فتعتبر من الحالات الطارئة التي تحتاج إلى نقل الدم، وتتمثل الوقاية من الأنيميا في اتباع نمط غذائي متوازن ومغذي، مثل اللحوم، الفول، العدس، البيض، الشوفان، السمك والتونة، الخضراوات الورقية، الزبيب، والفواكه كالمشمش، والبرقوق.

إصابة الحوامل

تقول الدكتورة مها الغزاوي، أخصائية أمراض النساء والتوليد: إن الإصابة بأنيميا الحمل تنتج عن زيادة حجم السوائل في الجسم وتمدد الدورة الدموية أثناء هذه الفترة، وسوء التغذية، إضافة إلى تزايد حاجة الجنين للحديد وحمض الفوليك الذي يقوم ببناء خضاب الدم وخلايا الكرات الحمراء، ولا ترافق هذه المشكلة في البداية أعراض ظاهرة، لكن يمكن أن تشعر السيدة بالتعب، الخمول، الضعف العام، الصداع، شحوب الوجه، سرعة في دقات القلب، جهد في التنفس، ونقص عدد ساعات النوم، ويتم تشخيص أنيميا الحمل عن طريق الفحص السريري، وإجراء بعض الفحوص المخبرية، كاختبار مستوى خضاب الدم وحامض الفوليك وفيتامينB12، وكمية مخزون الحديد في الكبد والدم، إضافة إلى فحص الأنيميا الوراثي لأنواع الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي.

مضاعفات ومخاطر

تنوه د. مها إلى أن الجنين أثناء وجوده بالرحم في شهور الحمل يستمد كفايته من حمض الفوليك والحديد من الأم، ولا تتسبب الأنيميا في حدوث أي أضرار له في الحالات الخفيفة، أما عندما تتفاقم الإصابة وتكون شديدة فيمكن أن يصاب الجنين أيضاً بفقر الدم، وتجدر الإشارة إلى أن إصابة الأم بالأنيميا من النوع الحاد ينتج عنها العديد من المضاعفات كنقص النشاط، وضيق في النفس، وسرعة دقات القلب، إضافة إلى فقدانها القدرة على الدفع الجيد أثناء الولادة، وربما تتعرض لعدم تعويض الدم المفقود، والنزف، وبالتالي تحتاج إلى نقل الدم.

تدابير الحماية

تشير د. مها إلى أن تدابير حماية السيدات الحوامل من الإصابة بفقر الدم، تتمثل في اتباع النظام الغذائي المتوازن قبل وخلال شهور الحمل؛ حيث يجب أن يكون الطعام متنوعاً وغنياً باللحوم، الخضراوات الخضراء والورقية، البقوليات، الأسماك التي تحتوي على كمية كبيرة من عنصر الحديد، مع ضرورة تناول حمض الفوليك من قبل الحمل بثلاثة أشهر ويستمر لفترة، وكذلك المكملات الغذائية وأقراص الحديد من بداية الثلث الثاني من الحمل، والالتزام بالتعليمات والمتابعة مع الطبيبة النسائية، لضمان سلامة وصحة الأم والجنين.

فحوص وتشخيص

تلفت الدكتورة دارين عبدالله طبيبة الصحة العامة، إلى أن تشخيص فقر الدم، ومعرفة سبب الإصابة بشكل عام، يتم عن طريق تحليل صورة الدم الكاملة، الذي يكشف عن عدد وحجم كرات الدم الحمراء ونسبة الهيمجلوبين، أما تحديد سبب ونوع الأنيميا فيحتاج إلى فحوص محددة ومختلفة كالآتي:

- اختبار مخزون الحديد في الدم للكشف عن أنيميا نقص الحديد، وكذلك الحال للأنواع المشابهة كنقص حمض الفوليك أو فيتامين B12.

- تؤدى الأنيميا الوراثية إلى تكسير خلايا الدم، ولذلك يتم تشخيصها عن طريق عمل فحص عدد الخلايا الشبكية ونسبة الصفراء، وبعض التحاليل المناعية الأخري.

- في حال الشك أن الأنيميا ناتجة عن تليف في النخاع العظمي، وقصور في وظيفته، يقوم الطبيب بطلب أخذ عينة من النخاع الموجود في عظمة الخصر أو الحوض.

فئة مستهدفة

تذكر د. دارين، أن فقر الدم يستهدف النساء أكثر من الرجال نتيجة فقان الدم خلال أيام الدورة الشهرية أو في شهور الحمل، أما عند الأطفال فتنجم عن سوء التغذية، ويعتبر النزف المتكرر الناتج عن بعض الأمراض أحد الأسباب الشائعة، مثل: البواسير، تقرحات المعدة، دوالي المريء، وكذلك الأشخاص النباتيين؛ حيث إنهم لا يأكلون المنتجات الحيوانية، وبالتالي تكون أجسامهم عرضه لنقص فيتامين B12، إضافة إلى من لديهم تاريخ وراثي عائلي بالمرض، كأنيميا البحر المتوسط، أو المنجلية.

نصائح وقائية

تؤكد د. دارين، أن الوقاية من فقر الدم تقلل خطر الإصابة، وتبدأ من الالتزام بنمط الحياة الصحي، وتناول الأطعمة المفيدة والغنية بعنصر الحديد من المصادر الحيوانية كاللحوم الحمراء والكبدة، والنباتية كالخضراوات الورقية بكل أنواعها، مع مراعاة أن تحتوي الوجبات على المنتجات التي تحتوي على فيتامين C، لتسهم في تحسين سهولة امتصاص الحديد في الجهاز الهضمي، مع تجنب شرب الشاي والقهوة بعد الأكل مباشرة، لكن بعد مرور ساعتين أو ثلاثة.

وتضيف: إن الاختبارات الفحوص وعمل صورة الدم الكاملة بشكل دوري تعد من أهم الإجراءات التي تسهم في تفادي الإصابة بفقر الدم، وإمكانية العلاج مبكراً في حال ظهور الأنيميا، ويعتمد العلاج يكون على أقراص الحديد وفيتامين B12، وحمض الفوليك.

جرعات الحديد

يعتبر عنصر الحديد هو العلاج الأكثر شيوعاً للأنيميا غير الموروثة، لكن يوصي الخبراء بعدم تناوله على معدة فارغة، لكن الأفضل أن يكون مع بعض الأطعمة، وخاصة عصير البرتقال الذي يحتوي على فيتامين C، ليزيد من فاعلية امتصاصه، إضافة إلى بعض التوصيات الخاصة بجرعات الحديد المناسبة للأطفال المصابين، كالآتي:

- الرضع من 4 إلى 6 أشهر يحتاجون إلى 0.27 ملجم من حليب الأم أو تركيبة مدعمة بالحديد.

- من 6 أشهر إلى سنة واحدة، تكون الجرعة 11 ملجم من حليب الأم أو الحليب الاصطناعي، إضافة إلى الأطعمة الغنية بالحديد.

- الخدج منخفضو الوزن خلال العام الأول يحتاجون من 2 إلى 4 ملجم لكل كيلوجرام من وزن الصغير، إضافة إلى حليب الثدي والأطعمة الغنية بالحديد.

- الأطفال الأكبر من1 إلى 3 سنوات يتم إعطاؤهم 7 مجم من الحديد.