عادي

قلعـة قايتبـاي.. درة العمـارة الحربية في العصر المملوكي

22:16 مساء
قراءة 3 دقائق
قلعـة قايتبـاي
قلعـة قايتبـاي

القاهرة: «الخليج»


اشتهر السلطان المملوكي قايتباي ببناء عدد من الآثار التي خلدت اسمه وجعلته من أكثر سلاطين المماليك بناء للمساجد والوكالات التجارية، وتميز عليهم ببناء قلعته الشهيرة، في الإسكندرية، والتي تعد أهم الآثار الحربية المملوكية على الإطلاق.

تعد قلعة قايتباي الموجودة بجزيرة «فاروس» غرب مدينة الإسكندرية ثاني أهم القلاع الحربية في مصر بعد قلعة «الجبل» التي بناها في القاهرة صلاح الدين الأيوبي.
بني قايتباي قلعته سنة 882ه، وتعتبر من أهم المزارات السياحية في مدينة الإسكندرية، إذ يفد إليها آلاف السائحين من جميع أنحاء العالم سنوياً، نظراً لمعمارها الضخم، والمتميز في آن واحد، وبني قايتباي هذه القلعة لحماية مدينة الإسكندرية من التهديدات الكثيرة من الدولة العثمانية في ذلك الوقت.
يقول د. سيد عشماوي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة: تعد قلعة قايتباي من أهم القلاع على ساحل البحر المتوسط، ولذلك اهتم بها سلاطين وحكام مصر على مر العصور التاريخية، ففي العصر المملوكي نجد السلطان الغوري يهتم بها بشكل كبير، وزاد من قوة تأمينها وتزويدها بالسلاح، وحين جاء العثمانيون إلى مصر، استخدموا القلعة لحمايتهم، وأسكنوا بها أعداداً كبيرة من الجنود المشاة والفرسان والمدفعية، وعندما ضعفت الدولة العثمانية بدأت القلعة تفقد أهميتها الاستراتيجية والعسكرية، وحين جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر استولى نابليون بونابرت ورجاله على القلعة، وكانت بداية استيلائهم على مدينة الإسكندرية، ولكن عندما تولى محمد علي حكم مصر بدأ في تجديد القلعة وإصلاحها وتجديد أسوارها وتزويدها بالمدافع، بالإضافة إلى إنشاء عدد كبير من الحصون. ومع دخول الاحتلال الإنجليزي إلى مصر عام 1882 تعرضت القلعة للتخريب من قبل الجيش البريطاني، لكن مع عام 1904 قامت «لجنة حفظ الآثار العربية» بعدد هائل من الإصلاحات داخلها، وعمل تجديدات شاملة لها حتى وصلت إلى الشكل المعماري الجمالي المميز الذي نراها عليه الآن.
أبراج مستديرة
بنيت القلعة على مساحة كبيرة تصل إلى 18 ألف متر مربع، وتضمنت بناء أسوار القلعة الخارجية وتحصيناتها الحربية، ويحيط السور الأول بالقلعة من الجهات الأربع، ويقع الضلع الشرقي منه على البحر مباشرة ويبلغ سمك عرضه مترين وارتفاعه ثمانية أمتار، ولا يوجد به أية أبراج. أما الضلع الغربي فهو عبارة عن سور ضخم سمكه أكبر من باقي الأسوار، يوجد به ثلاثة أبراج مستديرة، ويشمل الضلع الجنوبي ثلاثة أبراج مستديرة ويتوسط هذا السور باب، أما السور الشمالي فيقع أيضاً في اتجاه البحر، ويوجد بجواره ممر كبير مسقوف بني من الصخر، ويتخلل هذا السور من الداخل مجموعة من الحجرات المتجاورة، كانت تستخدم ثكنات للجند. ويقع البرج الرئيسي للقلعة في الناحية الشمالية الغربية، وهو مكون من ثلاثة طوابق على شكل مربع يخرج من كل ركن من الأركان الأربعة برج دائري يرتفع عن سطح البرج الرئيسي، وهذا البرج مبني من الحجر الجيري.
وللقلعة مدخل رئيسي في الجبهة الجنوبية الغربية على هيئة برجين على شكل ثلاثة أرباع الدائرة وقد ألحق بالقلعة مسجد يقع في الجهة الشمالية الشرقية يتكون من دور قاعة وسطي يحيط بها أربعة إيوانات ويوجد بالقلعة أيضاً صهريجان لتخزين المياه العذبة لاستعمال الجنود الذين كانوا يقيمون في القلعة. وتم بناء القلعة في مكان «منارة الإسكندرية» القديمة، وكانت تعد إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة.
حصن أمان
تؤكد د. سهير حواس أستاذة العمارة بجامعة القاهرة على أن القلعة تتميز بالشكل المعماري المربع، وهو من أفضل الأشكال لبناء القلاع الحربية، وكانت حصن أمان لمصر لسنوات طويلة، ونقطة دفاعية لها على البحر المتوسط، نظراً لأنها تتميز بأسوارها العالية وأبوابها الحصينة، وأبراجها المتعددة والتي يوجد بها حجرات للتحصينات الحربية وحجرات دفاعية بها نوافذ لرمي السهام في مواجهة العدو. كما توجد به أبنية لتخزين السلاح والمؤن والطعام. وتتشابه القلعة مع كثير من القلاع الحربية التي بنيت على شاطئ البحر المتوسط، وإن تميزت قلعة قايتباي بكونها أهم هذه القلاع، نظراً لضخامة المبني وقوته، وتصميمه المعماري الذي لا مثيل له، ما جعلها تحفة معمارية فريدة.
وتضيف: يشهد التاريخ على الدور المعماري الذي قام به السلطان قايتباي في العمارة الإسلامية بشكل عام فهو من أكثر سلاطين المماليك اهتماماً بالعمارة، وأنشأ العديد من المساجد في مدينة القاهرة، وفي العمارة التجارية أنشا وكالتين، الأولى في حي الأزهر بجوار الجامع الأزهر مباشرة، والثانية في نهاية شارع الجمالية بالقرب من باب النصر، وفي العمارة الاجتماعية أنشا عدداً من الأسبلة منها سبيله الشهير بشارع الصليبية وآخر في شارع الأزهر.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"