قانون الأمن الفرنسي و«الحرية»

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

رقية دياولو *

عبر رؤساء تحرير وسائل الإعلام الوطنية الكبرى عن مخاوفهم وأعلنوا أن أياً منهم لن يقبل عملية تقييد حرية حركة الصحفيين 

تستمر التظاهرات في باريس احتجاجاً على قانون الأمن الجديد على الرغم من الأزمة الصحية والإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19. ويتهم المتظاهرون الذين رددوا الشعار الأسمى في فرنسا «ليبرتي» أو «حرية»، القانون الجديد بعرقلة الحريات المدنية. ويقول منتقدو القانون الذي أقر بالقراءة الأولى من قبل الجمعية الوطنية يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنه يهدد حرية الصحافة. ويفرض مشروع القانون قيوداً غير مسبوقة على حرية التعبير. وقد استرعى أحد بنوده الكثير من الاهتمام حيث يفرض غرامة قد تصل إلى 45 ألف يورو على من يصور رجال الشرطة أثناء تأدية مهام عملهم بطريقة تضر بسلامتهم الجسدية أو العقلية.

ويبدو أن عبارة «السلامة العقلية» على وجه الخصوص تمنح الشرطة مجالاً واسعاً لتفسير أي صورة من شأنها أن تجعلهم غير مرتاحين على أنها ضارة بموجب القانون. وسيكون النص القانوني الجديد عقبة أمام أي صحفي يحاول تغطية الاحتجاجات العامة، أو أي حدث ينطوي على تجاوزات محتملة تقوم بها الشرطة.

وذهب وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، إلى أبعد من ذلك، عندما قال إنه من أجل تجنب الاعتقال، يجب على الصحفيين الذين يغطون الاحتجاجات الحصول على تكليف رسمي من السلطات المحلية في المحافظة. وإذا تم تنفيذ هذا الشرط، فستكون خطوة أولى لفرض قائمة شروط تقيد حركة الصحفيين الذين يغطون تلك الحوادث. وقد عبر رؤساء تحرير وسائل الإعلام الوطنية الكبرى عن مخاوفهم في مقال رأي نشروه في صحيفة لوموند. وأعلنوا أن أياً منهم لن يقبل عملية تقييد حرية حركة الصحفيين، مشيرين إلى أنه «لا توجد أوراق اعتماد لأداء مهماتنا بحرية في الشوارع العامة».

وقال المحامي فينسينت برينغارث، إن هذا القانون يحول المجتمع الفرنسي إلى نموذج أقرب الى الدولة البوليسية. وأضاف أن القانون الذي اقترحه عضو في حزب ماكرون في البرلمان الفرنسي كان ضابطاً في الشرطة، مصمم لإرضاء جهاز الشرطة بدلاً من حماية المواطنين.

وحذرت العديد من هيئات حقوق الإنسان في فرنسا من هذا التدهور في الحريات. وقالت اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان في بيان لها إنه لم تتم استشارة أي من المؤسسات المسؤولة عن الحقوق الأساسية على الرغم من أن «هذا النص يعيد تصميم الخطوط العريضة لصفقة أمنية جديدة بطريقة مقلقة للغاية»

وندد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالقانون باعتباره يتضمن «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية». وهذه ليست المرة الأولى التي تحث فيها الأمم المتحدة فرنسا على جعل قوانينها متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، فقد حدث ذلك في عام 2017، قبل اعتماد قانون مكافحة الإرهاب الذي مهد الطريق لإجراءات أخرى بدا أنها لا تأخذ حقوق الإنسان على محمل الجد.

وبعد الاعتراضات غير المتوقعة التي قوبل بها القانون من المؤسسات والمواطنين الفرنسيين، تخلى رئيس الوزراء والرئيس الفرنسي عن دعم بعض مقترحات وزير الداخلية دارمانين. وقد حدد مجلس الشيوخ موعداً لمناقشة القانون مرة أخرى في يناير المقبل.

* صحفية وناشطة فرنسية. ذي واشنطن بوست

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفية وناشطة فرنسية. ذي واشنطن بوست

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"