عادي

نقص التروية المسـاريقي.. الطـريق إلى مــوت الأمـعاء

22:26 مساء
قراءة 6 دقائق
صحة


يصف الأطباء الإقفار المعوي بأنه عدم توازن بين الوارد من الأكسجين والمستهلك منه على طول الطريق الهضمي.
تغذي الشرايين المساريقية الأمعاء الدقيقة والغليظة، وعند تضيق أحد هذه الشرايين، أو انسدادها أو تضييق بعضها يظهر الإقفار المساريقي.
تعرف هذه الحالة بنقص التروية المساريقي أو الإقفار المساريقي، والتي يصاحبها ألم بطني شديد؛ بسبب انسداد الشرايين، ومن الممكن أن يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى موت الأمعاء.
يصيب هذا المرض في العادة من هم فوق الخمسين، إلى جانب المسنين فوق عمر الستين، وبخاصة المدخنين، كما أن عدد المصابات من السيدات أكثر من الرجال؛ حيث يصل المعدل إلى 3 نساء مقابل رجل واحد فقط.
نتناول في هذا الموضوع مرض نقص التروية المساريقي بكل جوانبه، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها، وطرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
حاد ومزمن
يقسم مرض الإقفار المساريقي إلى حاد ومزمن، وتكون أعراض الإقفار المزمن مستمرة ولوقت طويل، في حين أن الحاد يظهر فجأة، ويتطور سريعاً خلال مدة قصيرة.
يمكن أن يتحول نقص التروية المساريقي المزمن إلى حاد؛ وذلك بالنسبة للحالات التي لا تخضع للعلاج، وتبلغ نسبة النوع المزمن بين المصابين من 60% إلى 95%.
يشكو المصاب بهذا المرض من ألم حاد والذي يكون أسوأ بعد تناول الطعام، ما يترتب عليه العزوف عن الأكل، وبالتالي يحدث نقص في الوزن.
يتطلب الإقفار المساريقي الحاد جراحة عاجلة، وبخاصة لو كان سبب الإصابة وجود جلطة دموية، في حين أن النوع المزمن يكون علاجه برأب الأوعية أو عميلة جراحية مفتوحة.
الشرايين الصغيرة
تعد الإصابة بنقص التروية المساريقي نتيجة لانخفاض تدفق الدم إلى الأمعاء الدقيقة، والذي ينشأ عن وجود جلطة دموية في الشريان المساريقي الرئيسي.
تنشأ هذه الجلطة في الأغلب في القلب، كما أنها تكون أكثر شيوعاً؛ بسبب تراكم الترسبات التي تتسبب في ضيق الشرايين، ومن أكثر أسباب ذلك الانصمام الشرياني والخثرة الشريانية.
يتكون الانصمام الشرياني من تراكم الكوليسترول والمواد الدهنية الأخرى في الشريان، وهذه هي مكونات الجلطة التي تنتقل من القلب، أو الشريان الأبهر وتبقى في الشرايين الصغيرة، وفي هذه الحالة تكون في الأمعاء.
تدفق ضعيف
تتشكل الخثرة الشريانية بصورة عفوية في شرايين الأمعاء أو أوردتها، وبالتالي تمنع جريان الدم فيها، وفي بعض الأحيان فإن الدم لا يتوقف بصورة تامة، وإنما يصبح تدفقه ضعيفاً؛ بسبب انخفاض إنتاج القلب، كما يحدث عند الإصابة بفشل القلب.
يمكن أن يحدث هذا الأمر بسبب بعض الأدوية التي تتسبب في تضيق الأوعية الدموية، ويكون عرضة للإصابة بهذه الحالة بشكل كبير من تزيد أعمارهم على الخمسين.
تموت المنطقة المصابة من الأمعاء إذا توقف جريان الدم فيها لأكثر من 12 ساعة، ما يؤدي إلى أن تهاجم الجراثيم المعوية المصاب، ويكون من المرجح الإصابة بصدمة وفشل الجهاز، وبالتالي الوفاة نتيجة حدوث الموت المعوي.
ألم بعد الطعام
يعاني المصاب نقص التروية المساريقي في بداية الإصابة من ألم شديد في البطن، والذي يكون في العادة مفاجئاً.
يصبح الألم خفيفاً عند فحص الطبيب لبطن المريض من خلال الجس، إلا أن الألم الشديد يعود مرة أخرى عندما يجس الطبيب البطن؛ وذلك لأن الأمعاء تكون بدأت بالموت.
يلاحظ أن الألم يظهر بعد الوجبة، يعرف بألم بعد الطعام، ويمتد من 15 دقيقة إلى ساعة، ومن الممكن أن يظهر بأي مكان في البطن، إلا أن الأغلب يكون في أعلى البطن أو منتصفه، ويختفي فجأة.
يتكرر الألم بعد كل وجبة، وهو ما يترتب عليه امتناع المريض عن تناول الطعام حتى يتجنب هذا الألم الشديد، وبالتالي يفقد وزنه بشكل واضح، وتعرف هذه الحالة بخوف الطعام.
إسهال وإمساك
يعاني المصاب بالإقفار المساريق الحاد إضافة إلى الألم الشديد والمفاجئ مع حاجة ملحة لعملية الإخراج، وحمى وغثيان وقيء.
يبدأ الألم في الإقفار المزمن بعد تناول الطعام بنصف ساعة، ويزداد سوءاً خلال ساعة، ويزول في ظرف من 1 إلى 3 ساعات
يمكن ألا تخفف المسكنات الألم الذي يشعر به المصاب بهذا المرض، وإضافة إلى ما سبق فربما عانى الإسهال أو الإمساك والنفخة.
ينصح بطلب الرعاية الطبية الطارئة عند الشعور بآلام حادة مفاجئة في البطن، وبخاصة عند الشعور به بعد الأكل.
تلف الأمعاء
يمكن أن يتسبب تأخير علاج مرض إقفار المساريق الحاد أو المزمن إلى بعض المضاعفات، كالإنتان أو تلف الأمعاء أو الإصابة بالخوف المرضي من الأكل.
يحدث الإنتان بسبب إطلاق الجسم للمواد الكيميائية في مجرى الدم، بهدف مكافحة العدوى، وتعد هذه الحالة مهددة للحياة.
يتفاعل الجسم بصورة مفرطة مع هذه المواد، وبالتالي تحدث تغيرات من الممكن أن تتسبب في فشل العديد من الأعضاء.
يمكن أن يؤدي ضعف تدفق الدم إلى الأمعاء في موت أجزاء منها، وتؤدي هذه المضاعفات في كثير من الحالات إلى الوفاة.
تشمل مضاعفات الإقفار المزمن الخوف من الأكل؛ وذلك بسبب الألم الذي يشعر به المصاب بعد تناول الطعام والذي يرتبط بهذه الحالة.
يؤدي الخوف من الأكل إلى امتناع المصاب عن تناول الطعام، وبالتالي يفقد الوزن بصورة كبيرة، ومن الممكن أن تتطور أعراض الإقفار المزمن إلى الشكل الحاد.
فحوصات بالأشعة
يمكن أن يرجح الطبيب الإصابة بإقفار المساريق المزمن؛ بسبب الألم الذي يشعر به المصاب عقب تناول الطعام، والذي يكون سبباً في الخوف من تناول الوجبات، وبالتالي فقد الوزن ملحوظ، ويساعد على تأكيد التشخيص حدوث تضييق في الشرايين الرئيسية التي تتصل بالأمعاء الدقيقة.
تشمل الفحوصات التي يخضع لها المصاب إجراء أشعة سينية أو مقطعية أو رنين مغناطيسي على البطن؛ وذلك بهدف معرفة هل الشرايين التي توجد في الأمعاء الدقيقة ضاقت أم لا؟، وربما ساعد إضافة صبغة التباين في تحديد التضييق.
يحدد الطبيب من خلال التصوير بالأشعة فوق الصوتية المضاعفة حجم تدفق الدم؛ وذلك باستخدام الموجات الصوتية، ويحدد هذا الأمر بدوره وجود تضييق في الشرايين.
يلجأ الطبيب في حالة نقص التروية المساريقي الحاد إلى إجراء أشعة مقطعية للأوعية الدموية؛ وذلك بعد حقن صبغة تحتوي مادة مشعة في وريد الذراع، حتى تنتج صوراً للأوعية الدموية، والهدف التأكد من انسداد الشرايين المغذية للأمعاء أو أن هناك ورماً فيها.
سرعة التشخيص
يعتمد التعافي من نقص التروية المساريقي على سرعة تشخيص الحالة، وبالتالي البدء فوراً في العلاج، فالفشل في التشخيص أو التأخر في العلاج حتى يموت جزء من الأمعاء المصابة يؤدي للوفاة، كما أنه لا يمكن أن يظل الشخص على قيد الحياة بعد موت الأمعاء الدقيقة أو استئصالها.
يحتاج المصاب إلى جراحة عاجلة إذا أدت الجلطة إلى فقد مفاجئ في تدفق الدم للأمعاء الدقيقة، ومن الممكن أن يعالج الإقفار المساريقي الذي يتطور بمرور الوقت باستخدام بالون لتوسيع المنطقة الضيقة.
يتم إجراء رأب وعائي للأوعية التي تضررت كالشريان الأبهر والشريان المساريقي العلوي، وفيه يتم عمل وصلات جديدة للأوعية تتجاوز المنطقة المصابة.
وصل الأجزاء السليمة
يقوم الجراح بقص الجزء المصاب من الأمعاء وإعادة وصل الأجزاء السليمة بعضها ببعض، ويتم هذا الإجراء تحت مخدر كلي، ومن خلال شق ناصف للبطن.
يمكن في بعض الحالات وضع شبكة في الشريان المصاب من خلال الشريان الفخذي، ويعد هذا الإجراء مفيداً حتى يضمن تدفق الدم بصورة جيدة للأمعاء.
ينصح بالمتابعة لمدة ترواح من 6 أشهر إلى عام؛ وذلك من خلال صور الأشعة، كما أن الكثير من المصابين بعد التعافي يحتاجون إلى تناول دواء يساعد على الوقاية من تجلط الدم.

مضاعفات الجراحة

يقول الباحثون: إن بعض المصابين يعانون بعض المضاعفات بعد التدخل الجراحي، والتي تشمل النزف والإنتان وتشكل ورم دموي.
تعد كل هذه الأمور واردة، ويضاف إليها انثقاب الأمعاء وأمهات الدم الكاذبة، وهي توسع كيسي الشكل في الوعاء الدموي يكون عرضة للنزف.
يعاني كذلك المصاب أحياناً نقص التغذية والتهاب العضلة القلبية وفشل بعض الأعضاء، وكل هذه المضاعفات تعد محتملة.
يحدث في الحالات التي تخضع لاستئصال جزء كبير من الأمعاء ما يعرف بمتلازمة الأمعاء القصيرة، وبصفة عامة فإن خطر الوفاة يكون قليلاً للغاية.
يلاحظ أن أكثر من 90% من الحالات تعـــافـت؛ وذلــك عقــب المــتابعة بصـور الأشعة خلال مدة ترواح من 5 إلى 10 سنوات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"