الأسهم.. قرن استشعار

01:54 صباحا
قراءة دقيقتين

إحدى ميزات أسواق الأسهم في العالم أنها استشرافية، تقرأ مبكراً ما سيحدث في المستقبل المتوسط والبعيد، فالمستثمرون والخبراء في هذا النشاط لا ينظرون إلى أداء الشركات اليوم، بل ما سيكون عليه بعد أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.
المستثمرون والخبراء أيضاً لا يتعاطون معها على أنهم «منجمون» بل قارئون للمستقبل بكل ما يحمله من التبعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن هنا تأتي الارتفاعات والانخفاضات في الأسواق، وإن كانت العاطفة والثقة والمخاطر تلعب في بعض الأحيان دوراً في تحديد رؤيتهم، كل من وجهته التي يعتقد أنها صحيحة وزاويته التي ينظر منها إلى الشركة أو القطاع أو السوق أو الاقتصاد الكلي.
ما يدفعنا إلى الحديث عن هذه النقطة، هو محاولة لقراءة واقع أسواق أسهمنا المحلي، فعندما أطلت جائحة كورونا علينا في فبراير/ شباط، انحسر المستثمرون عن الاستثمار في السوق، فيما حاول البعض التخلص أو تقليص حيازته من الأسهم لأنه كان هناك من يرى أن الأشهر القادمة ستكون صعبة على أداء الشركات والاقتصاد بشكل عام، فهوت الأسواق وتكبدت خسائر كبيرة في مارس /آذار حيث فقدت خُمس قيمتها وأكثر، لتعود في شهر إبريل/ نيسان إلى الارتفاع لاعتقاد البعض أنه كانت هناك مبالغات في خصم عامل «كورونا» وتبعاته، لتتأرجح في الأشهر التالية وتواصل اتجاهها الهبوطي.
كانت ردود فعل السوق آنذاك منطقية، فالجميع تأثر بتبعات الجائحة وأظهرت الأرقام تراجعاً في أرباح شركات جميع القطاعات، نتيجة الانخفاض المحقق في الطلب على خدماتها بسبب الإغلاقات الكلية والجزئية التي مرت بها معظم الأعمال.
ماذا الآن؟
الجميع بدأ يشهد ويلمس اعتباراً من الربع الرابع عودة الحياة إلى طبيعتها مع انحسار المخاوف من انتشار كورونا في إطار الالتزام بالإجراءات الاحترازية. وبدأ المستثمرون في العودة إلى سوق الأسهم لإيمانهم أن الأسوأ أصبح خلفنا، وأن المستقبل أفضل لناحية الأعمال وأداء الشركات، فعاد الطلب يطغى على العرض، فارتفعت الأسعار بما عوض الخسائر التي نجمت عن الجائحة.
هذا التفاؤل وتلك الثقة لا تقرأ نتائج الربع الرابع أو الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2020، بل تستشرف أداء الشركات للعام المقبل، فأسواق الأسهم مرآة للمستقبل، ما يعني أن عجلة اقتصاد الإمارات عادت للدوران وحركتها ستتسارع في الأشهر والأرباع المقبلة، وهو دليل ثقة من المستثمرين في الاقتصاد وإلا لما كانوا وضعوا أموالهم في الأسواق.
مؤشر سوق العقارات أيضاً قارئ لمستقبل السوق وإن كان يستند إلى عوامل أخرى تتعلق ببنيته لكنها ترتكز في الأساس على الطلب والعرض والإغراق. مؤشر العقار أخذ بالارتفاع منذ أسابيع بعد أن وصل إلى مستويات سعرية اعتبرها البعض مغرية للشراء وهذا ما يحصل الآن.
اقتصاد الإمارات قوي وأهميته أنه مرن لديه ميزات تختلف عن غيره في المنطقة بالنظر إلى تنوع أنشطته وانفتاحه على الخارج، أما العامل المؤثّر فيه فيتعلق باستشعار القيادة السياسية لنبضه، وعملها الدؤوب على إطلاق المبادرات المتتالية لجعله أكثر تنافسية.
أسواق الأسهم لديها قرون استشعار، وقد أخذت بالفعل قرارها للمستقبل الذي تأمل أن يكون أجمل وأفضل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"