عادي

السفينة «تارا» تبدأ استكشاف ألغاز «الشعب الخفية» للمحيطات

13:30 مساء
قراءة 3 دقائق
السفينة «تارا» تبدأ استكشاف ألغاز «الشعب الخفية» للمحيطات

 

فرنسا: «أ.ف.ب»
أبحرت السفينة الشراعية «تارا»، السبت، من فرنسا إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، في مهمة علمية جديدة تسعى خلالها إلى استكشاف ألغاز «الشعب الخفية» للمحيطات؛ أي الكائنات الحية البحرية الدقيقة، بغية فهم دورها المهم في المنظومة البيئية البحرية.
وانطلقت السفينة الشهيرة في الذكرى الخامسة لاتفاق باريس للمناخ متجهة مباشرة إلى بونتا أريناس جنوبي تشيلي، حيث سيصعد على متنها العلماء في شباط/فبراير المقبل للشروع في مهمتهم.
وعلى مدى 21 شهراً، تجوب «تارا» ما مجموعه 70 ألف كيلومتر في البحر، وتتوقف في 21 محطة.
من ميناء لوريان في بريتانيه (غربي فرنسا) الذي بدت أرصفته مقفرة بسبب جائحة «كوفيد ـ 19»، كانت بداية رحلة «تارا» التي صممها المستكشف جان لوي إتيان، ويبلغ طولها 36 متراً، وعرضها عشرة أمتار. وعلق المدير العام لمؤسسة «تارا أوسيان» رومان تروبليه قائلاً: «إنه أمر غريب جداً؛ إذ ترافق إطلاقنا لرحلاتنا عادة، أجواء احتفالية يشارك فيها حشد من الناس». وأعرب عن ارتياحه لبدء المشروع أخيراً بعد تأجيله أكثر من مرة بسبب الأزمة الصحية.
ورأى أن إبحار السفينة في هذا التاريخ الرمزي «يذكّر بأن المدى القصير الذي تطغى عليه أزمة كوفيد ـ 19، يجب ألا يكون سبباً لإهمال القضايا البعيدة المدى» المتمثلة في الاحتباس الحراري الذي تقع البحار والمحيطات «ضحية» له.
وتتولى السفينة فحص «الميكروبيوم»، وهو الجانب الخفي للمحيطات المكوّن من ملايين الأنواع، تكون في الغالب غير مرئية بالعين المجردة، كالجراثيم والفيروسات التي يضم سطلاً واحداً من مياهها البحرية، عشرة مليارات، والكائنات أحادية الخلية كالطلائعيات أو الأركيا، وهي ليست نباتات ولا حيوانات.
ويمكن أن تعيش عائمة، مرتبطة بكائنات أخرى كالعوالق الحيوانية، أو داخل كائنات أخرى، كالكائنات الحية الدقيقة البشرية الموجودة بالمليارات في أمعاء الإنسان.
وشرح المدير العلمي لاتحاد «تارا أوسيان» كريس بولر، أن هذه الكائنات الحية الدقيقة البحرية التي وصفها عالم الأحياء الألماني إرنست هايكل في نهاية القرن التاسع عشر، ووضعت مهمة «تارا أوسيان» السابقة لائحة بها، تمثل «ما لا يقل عن ثلثي الكتلة الحيوية للمحيطات»؛ أي أكثر أربع مرات من الكتلة الحيوية التراكمية لكل الحشرات على الأرض.
لكن طريقة عمل هذه الكائنات الحية الدقيقة لا تزال مجهولة. وبالتالي، فإن التحدي أمام «تارا ميكروبيوم» يتمثل في استكشاف «مسرح نشاط» هذه الحياة الميكروبية الضرورية للمنظومة البيئية المحيطية بأكملها، والتي تشكل الحلقة الأولى في السلسلة الغذائية.
كيف تنتج هذه «الشعب غير المرئية» الأكسجين؟ كيف تخزّن ثاني أكسيد الكربون؟ كيف تتفاعل مع الاحتباس الحراري والتلوث؟
وقال مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي المدير المشارك لبعثة «ميكروبيوم» كولومبان دو فارجاس: «سنضع أنفسنا مكان الميكروب لكي نفهمه». فعلى متن السفينة، سيعمل الطاقم على فحص مياه البحر حتى عمق ألف متر، ويجمع عشرات الآلاف من العيّنات ثم يخزنها في درجات حرارة شديدة البرودة في النيتروجين السائل.
وبعد إنجاز مهمتها في تشيلي، تُبحر السفينة الشراعية بمحاذاة الساحل الأمريكي الجنوبي وصولاً إلى قناة بنما، وتمر عبر جزر الأنتيل الفرنسية، وتواصل رحلتها على امتداد الأمازون انطلاقاً من الأرجنتين، ثم تتجه إلى بحر ويديل في القارة القطبية الجنوبية.
ومن هناك تعاود الاتجاه صعوداً إلى جنوب إفريقيا في آذار/مارس 2022، ثم تبحر على طول القارة الإفريقية، متوقفة في أكثر من محطة، قبل أن تصل إلى لشبونة في أيلول/سبتمبر 2022 وتعود منها إلى فرنسا.
ومن شأن هذا المسار القريب بما يكفي من الساحل، أن يتيح أخذ عينات من «التدرجات»، وهي معلمات بيئية تتغير بسرعة كبيرة في مساحة صغيرة بسبب التفاعل بين الأرض والبحر (الاختلافات في الملوحة ودرجة الحرارة عندما يذوب نهر جليدي، ومستوى التلوث عندما يتدفق النهر إلى البحر، وما إلى ذلك).
وشرح مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي كولومبان دو فارجاس: «هذه التدرجات هي ملخص لنطاق صغير للتغير الذي سيحدث على نطاق العالم. إنها أشبه بكرة بلورية».
ومن المتوقع أن يتناوب على المشاركة على متن السفينة 15 بحاراً و80 باحثاً، علماً بأن عدد المؤسسات العلمية المعنية بمهمة «تارا» هو 42 من 13 دولة، من بينها فرنسا وتشيلي والبرازيل وإيطاليا وجنوب إفريقيا.
وتشكّل «تارا ميكروبيوم» الرحلة الاستكشافية الثانية عشرة لهذه السفينة الشراعية التي أطلقها إتيان بورجوا ومصممة الأزياء أنييس عام 2003. وقد سبقتها رحلات أخرى، من أبرزها «تارا مايكروبلاستيكس» و«تارا باسيفيك» و«تارا أوشنز».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"