قلق اليابان على دول «الآسيان»

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
ي

افتتاحية صحيفة «جابان تايمز»

 بعد زيارة رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، لدولتين في جنوب شرق آسيا؛ فيتنام وإندونيسيا في أول رحلة خارجية له منذ أن أصبح رئيساً للوزراء، حظي سوجا بتأييد وتشجيع واسعين على استمراره في برنامج السياسة الخارجية لسلفه، شينزو آبي.

أعادت اليابان ترتيب أولويات سياستها الخارجية؛ بسبب المنافسة الصينية، لكن منطقة جنوب شرق آسيا كانت دائماً في قلب المصالح الحيوية لليابان. لقد أدرك قادة هذا البلد منذ فترة طويلة أنهم بحاجة إلى دعم علاقات ودية مع نظرائهم في المنطقة. ثم اكتسبت هذه العلاقات قيمة أكبر؛ حيث أصبحت بكين منافساً دبلوماسياً واقتصادياً أكثر قوة ومثاراً للاهتمام من الناحية الأمنية أيضاً.

 شكلت الرحلة التي استغرقت أربعة أيام نجاحاً وإنجازاً مهمين لرئيس وزراء يعد على نطاق واسع، عديم الخبرة في الشؤون الخارجية. وقد استندت إلى معادلة بسيطة؛ هي طمأنة هذه الدول حيال المخاوف الاقتصادية والأمنية. وهذا التركيز منطقي جداً في ظل القيود المفروضة على الأنشطة الدبلوماسية؛ بعد تفشي «كوفيد-19»؛ حيث توقفت كل المناسبات والتحركات الكبيرة، ما قلل من الفرص المتاحة للأفراد والشركات.

 فعلى الصعيد الاقتصادي، أبرم سوجا اتفاقيات في البلدين؛ لاستئناف السفر التجاري مع اليابان، وهي أولوية خاصة في الوقت الذي تكافح البلدان للتعافي من الوباء. ولا يزال يتعين تحديد التفاصيل، ولكن الحاجة إلى تسهيل السفر بغرض العمل؛ يجب أن توفر الحافز اللازم للاتفاق على الترتيبات.

 كما لقيت دعوة سوجا لتنويع سلاسل التوريد قبولاً واسعاً. فاليابان، كغيرها من الاقتصادات المتقدمة الأخرى، قلقة بشأن اعتمادها على الصين؛ لملء الفجوات المهمة في عمليات التصنيع. وقد أنشأت طوكيو آليات تمويل؛ لمساعدة الشركات اليابانية على نقل بعض العمليات إلى اليابان أو تركيزها في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا. وترحب الحكومتان في هانوي وجاكرتا باستثمارات الشركات اليابانية المتزايدة.

 وقد وعد سوجا الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بأن اليابان ستواصل تنفيذ مشاريع البنية التحتية، خاصة في القطارات عالية السرعة؛ وهي البرامج التي تجعل من إندونيسيا موقعاً أكثر جذباً للاستثمارات الخاصة. كما أعلنت اليابان أنها ستقدم لإندونيسيا قرضاً قيمته 50 مليار ين ياباني (470 مليون دولار)؛ للوقاية من الكوارث؛ ولمكافحة جائحة «كوفيد -19».

 وكانت الاتفاقيات الأمنية على نفس القدر من الأهمية. في هانوي، اتفق سوجا ورئيس الوزراء نجوين شوان فوك، على نقل تكنولوجيا ومعدات الدفاع اليابانية إلى فيتنام. وتأتي هذه الاتفاقية في أعقاب اتفاق يوليو/ تموز بين فيتنام والوكالة اليابانية للتعاون الدولي على قرض تحصل هانوي بموجبه على 36.63 مليار ين؛ لبناء ست سفن خفر سواحل، على أن يتم تسليمها بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2025.

 وفي جاكرتا، تعهد سوجا و ويدودو بتقوية وتعميق العلاقات الأمنية والدفاعية. وبناء على اتفاقية عام 2015 لتعزيز التعاون الأمني ​​في بحر الصين الجنوبي؛ تقرر عقد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع في أقرب وقت ممكن لتسريع المحادثات بشأن مبيعات المعدات والتكنولوجيا المتعلقة بالدفاع.

 ولا تغيب الصين عن المشهد باعتبارها القوة التي تحرك رحلة سوجا. فقد أوضح كوني مياكي، مستشار رئيس الوزراء الياباني، أن الصين كانت الحاضر الغائب في الاجتماعات. وفي تصريحاته، شجب سوجا التحركات «التي تتعارض مع سيادة القانون» في بحر الصين الجنوبي مع تأكيد أن «الآسيان واليابان تشتركان بشكل كامل في المبادئ الأساسية».

 وتماشياً مع مبدأ الشمولية - والسعي إلى تبديد المخاوف في عواصم الآسيان وسد ذرائع الاعتراض في بكين - نفى سوجا أن تكون المجموعة الرباعية، وهي التجمع غير الرسمي لليابان والولايات المتحدة وأستراليا والهند، التي اجتمعت في وقت سابق من هذا الشهر في طوكيو، لديها أي نية أن تصبح نسخة آسيوية من الناتو.

 وتتجنب حكومات الآسيان غضب بكين؛ خشية خسارة الدور الضخم الذي تلعبه الصين في اقتصاداتها؛ باعتبارها المصدر الرئيسي للواردات لجميع أعضاء الآسيان. وقد ارتفع نصيب الصين من إجمالي تجارة الآسيان من 11.6٪ عام 2009 إلى 18٪ عام 2019. وتبدي هذه الحكومات حذراً شديداً من استعداد بكين لاستخدام التجارة كرافعة مالية أو طريقة لمعاقبتها على القرارات التي لا تتفق مع سياستها؛ لكن التجارة والاستثمارات والمساعدات اليابانية؛ تشكل قوة توازن جذابة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحيفة جابان تايمز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"