ماذا لو اختفى «فيسبوك» غداً؟

01:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
فيسبوك

كاثي أونيل *

ماذا سيحدث لو اختفى فيسبوك غداً؟ هل سيكون الناس فجأة غير قادرين على التواصل عبر الإنترنت؟ وهل سيتوقف الاقتصاد عن العمل؟ أم سيتم حرمان الأشخاص من سلعة أو خدمة أو جزء من المعلومات التي كانت بشكل ما حاسمة لوجودهم؟ بالطبع لا. وهذا هو السبب في أن إحدى الحجج الرئيسية لشركة التواصل الاجتماعي ضد التفكك  وهي أنها أكبر من أن يتم تفكيكها  لا معنى لها.

تلعب بعض الشركات دوراً مهماً في الاقتصاد أو في حياة الناس لدرجة أن فشلها أو تفككها قد يكون كارثياً. وهذا يسمح لها بالدخول في صفقة صعبة مع الحكومة إذا واجهت مشاكل أو قضايا مثل التي تواجهها بعض شركات التقنية اليوم، من مبدأ أنها ساعدت الحكومات يوماً، ووقفت سداً منيعاً في وجه الاضطرابات، وما إلى ذلك.

خلال الأزمة المالية عام 2008، على سبيل المثال، لم يكن أمام الحكومة خيار سوى إنقاذ أكبر البنوك الأمريكية، خشية أن يؤدي زوالها إلى انهيار نظام الائتمان والمدفوعات في البلاد بالكامل. بهذا المعنى، كانت «أكبر من أن يفشل»؛ بل على العكس نمت هذه البنوك بشكل أوسع منذ ذلك الحين.

من السهل معرفة سبب وضع بعض الأشخاص شركة «فيسبوك» في نفس المنزلة ودرجة الأهمية المماثلة للبنوك آنذاك. إنها كبيرة، ومن بين أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، ويعود الفضل في ذلك أيضاً  إلى حد كبير  إلى الوتيرة التي شغلت بها «فيسبوك» المنافسة، بمباركة السلطات الأمريكية.

مع وجود أكثر من 200 مليون مستخدم في الولايات المتحدة وحدها، من المؤكد أن «فيسبوك» تلعب دوراً مؤثراً في حياة كثير من الناس، لدرجة أنها أدت إلى تفاقم الانقسامات في البلاد من خلال حث الناس على التعمق أكثر في نظريات المؤامرة.

لذلك، ماذا سيحدث، إذا أمرت المحكمة، بناء على نتائج دعاوى مكافحة الاحتكار المرفوعة من قبل لجنة التجارة الفيدرالية والمدعين العامين للولاية، عملاق التواصل الاجتماعي بتفكيك أعماله وفكّ استحواذه على تطبيقي «إنستجرام» و«واتس آب»؟ 

يجادل محامو الشركة بأن الأعمال المختلفة أصبحت متشابكة بشكل عميق، لدرجة أن الانفصال سيكون صعباً للغاية، مما يؤدي إلى تكاليف وفوضى من شأنها أن تضر المستخدمين في جميع أنحاء العالم. بعبارة أخرى، لا تعبث معنا وإلا..

لا شك في أن الانفصال سيكون صعباً على زوكربيرج وإدارته المعتمدة على مشاركة البيانات بين تطبيقات «إنستجرام» و«واتس آب» و«فيسبوك» لإنشاء أكثر الملفات الشخصية اكتمالاً للمستخدمين، ثم لفت انتباههم لمن يدفع أعلى سعر.

إذا تم فصل الشركات الثلاث، فإن كل الاستثمارات التي كانوا يقومون بها في المراقبة والاستهداف لن تنجح على الفور، كما كانوا يأملون.

بالنسبة لهم، المنتج هو «الدعاية» وليس الخدمة المقدمة للمستخدمين. بالنسبة للمستخدمين، وعلى الرغم من ذلك، لن يكون هناك فرق. يحاول معظمهم تجاهل الإعلانات في بعض الأحيان، أو يتم الزحف إليها أحياناً أخرى عندما يرون إعلاناً لمنتج كانوا يبحثون عنه في مكان آخر.

المستخدمون موجودون بشكل أساسي لعرض محتوى المشاهير والأصدقاء، أو للتواصل من خلال الدردشات الجماعية وأنظمة المراسلة. فالتطبيقات هي بالفعل رموز منفصلة على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بهم. وحتى في حالة فشل التطبيقات الثلاثة، وهو أمر بعيد الاحتمال للغاية، فإنه من الصعب تخيل أن المستهلكين سيعانون كثيراً. لديهم كثير من الطرق الأخرى للوصول إلى بعضهم البعض، مثل «تويتر» و«زووم» والبريد الإلكتروني. وبالنظر إلى الدور الذي لعبه «فيسبوك» في استقطاب المجتمع على مر السنين، قد يكون مبرراً الاتجاه الصعودي الأخير في التعامل من قبل السلطات.

* عالمة رياضيات ومؤلفة وصحفية أمريكية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

عالمة رياضيات ومؤلفة وصحفية أمريكية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"