هل حان وقت التخلي عن تركيا؟

00:35 صباحا
قراءة 3 دقائق

نيكولاس دانفورث *

إذا كانت العلاقة الأمريكية  التركية، كما يقترح المراقبون، تشبه حطام قطار بالحركة البطيئة، فإن النبأ السيئ هو أن الرئيس المنتخب جو بايدن في موقف لا يحسد عليه كي يضع قدمه على الفرامل، ولا يمكنه أن يتوقع الكثير من المساعدة من نظيره في القطار القادم.

  فبالنسبة لبايدن، سيكون التحدي هو تقليل الضرر الذي يمكن أن تلحقه تركيا بالمصالح الأمريكية دون إثارة صراعات جديدة أو منع إمكانية التعاون في المستقبل. ويجب أن يبدأ عمله بالاعتراف بأن واشنطن لا تستطيع بمفردها إنقاذ التحالف الأمريكي التركي.

   ومن أجل الإبحار على أفضل وجه في هذا الوضع غير المريح، يجب أن يكون لواشنطن رؤية واضحة المعالم بشأن دور تركيا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وكذلك بشأن دورها في السياسة الداخلية التركية: وسيكون من المستحيل تقريباً التعاون مع تركيا عندما تنظر الحكومة التركية إلى الولايات المتحدة كتهديد، وسيكون من الصعب دعم الديمقراطية التركية عندما تفعل الكثير من المعارضة التركية ذلك أيضاً.

وقد تم تقديم عدد من التفسيرات حول سبب اتخاذ تركيا نهجاً أكثر عدوانية تجاه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الآخرين في السنوات الأخيرة. وسلط بعض المحللين الضوء على الفوائد السياسية المحلية التي يستمدها أردوغان من موقفه العدواني المناهض للغرب، لاسيما الآن بعد أن أصبح في تحالف انتخابي مع الحزب القومي المتطرف في تركيا. وشدد آخرون على دور أيديولوجية أردوغان الإسلامية وتطلعاته إلى القيادة في العالم الإسلامي. ولا يزال آخرون يشيرون إلى سلسلة من المظالم التركية المحددة، مثل دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد السوريين أو رفضها تسليم الداعية التركي فتح الله غولن إلى تركيا، ويجادلون بأن ذلك يفسر أو يبرر العداء التركي.

  وهناك قدر كبير من الحقيقة في كل هذه التفسيرات. وهذا بحد ذاته سبب للشك في أن التقارب قد يكون صعباً. لكن إذا أخذناها بمفردها، فإنها لا تترجم المدى الكامل للتحدي. والحقيقة الأكثر إثارة للقلق هي أن الأيديولوجيا والمظالم والسياسة الداخلية قد اجتمعت معاً لتشكيل عقيدة أمنية تركية جديدة تحدد، بعبارات متماسكة إن لم تكن دقيقة بالضرورة، الولايات المتحدة كتهديد رئيسي يجب التغلب عليه بإجراءات مضادة عدوانية.

  النقاد الأتراك المؤيدون للحكومة يحرصون على تسليط الضوء على التفكير وراء السياسة الخارجية الجديدة لتركيا. وهم يعتقدون أن القوى الغربية منزعجة من استقلال تركيا الجديد، ونتيجة لذلك، يعملون على جبهات متعددة لوقف صعود البلاد. ومع ذلك، ونظراً لأن قوة الغرب آخذة في التراجع وأصبح العالم متعدد الأقطاب، فإنهم يعتقدون أيضاً أنه يمكن لتركيا استخدام القوة الصارمة والتعاون الانتقائي مع روسيا لإعادة كتابة قواعد اللعبة لصالحها..

  وبالطبع، فإن أحد الأسباب الرئيسية لكل من أردوغان وخصومه للشك في واشنطن هو اعتقادهم المشترك بأن الدعم الأمريكي للديمقراطية في تركيا كان دائماً يتوقف على ما قد يعنيه النظام المحلي التركي للولايات المتحدة.

  وهناك بالفعل انقسام أعمق بين المعارضة القومية في تركيا حول الكيفية التي يعتقدون بها أن بإمكان واشنطن مساعدة بلادهم بشكل أفضل.

  في مواجهة هذه التوقعات المتناقضة، يجب أن يكون بايدن ثابتاً في انتقاد سلوك أردوغان غير الديمقراطي. وعليه أن يدين اعتقال المعارضين الديمقراطيين لأردوغان وأن يدفع باتجاه إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وسيكون هذا وحده تغييراً مرحباً به.

* باحث في برنامج الأمن القومي. له كتابات عن تركيا والسياسة الخارجية للولايات المتحدة والشرق الأوسط (فورين بوليسي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

باحث في برنامج الأمن القومي. له كتابات عن تركيا والسياسة الخارجية للولايات المتحدة والشرق الأوسط (فورين بوليسي)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"