وسائل إعلام روسية ناشئة ومختلفة

00:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

ليونيد بيرشيدسكي *

 ظهرت بعض التحقيقات الجريئة بشكل ملحوظ باللغة الروسية حول الرئيس فلاديمير بوتين وأقاربه على الإنترنت في الأيام الأخيرة. مثل هذه المواد الصحفية كانت في الماضي غير البعيد تكلف المحررين وظائفهم وربما حرياتهم.

 يعتبر الكرملين هذه التحقيقات جزءًا من حملة منظمة. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإن بوتين نفسه هو المنظم الأول عن غير قصد، وبات عليه الآن أن يتعامل مع مجموعة ناشئة من المنافذ الإعلامية المستقلة الأكثر ذكاءً وأقل عرضة للضغط المؤسسي.

 وحتى وقت قريب، كانت الحياة الخاصة للزعيم الروسي وأقاربه المقربين في الغالب منطقة محظورة على وسائل الإعلام الروسية يعرف المحررون أن دخولها ستكون له عواقب. في عام 2008، أغلق ألكسندر ليبيديف صاحب صحيفة «مويكوفيسكي كريسبندنت» الصحيفة على عجل، بعد أن نشرت مزاعم بأن بوتين كان على وشك الزواج من بطلة الجمباز السابقة ألينا كابيفا، وندد بوتين نفسه بغضب بالمقالة ووصفها بأنها «خيال مثير». وفي عام 2016، تسببت سلسلة من القصص عن كاترينا تيخونوفا، التي تناولتها صحيفة «أر بي سي ديلي» على أنها ابنة بوتين الصغرى على الرغم من أن الكرملين لم يؤكد هويتها، والمواد المتعلقة بروسيا في قضية أوراق بنما في إقالة كبار المحررين في الصحيفة التي يملكها الملياردير ميخائيل بروخوروف، كما خضعت للتفتيش من قبل هيئات إنفاذ القانون.

 لكن هذه المحرمات تتعرض حالياً لاختراقات متتالية على مواقع الكترونية منها «بوكيت ميديا» و«أي ستوريز» الذي يديره واحد من كبار المحررين الذين أقيلوا من صحيفة «أر بي سي» هو رومان بادانين الحاصل ورفاقه على جائزة «بوليستر» للصحافة الاستقصائية عام 2017.

 ونشر موقع «بوكيت» أول تقرير عن امرأة تدعى سفيتلانا كريفونوجيخ، انتقلت من العمل كعاملة تنظيف إلى منصب فيه ثروة وسلطة. ويزعم التقرير أن كريفونوجيخ، التي لم ترد على أسئلة المراسلين، لديها ابنة ولدت في عام 2003 تبدو ملامحها شبيهة بالرئيس.

 وعرض موقع «أي ستوريز» معلومات خاصة تستند إلى تحقيق استمر لمدة عام في رسائل البريد الإلكتروني الخاص بكيريل شامالوف تم اختراقها، كشفت عن زواجه من كاترينا تيكونوفا بين عامي 2013 و2017. وضم الأرشيف صوراً عن حفل زفاف باذخ وفواتير تأثيث منزلين فخمين أحدهما في فرنسا، فضلاً عن تفاصيل صفقة دسمة ضمت أسهماً في شركة الكيماويات الروسية «سيبور» وضعت شامالوف في مصاف المليارديرات على الفور. لكن مع فسخ الزواج عام 2018 خسر معظم حصته في سيبور.

قدم كلا المنشورين تحقيقات شاملة ومهنية للغاية. ولم ينكر أي طرف الادعاءات المحددة في التحقيقات رسميًا أو يؤكدها. ورفض السكرتير الصحفي لبوتين، ديمتري بيسكوف، التعليق على مضمون التحقيقات.

 ومشكلة الكرملين مع هذه المواقع أنه لا يطالها ولا يعرف من يملكها حيث لم يتم تسجيل أي منها رسميًا كمنفذ إعلامي روسي. ويعتمد موقعا «أي ستوريز» و«بوكيت ميديا» استراتيجية «اضرب واهرب» ولدى كل واحد منهما عدد محدود من الموظفين خارج روسيا. وقد وجه كل منهما نداءات للتمويل الجماعي، لكن يبدو أن كلاً منهما يتلقى دعمًا من المؤسسات الغربية التي تروج للصحافة المستقلة في الاتحاد السوفييتي السابق أو الصحافة الاستقصائية بشكل عام.

 ويتمتع الصحفيون الذين يعملون في هذه المنافذ الصغيرة والمرنة بالذكاء الفني ويمكنهم العمل من أي مكان، كما يمكنهم التعامل مع البيانات التي تم تكديسها باحترافية عالية. إنهم مخلوقات من عالم غريب للغاية عن بوتين.

 ويقوم عناصر هذه المنافذ بعملهم على الرغم من أنها تنطوي على مخاطر كبيرة. لكن التمسك بمهنة الصحافة في روسيا حمل منذ فترة طويلة هذا النوع من المتاعب في وسائل الإعلام التقليدية أيضًا، من خلال إخضاع الصحف القديمة والمواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام الأخرى لسيطرة الكرملين المباشرة أو غير المباشرة.

* كاتب عمود في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب عمود في «بلومبيرج»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"