عادي

صحة القـــلب تقلل مخاطر الإصابة بالخرف

21:00 مساء
قراءة 5 دقائق
1

توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بمقاييس أفضل لصحة القلب والأوعية الدموية في منتصف العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف في أواخر العمر.
ويعد الخرف مشكلة صحية عالمية مصحوبة بعبء اجتماعي ومالي كبيرين. وعلى الرغم من وجود خيارات قد تساعد على علاج الأعراض، فإنه لا يوجد علاج له في الوقت الحالي.
من المتوقع أن يعاني أكثر من 5 ملايين بالغ في سن الـ 65 عاماً أو أكبر في الولايات المتحدة من الخرف، مع زيادة متوقعة إلى ما يقرب من 14 مليون شخص بحلول عام 2050.
ويصاحب الخرف خلل وظيفي معرفي شديد ينطوي على صعوبات في تذكر الأحداث والتعرف إلى الأشخاص والتحدث واتخاذ القرارات وتشتت الانتباه وصعوبة حل المشكلات، ويمكن أن يؤثر ذلك في النشاط اليومي للشخص.
وتلعب بعض عوامل الخطر القابلة للتعديل مدى الحياة والتي تم تحديدها في الدراسات الوبائية، بما في ذلك عوامل الخطر القلبية الوعائية في منتصف العمر إلى أواخره، دوراً حاسماً في ظهور الخرف وتطوره.
في الواقع، تقدر أبحاث المحاكاة إلى أن ما يصل إلى 35% من حالات الخرف قد تكون بسبب عوامل خطر قابلة للتعديل خلال حياة المرء، وتشمل عوامل الخطر هذه الأحوال الاجتماعية والصحة العقلية مثل التعليم والمشاركة الاجتماعية وفقدان السمع والاكتئاب.
وتظهر الدراسات الوبائية أيضاً أهمية صحة القلب والأوعية الدموية من الوقاية من الخرف. كما ترتبط عوامل مثل التدخين والسكري وفشل القلب والرجفان الأذيني وارتفاع ضغط الدم والسمنة وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم في زيادة خطر الإصابة بالخرف.
خطر قابل للتعديل
وتشير الدراسات إلى أن المقاييس المثلى لصحة القلب والأوعية الدموية ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب التاجية.
وتشمل مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية السبعة الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية على أربعة مكونات سلوكية:
* النشاط البدني
* الحمية الغذائية
* التدخين
* وزن الجسم
في حين أن المكونات الحيوية الثلاثة الأخرى هي:
* مستويات الكوليسترول في الدم
* ضغط الدم
* جلوكوز الدم
وربط العلماء وجود مقاييس مثالية لصحة القلب والأوعية الدموية في منتصف العمر مع انخفاض معدل الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.
وفي الدراسة الجديدة، اعتُبر متوسط منتصف العمر 50.4 سنة. ومع ذلك، وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على مشاركين أكبر سناً (كان متوسط أعمارهم 67 عاماً) أن المقاييس المثالية لصحة القلب والأوعية الدموية للمكونات الحيوية التي حددتها جمعية القلب الأمريكية قللت من خطر الإصابة بالخرف بعد 7 سنوات.
وحتى الآن، فحصت دراسات قليلة العلاقة بين مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية في منتصف العمر والفترة المتأخرة منه وخطر الإصابة بالخرف. كما أنها لم تحلل الآثار المنفصلة للمكونات السلوكية والحيوية في مقياس جمعية القلب الأمريكية.
وأجرت ياجون ليانج وزملاؤها دراسة جماعية قائمة على السكان، شملت 1449 مشاركاً من دراسة فنلندية لعوامل الخطر القلبية الوعائية والشيخوخة لملء هذه الفجوة.
والدراسة التي نشرت في مجلة «PLOS Medicine»، حللت البيانات من الأشخاص المسجلين في الدراسة الفنلندية من الفترة بين عامي 1972- 1987 (حيث كان يعتبر 50 عاماً فترة متوسط العمر) إلى عام 1998 (اعتبرت الفترة المتقدمة من العمر 70 عاماً)، كما تابع الفريق حالة 744 شخصاً غير مصابين بالخرف من عام 2005 إلى 2008.
وتضمنت مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية التي قاسها الباحثون 6 من أصل 7 توصيات لجمعية القلب الأمريكية. ومع ذلك، لم تكن هناك بيانات غذائية عن المشاركين، في حين كانت مقاييس جلوكوز الدم في منتصف العمر غير متوفرة. ولهذا السبب استخدم الباحثون مقياساً بديلاً لتشخيص مرض السكري. ثم أعادوا تصنيف هذه المقاييس على فئتين، سلوكية (التدخين، ومؤشر كتلة الجسم، والنشاط البدني) وحيوية (الكوليسترول الكلي، جلوكوز البلازما أثناء الصيام، وضغط الدم).
وجمعت دراستهم بيانات عن التركيبة السكانية وأنماط الحياة والتاريخ الطبي ومقاييس صحة القلب والأوعية الدموية الأخرى من خلال الفحوص السريرية والاختبارات المعملية وسجلات المرضى والاستطلاع الذاتي وسجلات الأدوية الموصوفة.
ويتبع تشخيص الخرف المعايير المحددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية. كما استخدمت الدراسة اختبار الحالة الذهنية المصغر لتقييم الأداء المعرفي خلال المتابعة العلاجية في عام 1998 وبين العامين 2005-2008. وحددت الدراسة مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية المثالية على النحو التالي:
* ممارسة النشاط البدني المجهد أكثر من مرتين في الأسبوع.
* أن يكون مؤشر كتلة الجسم أقل من 25.
* أن تكون مستويات جلوكوز البلازما في الدم أثناء الصيام أقل من 100 ملليغرام لكل ديسيلتر من دون تعاطي علاجات في مرحلة متقدمة من العمر، وعدم إصابة الشخص بالسكري أو استخدام أدوية للسكري في منتصف العمر.
* أن تكون مستويات الكوليسترول الكلية في الدم أقل من 200 ملليغرام لكل ديسيلتر.
* أن يكون ضغط الدم يقل عن 120/80 مليمتر زئبق دون الحاجة إلى تناول أدوية ضغط الدم.
* عدم التدخين أو الإقلاع عن التدخين لمدة تزيد على عام.
وقيّمت الدراسة وسجلت كل من مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية كل على حدة، وكقيّم مركبة خلال فترة منتصف العمر والمرحلة المتقدمة منه.
وتلقى 61 و47 مشاركاً إضافياً تشخيصاً للخرف في عام 1998 وبين عامي 2005-2008 على التوالي.
التقليل من المخاطر
وجدت الدراسة أن المشاركين الذي يمتلكون مقاييس صحية للقلب والأوعية الدموية في منتصف العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 54%، بالمقارنة مع المشاركين الذين سجلوا درجات ضعيفة. وتم تسجيل ذلك بعد السيطرة على مخاطر الوفاة وغيرها من العوامل المؤثرة الأخرى. وأظهرت النتائج أن الزيادة بمقدار نقطة واحدة في نتيجة المقاييس المركبة لصحة القلب والأوعية الدموية ارتبطت بانخفاض قدره 14% في خطر الإصابة بالخرف.
وإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين لديهم مقاييس سلوكية أفضل لصحة القلب والأوعية الدموية في منتصف العمر انخفضت لديهم مخاطر الإصابة بالخرف بنسبة 58%. وفي المقابل، كان الأشخاص الذين لديهم مقاييس حيوية مثالية لصحة القلب والأوعية الدموية في فترة متقدمة من العمل أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار 3.5 مرة.
واستنتج الباحثون أن ضغط الدم الذي يقل عن 120/80 مليمتر زئبق وانخفاض مستويات الكوليسترول الكلي، قد تكون أيضاً علامات على مرض الزهايمر قبل السريري، مما يقلل من القيم التنبئية لهذه المقاييس.

محدودية الدراسة

تشمل القيود الرئيسية للدراسة عدم وجود بيانات عن النظام الغذائي ومستويات الجلوكوز في الدم في منتصف العمر، وضياع بيانات عن المشاركين في الدراسة، وصغر حجم المجموعة المشاركة في الدراسة، لذا يصعب تعميم نتائجها؛ إذ يتطلب الأمر المزيد من الدراسات واسعة النطاق.
ومع ذلك، تؤكد هذه الدراسة النتائج السابقة التي تشير إلى أن المكوّن البيولوجي لصحة القلب والأوعية الدموية أقل تنبؤاً بالخرف مع تقدم العمر. كما تؤكد أهمية الاستمرار بمتابعة السلوكيات الصحية للقلب والأوعية الدموية عند كبار السن.
ويمكن أن يكون لهذه النتائج تأثير كبير على تطوير الاستراتيجيات المثلى لتخفيف المخاطر. وقد يسهم الحفاظ على عادات صحية للقلب والأوعية الدموية، خاصة فيما يتعلق بالتدخين والنشاط البدني ومؤشر كتلة الجسم، إلى تقليل مخاطر الإصابة بالخرف في أواخر العمر، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى التقليل من عبء هذه الحالة.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"