آخر الفضائح «المسربة»

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الأمريكية عبر وسائل الإعلام، وقبل أن يقرها المجمع الانتخابي، كان عزم ترامب واضحاً، ليس فقط على عدم الاعتراف بالهزيمة، وإنما العمل بكل الوسائل المُتاحة على قلب هذه النتائج لمصلحته، انطلاقاً من أن هذه الانتخابات لا تعكس «حقيقة الانتصار» الذي حققه فيها، وأن «الديمقراطيين» سرقوا هذا الانتصار.
 ترامب، الذي دأب على التشكيك في نتائج الانتخابات، وعدّها مزورة قبل أن يتم إجراؤها بشهور طويلة، لم يعدم أي وسيلة للطعن فيها، ولم يتوقف عن ممارسة الضغوط؛ لقلب نتائجها لمصلحته، من دون أن يقدم دليلاً حقيقياً واحداً على هذا «التزوير»، حتى استنفد جميع فرصه القضائية؛ لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وجاءت محصلتها مخيبة لآماله أيضاً، خصوصاً حين رفضت محاكم ولايات كثيرة حتى قبول الطعون أو الشكاوى التي قدمها محاموه، حتى حين أقرت وزارة العدل رسمياً بعدم وجود «تزوير».
محصلة هذا الفشل وصلت إلى المحطة الأخيرة؛ أي مجلس الشيوخ، في رهان أخير على رفض المصادقة على قرار المجمع الانتخابي؛ حيث تكثفت الضغوط على أعضاء «الكونجرس» الجمهوريين؛ للقيام بمهمة شبه مستحيلة بإيقاف المصادقة على نتائج الانتخابات؛ لكن هذه الضغوط تحولت، في الواقع، إلى أزمة داخل الحزب الجمهوري نفسه؛ إذ بينما كان زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونجرس ميتش ماكونيل يهنئ جو بايدن، بفوزه في الانتخابات، ويتعهد بتسهيل إجراءات المصادقة حفاظاً على الديمقراطية والتقاليد الأمريكية المعروفة؛ نجح ترامب في استمالة نائبه مايك بينس، الذي كان متردداً في مساعدته، ليقود حملة الاعتراض في الكونجرس، التي تزعمها السيناتور تيد كروز و11 سيناتوراً آخرين، ودائماً بذريعة الغش والانتهاكات والتهرب من القوانين الانتخابية وغيرها، والتي لم تثبت صدقيتها في أي وقت من الأوقات. ومع أن هذه المحاولة محكومة بالفشل؛ لأن المصادقة تحتاج إلى إجماع المجلسين (النواب والشيوخ)، فإن النتيجة الأبرز لذلك هي انقسام الجمهوريين أنفسهم. فهناك إلى جانب ماكونيل، العديد من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ مثل السيناتور ميت رومني وبات تومي، وهما من معسكر ترامب، يعارضان بشدة تحرك السيناتور كروز لعرقلة المصادقة وتغليب الطموحات والمصالح الشخصة على حساب المبادئ، والديمقراطية الأمريكية؛ حيث بدأت أصوات عدد من الجمهوريين الكبار؛ من بينها وزير الدفاع السابق وليام كوهين تطالب بالانشقاق، وتأسيس حزب جمهوري من المعتدلين.
وسط كل هذه الخيبات والفشل، تتصدر فضيحة ترامب المدوية عناوين الصحف ونشرات الأخبار؛ إذ تبين أن من يشكك ويطعن بالانتخابات ويتهم الآخرين بالسرقة والتزوير، هو من يقوم بذلك، كما ظهر في مكالمة ترامب المسربة مع سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري براد رافينسبرجر ومطالبته له بتغيير نتائج الانتخابات بإيجاد 11780 صوتاً تحت طائلة التهديد بعواقب وخيمة؛ وهو الأمر الذي رفضه سكرتير الولاية، لكن تداعيات هذه الفضيحة قد تكون لها عواقب وخيمة على ترامب نفسه، الذي قد تتم ملاحقته جنائياً، وعلى حزبه الجمهوري في وقت قريب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"