عادي

فقد ثلث الدم.. حـالة طـــبية حــرجة

21:02 مساء
قراءة 6 دقائق
1

يعرف الأطباء فقد الدم أو النزيف الشديد بأنه تدفق لهذا السائل الحيوي خارجياً أو داخلياً من الأوعية الدموية إلى خارج الدورة الدموية، ويتسبب استمرار النزيف في نقص كمية الدم التي تتوفر في الدورة الدموية، وربما يكون النزيف شريانياً أو وريدياً أو شعيرياً.

يشير الأطباء والباحثون إلى أن فقد ثلث الدم أو نصفه من الحالات الحرجة التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، لكن بعض الأشخاص من ذوي الصحة الجيدة لديهم القدرة على تحمل نزيف الثلث، لكن مع الرعاية الطبية الطارئة، التي تتطلب نقل دم سريع.
يختلف لون الدم بحسب مكان النزيف، فيكون لون الدم غامقاً أكثر إذا كان النزف وريدياً، ويتدفق ببطء وبصورة ثابتة، وفي العادة فإن هذا النزف يرتبط بالجروح العميقة، ومن الممكن إيقافه من خلال الضغط عليه.
يكون لون الدم في حالة النزف الشرياني أحمر فاتحاً، ويتدفق بضغط مرتفع وبشكل متقطع، ويترافق مع النبض، وعلى الرغم من أن هذا النوع أقل انتشاراً إلا أنه أخطر وأصعب، ومن الممكن أن يعالج بالضغط القوي، ويظهر النزف الشعيري في العادة بالخدوش والجروح السطحية، ويقطر من الأنسجة ببطء.
داخلي وخارجي
يمكن أن يتسبب درجة النزيف العالية في حدوث الوفاة، وليس ضرورياً أن يفقد الشخص كل الدم حتى يموت، وإنما يرتبط ذلك بالعمر والصحة ومستوى اللياقة.
يموت الفرد عندما يفقد من الدم ما يتراوح بين الثلث والنصف، وبصفة عامة فإن فقد ثلث حجم الدم خطِر للغاية.
يمنع الجسم النزيف من خلال 3 آليات، الأولـــــــــــى تقلـــــــص الأوعية الدمـــــــــوية، والثانــــية ترتبط بالصفائح الدموية، وهي جسيمات تتواجد فــــــي الـــــدم، وتلتصق عـــــند حدوث تمــــــزق فــــي الأوعية الدمــــوية بالمــــنطقة المصابة فـــي الوعاء الدمـــوي، كما تلتصق ببعضــــها البعض، وحتى فيما بينها، وتفرز مواد عدة تشترك في عملية تخثر الدم.
ترتبط الآلية الثالثة بتخثر الدم، فتفعل بروتينات تشترك في هذه العملية، وذلك من خلال عوامل توجد في جدار الوعاء الدموي المتضرر، ومن خلال مواد تفرزها الصفائح الدموية.
أمراض وحالات طبية
تتعدد الأسباب التي تكون وراء حدوث النزيف، وربما نتج من بعض الجروح، سواء سطحية أو غائرة، وكذلك يؤدي تناول بعض الأدوية إلى هذه الحالة كالعقاقير المميعة للدم أو مضادات فيتامين كاف.
تؤدي العديد من الأمراض والحالات الطبية إلى حدوث النزيف، ومن ذلك نقص الصفائح الدموية، ووظيفتها التجمع عند الإصابة بأي جرح حتى تشكل خثرة توقف النزيف.
يستمر النزيف في الحالات التي تعاني نقصاً في عدد الصفائح الدموية، لأن الجسم لا يمكن له أن يشكل أي خثرات.
يمكن أن تتسبب بعض الأمراض في نقص الصفائح الدموية، كفقر الدم اللاتنسجي، ونقص حمض الفوليك والحديد وفيتامين ب12، والتليف الكبدي.
الدوالي المريئية
يمكن أن يكون النزيف بسبب نقص عوامل التخثر، وتعد هذه العوامل مساعدة على تجلط الدم، ونتيجة نقص أحدها كالعامل السابع أو العامل العاشر يحدث نزيف مفرط، أو نزيف لفترات طويلة عقب أي إصابة أو الخضوع لجراحة.
يرجع النقص في عوامل التخثر إلى أن الجسم لا يصنع ما يكفي منها، أو نتيجة تداخل أمراض أو أدوية في عمل هذه العوامل.
يعد من أبرز أسباب النزيف الإصابة بالهيموفيليا، وهو اضطراب وراثي يفقد الدم بسببه القدرة على التخثر بصورة طبيعية، وذلك لأنه يفتقر ما يكفي من عوامل التخثر.
يمكن أن يحدث النزيف كذلك عند الإصابة بما يعرف بنزيف الدوالي المريئية، وهي حالة تحدث نتيجة نقص الدم المتدفق للكبد بسبب حدوث انسداد.
يتجمع الدم في الأوعية القريبة، والتي تشمل أوردة المريء، وتتمدد وتتوسع هذه الأوعية حتى تستوعب الدم المتدفق لها، وتسمى الأوردة المتورمة بدوالي المريء، وعند تمزقها يحدث النزيف.
القرح الهضمية
يحدث النزيف أيضاً عند الإصابة بالقرح الهضمية، والتي توجد في بطانة المعدة، أو أسفل المريء أو الأمعاء الدقيقة، ويؤدي إهمال علاجها إلى تعرض المصاب للمضاعفات، التي منها النزيف الداخلي.
يعد من الأمراض المسببة للنزيف التهاب القولون التقرحي، ويسبب قروحاً صغيرة على بطانة القولون نتيجة التهاب الأمعاء الغليظة والمستقيم.
تعاني النساء النزيف بسبب بعض الأمراض كالإجهاض المهدد أو نزيف الرحم اللاطمثي، ويقصد به حدوث نزيف خارج فترة الدورة الشهرية.
يحدث في العادة في أي وقت يختل فيه توازن الهرمونات عند المرأة، ومن ذلك خلال سن البلوغ، وفي مرحلة انقطاع الطمث.
مبرر وغير مبرر
يقسم الأطباء النزيف إلى أنواع عدة، منها النزيف المبرر وغير المبرر، والنزيف المبرر هو الذي له سبب واضح، وبمعنى آخر أنه لا يكشف وجود خلل في تخثر الدم.
يعد من أبرز الأمثلة على هذا النوع إصابة أحد الشرايين أو قطع اليد بالسكين، وأيضاً نزيف المعدة المصابة بالقرحة، لأن القرحة ربما جرحت وعاء دموياً في المعدة.
يحدث النزيف غير المبرر بعد إصابة طفيفة، كقطع طفيف للإصبع أو خدش للجلد، ويكون النزيف في هذه الأمثلة مبالغاً فيه.
يعد من أمثلة النزيف الذي يحدث من غير سبب مطلقاً نزيف الأغشية المخاطية، وكذلك النزيف في الجلد من غير وجود إصابة تبرر هذه الحالة.
الموقع والكمية
يتم تقسيم النزيف من حيث الموقع أو حسب كمية الدم المفقود في الوحدة الزمنية، وهو في النوع الأول يكون نزيفاً داخلياً أو خارجياً، وفي النوع الثاني يكون نزيفاً حاداً أو مزمناً.
يوجد أيضاً النزيف المزمن، الذي يفقد بسببه المصاب معدلات قليلة من الدم في الوحدة الزمنية، إلا أن مجموع ما يفقده على مدار الأيام يصبح كبيراً، وبالتالي يؤثر في قدرة الجسم على تعويضه، وتترتب عليه الإصابة بفقر الدم.
تؤدي إصابة أحد الشرايين المهمة لما يعرف بالنزيف الخارجي المستعصي، ويدخل في هذا النوع الجروح المعقدة، كالتي تكون في الوجه أو الرأس.
يحدث النزيف الحاد عندما يفقد المريض كمية دم كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وكلما زادت هذه الكمية زاد الخطر على حياة المصاب.
تشمل أمثلة هذا النوع الحوادث التي تتسبب في قطع مسارات شريان أو أكثر، وكذلك الجروح البسيطة لمن يتناولون أحد مميعات الدم، أو يعانون أمراض تخثر الدم.
تعويض المفقود
يمكن أن يتسبب النزيف في العديد من المضاعفات، التي تبدأ بفقد الدم والصدمة والتلوث الميكروبي وتنتهي بالوفاة.
يجب أن يتم تعويض الدم المفقود، لأنه عند فقد كميات كبيرة من الدم، فإن أنظمة التخثير والتجلط في الجسم تصاب بالإرهاق.
يترتب على هذا الأمر استهلاك مفرط لعوامل التخثير، وهو ما يتسبب بنفسه في نزيف جديد، ولذلك فإنه يجب تعويض الدم المفقود بنقل الدم، وكذلك عوامل التخثير للمصاب ونقل الصفائح الدموية، وإلا فإن النزيف سيستمر.
يمكن إيقاف النزيف من خلال بعض الإجراءات، التي تبدأ بالضغط المباشر على الوعاء النازف أو ربطه برباط ضاغط، وإذا كان النزيف شريانياً فيكون الضغط على الوعاء النازف باستخدام الأصبع أو الأربطة الضاغطة.
يجب عدم نزع الغيار المشبع بالدم من مكانه، لأنه ربما تسبب بمزيد من النزيف، ويمكن وضع غيار آخر فوقه مع الضغط عليه، وكذلك عدم شد الرباط الضاغط بقوة، لأن ذلك يمكن أن يضر بالأوعية الدموية والأعصاب.
معرفة مصدره
ينصح الطبيب إذا كان النزيف من أحد الأطراف برفعه لأعلى، لأن ذلك يؤدي إلى خفض تدفق الدم إلى الجرح، وإذا كان النزيف شريانياً فالضغط يكون أعلى الجرح من ناحية القلب، وإذا كان وريدياً فالضغط يكون أسفل الجرح بعيداً عن القلب.
يعالج النزيف بحسب نوعه، فالنزيف المزمن يجب أن يعرف مصدره أو سببه، وعلى الرغم من أن حدوث الوفاة بسببه قليلة للغاية لأنه بطيء، إلا أن المرض المسبب له من الممكن أن يكون خطِراً، كأمراض الكبد أو السرطان.
يجب عرض المصاب بالنزيف الخارجي المستعصي على الطبيب أو ممرض متخصص في الحوادث، وذلك حتى يضمد الجرح المتسبب بالنزيف بشكل احترافي، وربما قام بعمل غرز للجرح، وذلك حتى يمنع الدم من التدفق.
يحتاج النزيف الداخلي إلى إجراء فحوص للتعرف إلى سببه، ومن الممكن أن يتم إيقافه إما بالتدخل الجراحي أو بواسطة المناظير.

أخطاء كثيرة
يقول الباحثون إن الكثير من الأشخاص يرتكبون بعض الأخطاء البسيطة، التي تعوق عملية تخثر الدم بشكل كبير، ومن ذلك تكرار مسح الجرح وإزالة الدم بصورة متواصلة.
يفسرون ذلك بأن هذا الأمر من الممكن أن يتسبب بجعل الجرح الطفيف ينزف بصورة كبيرة، ولابد في الجروح الكبيرة من الضغط عليها بشكل متواصل وثابت ما لا يقل عن 10 دقائق، حتى يبدأ النزيف في التوقف.
يجب التزام الصبر وعدم رفع قطعة القماش كل بضعة ثوان بهدف التأكد من توقف النزيف، لأن نزول الدم يعتبر توقفاً عندما لا يقطر الجرح دماً، ولابد كذلك من عدم تدليك الجرح، لأن هذه العملية لا توقف النزيف؛ بل تزيده.
ينصح بعدم المبالغة في غسل الجرح بالماء، لأنه أحد العوامل التي تسهم في النزيف، ويجب الاكتفاء بالماء النظيف فقط، وإذا لم يتوفر فلا يستخدم أي سوائل قذرة، لأن ذلك يؤدي إلى تلوث الجرح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"