هل تُبصر خطة 1.9 تريليون دولار النور؟

23:01 مساء
قراءة 3 دقائق

روبرت بيرجس*

من الصعب المبالغة في تقدير ما يعنيه فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لسوق الأسهم. فبين يوم الانتخابات ويوم التنصيب، ارتفع مؤشر «إس أند بي 500» بنسبة 14.3%، وهو أعلى معدل على الإطلاق لهذه الفترة؛ أي أن العائدات كانت أكثر من ضعف 6.2% في عهد سلفه دونالد ترامب، الذي كان يُنظر إليه وقت فوزه على أنه ربما يكون الرئيس الأكثر صداقة للأعمال التجارية على الإطلاق.

ليس هذا فحسب؛ بل كانت القفزة 1.39% يوم تنصيب بايدن، ثاني أفضل قفزة على الإطلاق منذ الزيادة بنسبة 2.28%، يوم أدى رونالد ريجان اليمين الدستورية لولاية ثانية في 21 يناير 1985.

ومن الواضح أن توقعات المستثمرين لا تزال مرتفعة للرئيس ال46 للولايات المتحدة. ولم يكن الأمر كما لو أن الأسهم كانت رخيصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وهو ما كان سيساعد في تفسير الارتفاع اللاحق ويخفف كل الحديث عن تشكل «فقاعة» في وول ستريت؛ إذ ارتفع مؤشر «أس أند بي» بالفعل بنسبة 48% من أدنى مستوى إغلاق في العام الماضي في 23 مارس/آذار، مما دفع التقييمات إلى حوالي 21 ضعفاً لتقديرات الأرباح للعام التالي، وهي ليست بعيدة كثيراً عن المستويات المرتفعة القياسية خلال فقاعة «الدوت كوم» في أواخر التسعينات.

وهنا تكمن هبة بايدن ولعنته في نفس الوقت، حيث ينبغي أن يرتاح بايدن لمعرفة أنه يحظى بدعم الأسواق المالية، والتي تشير إلى أن سياساته هي السياسات الصحيحة في الوقت الصحيح، لكن عليه ومستشاريه أن يدركوا أيضاً، أن الأسواق يتم تسعيرها لتحقيق الكمال، مما يعني أن أي خطأ على صعيد السياسة يمكن أن يؤدي إلى تصحيح سيئ يجعل الأمر يبدو وكأنه فقد دعم المستثمرين. ولا يريد أي رئيس أن تنهار الأسواق في عهده ويكنّى بهذا اللقب.

لن يكون الأمر سهلاً، ويتلاعب استراتيجيو «وول ستريت» بالفعل بما قد يعنيه مجلس الشيوخ المنقسم بالنسبة لوعود بايدن الانتخابية، وتحديداً خطة الإغاثة الاقتصادية البالغة 1.9 تريليون دولار والتي حفزت الأسهم بشكل كبير خلال الفترة القليلة الماضية.

ماذا سيحدث إذا تم تقليص الخطة إلى تريليون دولار على سبيل المثال؟ إنه أمر ممكن. فقد شكك عدد من الجمهوريين المعتدلين، مثل ميت رومني، من ولاية يوتا، وسوزان كولينز من ولاية مين، في الحاجة إلى مثل هذا المبلغ المرتفع، نظراً لعجز ميزانية الدولة البالغة 3 تريليونات دولار، وعبء الديون البالغ 27 تريليون دولار.

ويبدو أن إدارة بايدن نفسها تخفف التوقعات؛ إذ يشعر فريق الرئيس الجديد بقلق متزايد من أن جائحة فيروس كورونا تخرج عن نطاق السيطرة؛ الأمر الذي يزرع شكوكاً حول مصداقية كلام بايدن، ووعوده باحتواء تفشي المرض، وسط تزايد الإصابات والوفيات، وتأخر اللقاحات وظهور سلالة جديدة من الفيروس أكثر قابلية للانتقال في الولايات المتحدة.

والسؤال هنا: ما مدى أهمية خطة التحفيز بالنسبة للاقتصاد وللأسواق المالية في نهاية الأمر؟ ضع في اعتبارك أن الاقتصاديين في «جولدمان ساكس» رفعوا مؤخراً تقديراتهم للنمو لهذا العام إلى 6.6% من 4.1%. وهذه الترقية كانت مدفوعة بتوقع أن بايدن، بمساعدة الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، سيقدم مبالغ كبيرة من المساعدات المالية الحكومية، والإنفاق على التعليم والصحة العامة، ومزايا التأمين ضد البطالة.

قام العديد من استراتيجيي «وول ستريت» برفع تقديراتهم لسقف «ستاندرد أند بورز» وأرباح الشركات لهذا العام. وبين منتصف نوفمبر وهذا الأسبوع، ارتفع متوسط تقديرات نهاية عام 2021 لمؤشر «إس أند بي» في استطلاع «بلومبيرج نيوز» من 3800 نقطة إلى 4100 نقطة، مما يشير إلى زيادة إضافية بنسبة 6.58% على المستويات الحالية. وقفز تقدير ربحية السهم القياسي إلى 175 دولاراً من 166 دولاراً كانت متوقعة.

بالمقابل، لن يكون من الصعب تخيل انخفاض هذه التقديرات بسرعة إذا تم تقليص خطة الإغاثة، لكن نسب السعر إلى الأرباح تشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن تقديرات الأرباح منخفضة للغاية، وليست مرتفعة.

يرى الاقتصاديون في بنك «جولدمان ساكس»، أن بايدن سيحصل على خطة التحفيز، ولكن ليست 1.9 تريليون دولار بالكامل؛ بل يتوقعون شيئاً في حدود 1.1 تريليون دولار بدلاً من ذلك. مع الأخذ بعين الاعتبار ألا تطول فترة إقرارها كثيراً.

*محرر وكاتب رأي في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محرر وكاتب رأي في «بلومبيرج»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"