هل يمكن ضبط تمرد المجر؟

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

بيتر سيريسنيز *

انتخب الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا مؤخراً أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية، زعيماً جديداً له. وعلى الرغم من أن الكثيرين أعربوا عن أملهم في أن يساعد تغيير القيادة أخيراً في تحديد مصير حزب اليمين الحاكم في المجر «فيدز» في تشكيلة حزب الشعب الأوروبي، من المتوقع أن يكون لاشيت، الذي يشبه نهجه السياسي نهج ميركل، شديد الحذر عندما يتعلق الأمر بالحزب الحاكم المجري.
وقد هنأ رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الزعيم الجديد المنتخب لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أرمين لاشيت، في رسالة جاء فيها: «أنا مقتنع بأن التعاون طويل الأمد بين حزب فيدز وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قد ساهم بشكل كبير على مدى العقدين الماضيين في تطوير العلاقات المجرية  الألمانية والنجاح الاقتصادي المتميز لبلدينا». وأضاف أنه يتطلع إلى العمل معاً في المستقبل. كما أكد رئيس الوزراء المجري للاشيت أنه يستطيع الاعتماد على دعمه شخصياً ودعم حزب «فيدز» في تعزيز التعاون العملي القائم على الاحترام المتبادل.
 لكن يبدو أن العديد من منتقدي فيكتور أوربان يأملون في أن تؤدي القيادة الجديدة للحزب الديمقراطي المسيحي أخيراً إلى تمكين حزب الشعب الأوروبي من اتخاذ خطوات حازمة ضد حزب «فيدز». وقال رئيس شركة «بي إم أو» المجري جيرجيلي جولياس، إن مصير «فيدز» في حزب الشعب الأوروبي يعتمد على القرار الذي اتخذه الحزب الألماني ومعه الحزب الحاكم في النمسا، لذلك من المهم للغاية أن يتولى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي القيادة في السنوات القادمة.
 قبل أيام قليلة من انتخابات حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قال مانفريد ويبر، عضو الاتحاد المسيحي الاجتماعي وزعيم مجموعة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي، إن زعيم الحزب القادم «يتحمل مسؤولية كبيرة» في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان الحزب الحاكم في المجر سوف يبقيه ضمن تشكيلة حزب الشعب الأوروبي الذي يعتبر الحزب الأكبر من حيث عدد أعضائه في البرلمان الأوروبي.
 وقال ويبر إن هذا سيكون أحد أهم القرارات التي يتخذونها. وشدد السياسي البافاري على أن ما حدث في الأسابيع الماضية، لا سيما حق النقض ضد آلية سيادة القانون في ميزانية الاتحاد الأوروبي، كان بمثابة نكسة للتعاون الأوروبي.
 كما أعرب دونالد تاسك، رئيس حزب الشعب الأوروبي، عن أمله في أن يحسم الرئيس الجديد لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أخيراً رأيه ورأي حزبه بشأن مصير «فيدز». وقال تاسك، الذي طالما أراد استبعاد أوربان من المجموعة الحزبية، متحدثاً في مؤتمر الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل إعلان نتيجة الانتخابات: «حان الوقت للتحلي بالجرأة في الدفاع عن قيمنا».
 لكن لاشيت قال إنه يتوقع مفاوضات صعبة في الصراع المستمر مع «فيدز». وأضاف: «أعتقد أننا بحاجة أيضاً إلى المجريين والبولنديين في الاتحاد الأوروبي. لا أريدهم أن ينجرفوا إلى اليمين المتطرف. لكن حزب الشعب الأوروبي له شروط واضحة وسوف نطالب فيكتور أوربان باحترامها».
وعلى الرغم من تعليقاته، يُنظر إلى أرمين لاشيت على أنه رجل رصين وربما لن يحيد عن الاتجاه الذي اتبعته أنجيلا ميركل لأكثر من 15 عاماً.
وقد يكون لاشيت أكثر تساهلاً تجاه الحزب الحاكم المجري من أنجيلا ميركل، فقد اتسمت علاقته مع حكومة أوربان في الماضي بالود والتساهل، ونادراً ما وجه لها انتقاداً علنياً.
ويعزى نهج لاشيت الحذر إلى أن مقاطعة شمال الراين من أكبر المستثمرين في المجر وتتفوق حتى على مقاطعة بافاريا. كما يعيش عشرات الآلاف من المجريين في المقاطعة وهناك تعاون متعدد المستويات بين المجر ورئيس وزراء المقاطعة. ويعتقد الكثيرون أنه في حين أن شركات صناعة السيارات الألمانية ناشطة جداً في المجر، فإن السياسيين الألمان البارزين يميلون إلى غض الطرف عن الإجراءات السياسية لحكومة أوربان، التي يعتبرها العديد من النقاد مناهضة للديمقراطية.
 علاوة على ذلك، من الصعب تجاهل حقيقة أن حزب الشعب الأوروبي علق عضوية «فيدز» مرة واحدة عام 2019. ومنذ ذلك الحين، كان هناك دائماً حدث مهم يتعين على المجموعة انتظاره قبل أن تتمكن من اتخاذ قرار آخر بشأن «فيدز». وقد مرت نزاعات ميزانية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقبلها انتخابات الاتحاد الأوروبي في 2019 دون اتخاذ أي قرار. ولذلك يصعب تصور تعميق الهوة بين «فيدز» وحزب الشعب الأوروبي في المدى القريب.
* عضو الجمعية الوطنية المجرية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

عضو الجمعية الوطنية المجرية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"