أمريكا تواجه الجوع

00:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

صوفيا ميرفي*

ترك المقال المشترك الذي نشره الأسبوع الماضي سفيرا إدارة ترامب في روما وبروكسل (كيب توم ورونالد جيدويتز ) انطباعاً أولياً جيداً.

 فقد أشار المقال إلى أن الجوع العالمي آفة تزداد انتشاراً، وهذا صحيح لأنه حتى بلادهم الولايات المتحدة تواجه مستويات متزايدة من الجوع على الرغم من أن المقال لم يقل ذلك صراحة.

 وجاء في المقال أيضاً أنه لا يوجد حل واحد للمشكلة، ودعا إلى مجموعة متنوعة من الأدوات و«القرارات الجريئة» والتعاون عبر كل من القطاعات ذات الصلة من جهة، والحكومات من جهة ثانية؛ لمواجهة هذا التحدي.

 وأثنى السفيران على خطة «الصفقة الخضراء» في الاتحاد الأوروبي، وذكرا الإشراف البيئي الأفضل، وتحسين التنوع البيولوجي، والوصول المنصف عالمياً إلى طعام صحي ومغذٍ، كأهداف محددة ينبغي على الأنظمة الغذائية في العالم السعي لتحقيقها.

 ولكن المقال انتقل بعد ذلك إلى الاستعلاء الذي لا يكف الأمريكيون عن ترداده، ولا يقدم حقائق تصمد للنقاش؛ حيث جاء فيه: «نحن مقتنعون بأن النموذج الأمريكي، القائم على البحث العلمي والبيانات، والذي يركز على التكنولوجيا ويساعد في دفع الزراعة الحديثة إلى مستويات غير مسبوقة من الإنتاجية المستدامة، سيكون جزءاً مهماً في الاستراتيجية الأوسع؛ لمواصلة التغذية في عالم متنامٍ»

 مثل هذا التأكيد مألوف في الخطاب الرسمي الأمريكي. وعلى الرغم من اختلاف إدارتي ترامب وأوباما في كثير من الاستراتيجيات الأساسية لدرجة أن العثور على أوجه التشابه بين الإدارتين، صار أمراً صعباً؛ فإن غطرسة افتراضات الولايات المتحدة حول دور الزراعة الأمريكية في العالم لم تتغير منذ عقود.

 فالأسطوانة التي يكررها الأمريكيون تقول إن المنتجات الغذائية الأمريكية تغذي العالم، وأنه يجب إزالة الحواجز أمام الصادرات الأمريكية. ويصر الأمريكيون على ضرورة تبني التقنيات الزراعية الأمريكية كاملة مع منح براءات الاختراع الاحتكارية، في كل مكان من العالم، على الرغم من أن القواعد التنظيمية الأمريكية باتت مملوءة بالخلل، وينقصها التمويل ومهملة ولا تفي بالغرض.

 والحقيقة هي أن الثقافات والمثل الاقتصادية الأخرى؛ أدت إلى إنتاج غذاء كافٍ، وحققت نتائج بيئية أفضل بكثير، 

وطورت أنظمة غذائية أكثر فاعلية، فضلاً عن المجتمعات الريفية الأكثر ازدهاراً. كما أن تلك الثقافات والقيم خالية من الانقسامات العميقة التي تعانيها سياسات الولايات المتحدة حول مستقبل الغذاء والزراعة المحليين.

 وتقف الحكومة الأمريكية في المحافل الدولية في وجه مناقشة التحديات التي تواجه الزراعة التي تعمل بالوقود الأحفوري، على الرغم من أنها لا تتعرض لفشل أنظمة الغذاء الأمريكية، علماً أن البلاد تعاني مستويات هي الأعلى عالمياً من تفشي ظاهرة السمنة وارتفاع مستوى انعدام الأمن الغذائي.

وعلى الصعيد المالي بلغت المساعدات الحكومية للمزارعين في عهد الرئيس  السابق ترامب مستويات غير مسبوقة، بعد أن فقد معظم أصحاب المزارع نصف عائداتهم السنوية منذ عام 2013 حتى الآن. وتستمر عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات العاملة في الإنتاج الزراعي مع التركيز على المحاصيل الأكثر ربحية، والأقل جهداً.

وسوف يتعين على الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تولى منصبه رسميا منذ أيام أن يقدم ما هو أفضل؛ لأن العالم بحاجة إلى نفس روح التواضع والتصميم التي يتحلى بها هو وفريقه؛ لمواجهة المشكلات العرقية والمظالم الاجتماعية الداخلية في الولايات المتحدة.

 يجب أن يبدأ التغيير برؤية واضحة حول نظرة الولايات المتحدة للدول المجاورة؛ لأن سوء استخدام الثروة الأمريكية والقيادة الأمريكية؛ أفقدا واشنطن القدرة على التعاطف، وبالتالي زعزع ثقة العالم بها.

 هناك حاجة ماسة إلى انتقال وتوزيع عادلين للنظم الغذائية والانتقال من الزراعة التي تعمل بالوقود الأحفوري إلى الزراعة المتجددة. وهذا يتطلب في الوقت ذاته مهارات إصغاء وتبادل الأفكار وقبول الاختلاف.

ولكي تحقق الولايات المتحدة ثورة زراعية عليها أن تبدأ بإجراء تحول في النظام الغذائي المحلي، وأن تتعلم من البلدان الأخرى، وتستغل التنوع الهائل في بيئة الإنتاج الأمريكية. ولا بد من أن تتعلم من خبرة مجالس السياسات الغذائية البلدية والاستثمارات العامة في النظم الغذائية في دول الجوار.

وأخيراً عليها الاستثمار في المنظمات الدولية ذات الاختصاص؛ مثل: لجنة الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي، التي توفر منتدى للتعلم والتبادل بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. كما تهدف إلى بناء أنظمة إدارة مخاطر فعّالة ومشتركة في عصر من عدم اليقين الهائل والمتنامي، مع إعطاء الأولوية للحاجة إلى التعاون والعمل المشترك واتخاذ القرارات المشتركة.

* مديرة معهد السياسات الزراعية والتجارية الأمريكي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مديرة معهد السياسات الزراعية والتجارية الأمريكي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"