العودة إلى الحياة الطبيعية

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

هاو لي تاي *

دعونا نرتقي إلى مستوى دعوة الرئيس بايدن، ونجرؤ على أن نحلم أحلاماً كبيرة، فكثيراً ما سمعت وسائل الإعلام أو أصدقائي يشيرون إلى عبارة: «عندما تعود الأمور إلى طبيعتها».

 فتنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني/يناير؛ يجعل الأمور تبدو أكثر احتمالاً بالعودة إلى «الحياة الطبيعية».

ومع مطلع كل يوم، نجد أن الوفيات الناجمة عن الوباء تستمر في الارتفاع. وأظن أنني لست الوحيدة المخدرة والمكتئبة، وغير القادرة على استيعاب ضخامة الأرقام التي تلمع على الشاشة سواء في عدد الأموات، أو عدد المصابين، أو عدد المرضى في المستشفيات وخلف كل رقم، إنسان سواء كان عاملاً، أو مدرساً أو فناناً، أو شخصاً مات بمفرده؛ لأن عائلاته ورفاقه لم يتمكنوا من الجلوس إلى جانبه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وحيداً.

 ولكن ماذا تعني العودة إلى الحياة الطبيعية؟ أظن أنه بالنسبة للعديد من الناس - تشمل الحياة الطبيعية تبادل الزيارات مع العائلة والأصدقاء، وتبادل العناق والقبلات مع من نحبهم، والخروج لتناول وجبة مع الأصدقاء، ومشاهدة فيلم في السينما أو الذهاب إلى المسرح.

 ولكن حتى قبل «كوفيد -19»، كانت الحياة الطبيعية تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين. وبالنسبة لأكثر من نصف مليون شخص من دون منازل، كانت الحياة الطبيعية قبل «كوفيد-19» تعني العيش في الشوارع من دون سقف واقٍ أو طعام كافٍ. وبالنسبة لأكثر من 400 ألف من الشباب الذين يعتاشون على نظام رعاية التبني؛ تعني الحياة الطبيعية العيش مع أشخاص لم يتصلوا بأمهم وأبيهم. وبالنسبة للأشخاص الملونين، تشمل الحياة الطبيعية المشي في الخوف؛ أي التواجد في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.

 إن التوق إلى الاتصال والتواصل البشري هو شوق عالمي. ومع ذلك، فإن الحديث عن العودة إلى الحياة الطبيعية بين الأشخاص الذين لديهم موارد في الأغلب ما يعني، إضافة إلى ذلك: القدرة على تناول الطعام بالخارج، وحضور الأفلام والحفلات الموسيقية، والعودة إلى السفر والعطلة السهلة. وهذه ليست معايير عالمية؛ بل هي رفاهيات الطبقة الوسطى والأثرياء.

 الشيء الوحيد الذي منحنا إياه هذا الوباء هو أنه فتح أعيننا على مدى هشاشة وخطورة الحياة وما كانت عليه دائماً، خاصة بالنسبة للفقراء والمرضى وأولئك الذين لا يقدرهم المجتمع. 

إن العودة إلى الوضع «الطبيعي» لم تعد تبدو مجدية بعد الآن، كما أنها لا تبدو مرغوبة. فهل نريد العودة إلى عالم يتمتع فيه البعض منا بثمار جميع أعمالنا وكثيرون آخرون كافحوا لمجرد توفير وجبات الطعام على المائدة لعائلاتهم؟ عالم يلجأ فيه البعض إلى الشرطة طلباً للأمان بينما يخشى آخرون على حياتهم؟

يجب علينا رسم مستقبل لما بعد الجائحة، وليس عودة فقط إلى الحياة الطبيعية؛ بل فرصة لخلق عالم جديد، يتم التعامل فيه مع جميع الناس بالحب والاحترام، وتقدير الأجور العادلة والعمل المشرف، ليس فقط خلال أوقات الوباء القاتمة عندما يتعين علينا مواجهة مقدار ما أخذناه كأمر مسلم به للأشخاص الذين حافظوا على عوالمنا وحياتنا.

لقد توحدنا في جميع أنحاء العالم؛ لمواجهة الأزمات الوجودية والمرعبة والجنس البشري يمر في لحظة محورية. فهل سنتمكن من النهوض والانتصار؟ أعتقد أنه يمكننا القيام ذلك.

* ناشطة في التغيير الاجتماعي ومؤسسة مدرسة FACTS Charter School. (كومون دريمز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

ناشطة في التغيير الاجتماعي ومؤسسة مدرسة FACTS Charter School

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"