هُما الأمة حين النّوب

00:18 صباحا
قراءة 4 دقائق

في رسائل القائدين محمد بن راشد ومحمد بن زايد الكثير من العناوين التي ترسم المستقبل
في عام 2018، بمناسبة عام زايد، والاحتفال بمئوية ميلاد حكيم العرب، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ديوان «زايد»، وكتب على الغلاف الأمامي بيت شعر يقول فيه: «لم يكن زايد فينا واحدا/ بل هو الأمة حين النوب».
 لا أدري لماذا قفز إلى ذهني هذا البيت مع ختام «خلوة الخمسين».. هل لذلك علاقة بحديث الشيخ محمد بن راشد وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن تحقق أحلام الآباء المؤسسين؟ هل الأمر يرتبط بتلك المحبة المتبادلة بين المحمدين التي تذكرنا بخيمة «عرقوب السديرة» حيث اجتمع المغفور لهما زايد وراشد؟
 قال بو راشد «لدينا القوة العلمية والاقتصادية.. ولدينا محمد بن زايد»، وفي المقابل تناغم معه بو خالد بالقول: عودنا محمد بن راشد على الرقم واحد ولن نتخلى عنه. هل تنتمي كل هذه الإنجازات العصية على الرصد إلى الجانب الشعري- الخيالي الكامن في أعماق كل فرد فينا؟ هل المسألة تتعلق بوطن بدأ نجاحه من صحراء الإمارات ووصل إلى صحراء المريخ؟
 راودتني كل هذه الأسئلة، ولكن السؤال المفاجئ الذي دفعني إلى التفكير هو: هل نحتفل اليوم بمرور خمسين عاماً على الاتحاد ونستعد للخمسين المقبلة؟ حيث يبدو أننا تجاوزنا ذلك بكثير. أتذكر أن الشيخ محمد بن راشد قال منذ سنوات، إن الزمن لو عاد بنا إلى الوراء لأمكننا تحقيق ما أنجزناه في عقدين خلال خمس سنوات فقط، واليوم يقول الشيخ محمد بن زايد: من لا يستطيع مضاعفة جهده وإنجازاته عشرة أضعاف لن يكون ضمن فريقنا خلال الفترة المقبلة.
 نحن أمام رؤية لا تقيس الزمن بحساب السنين، ولكن بمعيار العمل.. رؤية تصمم على إعادة أمجاد ماضي العرب، لكنها تبصر المستقبل وتمتلك مفاتيحه وأدواته، وتدرك جيداً مأساة العرب مع الزمن. ففي محيطنا، للأسف، تتجاور كل الأزمنة، ولكن العيون في أغلبها شاخصة إلى الماضي، بهذا المنطق فإن ما يحدث الآن وهنا في الإمارات درس للعرب بأكملهم.
 ولكن بمعيار الزمن أيضاً، تحجز الإمارات مقعداً مميزاً لها في العالم المتقدم، فهل شاهدتم دولة استطاعت في خمسة عقود فقط، أن تنجز كل هذه الأحلام؟ هي حالة خاصة تحتاج إلى البحث والدراسة للكشف عن مكامن القوة والقدرة على تجاوز العقبات والتحديات، والسير بخطى ثابتة نحو الرقم واحد. هل نقول إن الرقم واحد في كل شيء صعب المنال؟ أشك في ذلك.. لقد بات على مرمى النظر.
 نحن نحتفل اليوم، ليس بخمسين عاماً وحسب، ولكن بزمننا الخاص الذي لا يشاركنا فيه أحد، وإن كنا نتمنى أن نشارك غداً إحدى دولنا العربية زمناً مماثلاً.. زمن يتخطى الخمسين عاماً الماضية ويتجاوز الخمسين المقبلة، ولا نعرف إلى أين سيقودنا الحلم وأي إنجازات خلّابة ستدهشنا عندما نستيقظ في الصباح؟ زمن ضبط مؤشره لأول مرة زايد وراشد في «عرقوب السديرة»، وحان الدور على الابنين.. الأخوين كي يضبطا المؤشر مرة ثانية، وعلينا أن نغمض أعيننا ونحلم، طالما أنه لا يمكن لنا وصف ما يحدث أمامنا إلا ب«الحلم».
 لا أنظم الشعر، ولذلك أستأذن الشيخ محمد بن راشد في أن أستعيد بيته الفاتن الذي استولى على مشاعري، وافتتحت به هذه السطور، وأغير فيه كلمة واحدة، لأصف قيمة ومكانة «أبو راشد» و«أبو خالد» ب (هما الأمة حين النوب).
لا تنظر الإمارات إلى منجزها في كل النجاحات المحققة على أنه الكمال، بل على أنه البداية، فهو الحاضر الذي يشكل الأرضية الخصبة للمستقبل الذي ترسمه بعقولها وتنفذه بأيديها، بأيدي مئات الفرق التي سلحتها بالعلم والمعرفة ومهدت لها الطريق لتحقيق النجاح.
لا تنظر الإمارات إلى تنافسيتها على أنها إقليمية، بل على أنها تنافسية عالمية، فهذا مضمارها وذلك خيارها في ملعب الكبار، حيث الفائز فيها من يقدم ويؤمن بالقيمة المضافة، وحيث العقول المبدعة القادرة على مخاطبة العقول، وحيث العولمة وحرية السوق وآلياته التي تحكم السباق.
 في رسائل القائدين محمد بن راشد ومحمد بن زايد الكثير من العناوين التي ترسم المستقبل، أولها أن ابن هذه الأرض الطيبة قادر ومتمكن في شتى المجالات، وأن المستقبل أمامه وليس وراءه، وأن عطاءه وحبه وإخلاصه لوطنه في جيناته، فهي الاساسات التي تبني الدول المتميزة الفاعلة مهما كانت المطبات والصعاب.
 وكما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الخلوة لفرق عمل الحكومة إن الإمارات وصلت إلى ما وصلت إليه لأنها لا تعترف بالمستحيل وستكون الخمسون سنة المقبلة متفردة بإنجازاتها.. قال الشيخ محمد بن زايد إننا نثق بحكومتنا والكفاءات المؤهلة التي تقود مسيرة التطوير في الحكومة الاتحادية.. وبقدرتها على مواصلة البناء والتطوير وصياغة استراتيجيات ذكية ومرنة تتماشى مع المعطيات والمتغيرات لكل مرحلة على اختلاف طبيعتها وخصائصها...
شكراً الإمارات، أرض المحبة والتسامح.. أرض الفرص والنمو، والابتكار والإبداع، فأنت مستقبل وأمل الأمة العربية في الحضارة الإنسانية لخير البشرية جمعاء.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"