عادي
هل تزيح الهواتف الذكية عن عرشها؟

«الواقع المعزز» يؤجج الصراع بين عمالقة التكنولوجيا

10:31 صباحا
قراءة 6 دقائق
الواقع المعزز
إعداد : أحمد بشير

كشفت شركة «آبل» العام 2007، النقاب عن جهاز «آيفون» الذي غيّر الطريقة التي نستخدم فيها الهواتف إلى الأبد. ولم تخترع «آبل» الهاتف الذكي، حيث كانت شركات مثل «بالم» و«بلاكبيري» تبيعها منذ سنوات، إلا أن الـ«آيفون» قدم طريقة جديدة تماماً للتفاعل مع الأجهزة المحمولة، من الاتصال الدائم بالإنترنت وشاشة اللمس سهلة الاستخدام، والواجهة القائمة على رموز التطبيقات القابلة للنقر، وقد تبدو هذه الأمور شائعة الآن، لكنها في ذلك الوقت كانت حزمة تقنية ثورية. 

الصورة
نظارة جوجل الثورية


كان الهاتف الذكي يعد تحوّلاً زلزالياً في قطاع التكنولوجيا؛ حيث أنشأ نماذج أعمال جديدة تماماً، وأصبحت التطبيقات شركات تزيد قيمتها على 100 مليار دولار، وحلّت محل كل شيء تقريباً من الكاميرات الرقمية إلى أنظمة تحديد الموقع داخل السيارات. 
إلا أن مبيعات الهواتف تراجعت على مدى عامين متتاليين للمرة الأولى، وفقاً لتقرير صادر عن شركة «جراتنر»، ويبدو أن الرهان التالي لصناعة التكنولوجيا هو سلسلة من التقنيات تسمى عادة «الواقع المعزز» (AR)، وتتضمن الرؤية عادة نوعاً من الحاسوب الذي يرتديه المستخدم على عينيه. 

إمكانات تقنية كبيرة

وسيكون بإمكان المستخدم رؤية معظم العالم الحقيقي الذي أمامه، على عكس الواقع الافتراضي، الذي ينغمس فيه المستخدم تماماً في أرض خيالية يولدها الحاسوب، وفي الواقع المعزز، تظهر النصوص والصور التوضيحية فوق المعالم الواقعية؛ لتمنحك المزيد من المعلومات عنها. 

«أبل» تستعد لإطلاق نظارتها مطلع 2022

ويعتقد مراقبو القطاع والعاملون فيه أن لدى «أبل» فرصة جديدة لإحداث ثورة في تقنية «الواقع المعزز» كما فعلت في الهواتف الذكية، وفي الحقيقة أن «أبل» تعمل منذ سنوات على تصميم نماذج أولوية لنظارة بتقنية الواقع المعزز، وفقاً للتقارير الأخيرة التي نشرها موقع «ذي أنفورميشن» ووكالة «بلومبيرج»، مضيفةً: إن الشركة قد تطلق نظارتها الجديدة في وقت مبكر من عام 2022 والتي قد يصل سعرها إلى 3 آلاف دولار. 
إلا أن «أبل» ليست الشركة الوحيدة التي تعمل على هذه المنتجات؛ حيث إن لاعبي التكنولوجيا الكبار كافة؛ مثل: «مايكروسوفت» و«جوجل» و«فيسبوك» و«أمازون» يتنافسون في هذا المجال أيضاً. 
وقد استحضر المستقبليون وكتاب السيناريو ما يمكن أن يحدث بعد تطوير نظارات حاسوب متقدمة، ففي إحدى حلقات مسلسل «المرآة السوداء» (Black Mirror)، يستكشف الكتّاب عالماً يمكن للناس من خلاله «حجب» بعض الناس عن رؤيتهم. 
واليوم، يستخدم الواقع المعزز في أمور روتينية، بما في ذلك الألعاب والتطبيقات المستندة إلى الهواتف الذكية مثل لعبة «بوكيمون جو» وتطبيق «رولر» في أجهزة «أبل»، والتي تستخدم شاشــة الهاتـــف والكاميــرا بدلاً من النظارات وغيرها من التقنيات القابلة للارتداء على الوجه، وتركّز القليل من الشركات على إنتاج نظارات الواقع المعزز لأغراض مثل التصنيع والطب. 
وساهم نجاح «أبل» من خلال «آيفون»، في جعلها الشركة التي يجدر متابعتها في مجال الواقع المعزز؛ وذلك على الرغم من أن الشركة لم تؤكد أبداً أنها تعمل على خوذة أو نظارة أو أي نوع آخر من أجهزة الحاسوب التي يمكن ارتداؤها على الرأس. 
وقد أشار تقرير من «بلومبيرج» إلى أن أول منتج للواقع المعزز من «أبل» قد يتم طرحه في وقت مبكر من العام المقبل، وسيكون عبارة عن نظارة تعمل بالبطارية ومصممة بشكل أساسي للواقع الافتراضي، ولكنها تحتوي على كاميرات مدمجة لاستخدامها في مجال الواقع المعزز أيضاً.

الصورة
الهواتف أساس تقنيات الواقع المعزز


ويقول التقرير: إن هذا الجهاز قد يكلّف آلاف الدولارات وسيكون متاحاً بكميات محدودة، وسيكون موجهاً بشكل خاص إلى مطوري البرامج.
وتعد تقنية العرض من العوامل المقيدة للواقع المعزز؛ حيث تتمتع شاشات العرض الشفافة الموجودة حالياً في السوق بمجال رؤية محدود؛ إذ يمكنها عرض الرسومات، لكنها في الأغلب لا تكون ساطعة بدرجة كافية لاستخدامها تحت أشعة الشمس. 
وتعمل شركة «أبل» على حل هذه المشكلة، وفقاً لتقرير «نيكاي آسيا»؛ إذ تشير الصحيفة إلى أن الشركة تتعاون مع «TSMC»، الشركة التي تصنّع المعالجات لأجهزة «أبل»، لتطوير نوع جديد من شاشات الواقع المعزز التي يتم وضعها مباشرة على الرقائق، أو الطبقة الأساسية للرقائق.
وفي حال كشفت «أبل» في نهاية المطاف عن تقنية ناجعة في عالم الواقع المعزز، فإن ذلك سيضعها في مقدمة الشركات في هذا المجال، مثلما فعلت عندما أصبح «آيفون» الهاتف رقم واحد في العالم. 

«جوجل» أول شركة تطلق منتجها 2013

وكانت «جوجل» أول شركة تقنية كبرى تطلق جهاز حاسوب يمكن ارتداؤه عندما كشفت النقاب عن نظارة «جوجل جلاس» في عام 2013، وكان سعر النظارة 1500 دولار في ذلك الوقت، واستهدفت بشكل صريح العاملين في قطاع الحاسوب. 
وكان نهج «جوجل» بسيطاً جداً، حيث لم تحاول نظارتها استخدام المعالجة المتقدمة لدمج رسومات الحاسوب بالعالم الحقيقي، وبدلاً من ذلك، تم تجهيزها بكاميرا وشاشة شفافة منخفضة الدقة نسبياً، واستخدمت هذه الشاشة لعرض معلومات مقتضبة في مجال رؤية المستخدم مثل ساعة «أبل» الذكية. 
إلا أن النظارة كانت أيضاً مصدر جذب للنقد؛ حيث تحتوي على كاميرا فيديو مدمجة، وشعر الأشخاص الذين لم يرتدوها وكأنهم مراقبون، وقالت إحدى المرتديات: إنها تعرضت للاعتداء خارج حانة في سان فرانسيسكو عام 2014 لارتدائها النظارة. 
وأوقفت «جوجل» إنتاج النظارة مؤقتاً في عام 2015، وأعادت بيعها لأصحاب الأعمال، وفي العام الماضي، بدأت في بيع «جوجل جلاس» مقابل 999 دولاراً لكل واحدة من خلال بعض متاجر التجزئة. 

«مايكروسوفت» تستثمر بكثافة في التقنيات

أما «مايكروسوفت» فقد أعلنت عن نظارة الواقع المعزز «هولولنز» في عام 2015، وأصدرت النسخة الأولى منها في عام 2016، وهي الآن في نسختها الثانية بكُلفة 3500 دولار، وعلى موقع الويب الخاص بها، تروّج «مايكروسوفت» لاستخدام النظارة في قطاعات التصنيع والبيع بالتجزئة والرعاية الصحية، ففي المصانع، على سبيل المثال، يمكن للنظارة إبلاغ العمّال بكيفية إصلاح أو تشغيل آلة معقدة، وفي مجال البيع بالتجزئة، يمكن للتجار عرض سلعهم افتراضياً للعملاء بدلاً من عرض منتجات باهظة الثمن أو كميات كبيرة من المخزون.  ويحتوي متجر مايكروسوفت الرقمي حالياً على 343 تطبيقاً لـ «هولولنز»، ولا توجد أسماء تطبيقات مألوفة، والعديد منها عبارة عن عروض توضيحية بسيطة تعرض رسومات مثل كعكة عيد ميلاد أو ألعاب نارية. 
واستثمرت «مايكروسوفت» بكثافة في هذا النوع من التقنيات، حيث اشترت شركة «AltSpace VR» وهي شبكة اجتماعية للواقع الافتراضي، في عام 2018. 

«فيسبوك» تتنبأ بتغيير مجتمعي هائل

في هذه الأثناء يتحدث مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك»، علناً عن آماله في الواقع المعزز؛ إذ قال في العام الماضي: «بينما أتوقع أن تظل الهواتف أجهزتنا الأساسية خلال معظم هذا العقد، من المنتظر أن يتم إنتاج نظارات واقع معزز غير مسبوقة تعيد تعريف علاقتنا بالتكنولوجيا في مرحة ما من عشرينات القرن الحالي». 
ويعود حماس «فيسبوك» للواقع المعزز جزئياً إلى اعتماده على منصات الهواتف الذكية من البائعين الآخرين اليوم. وعلى وجه الخصوص، كانت «فيسبوك» ترفض سيطرة «أبل» على «آيفون» لسنوات، وتصاعد السجال مؤخراً، حيث تخطط «أبل» لإجراء تغييرات تقنية على نظام تشغيل الهاتف، الأمر الذي سيضر بالمصدر الرئيسي للدخل لدى «فيسبوك»، ألا وهو الإعلانات على الهاتف المحمول. 
وفي حال أنشأت «فيسبوك» النظام الأساسي لتكنولوجيا الواقع المعزز، فستقوم هي بوضع القواعد. 

الصورة
زاكربيرج يختبر نظارة الواقع المعزز


ويتوقع زوكربيرج أيضاً حدوث تغيير مجتمعي هائل نابع من الواقع المعزز، قائلاً: «تخيّل لو كان بإمكانك العيش في أي مكان تختاره والوصول إلى أي وظيفة في أي مكان آخر». 
و«فيسبوك» هي بالفعل رائدة في مجال الواقع الافتراضي، ففي عام 2014 استحوذت على شركة «أوكيلوس» مقابل ملياري دولار، وهي خطوة تشير إلى بدء استثمارها في هذه التقنيات. 
وتشتمل أحدث خوذة «أوكيلوس» على كاميرات وتبلغ كلفتها 300 دولار، وبيعت مليون وحدة منها في ديسمبر الماضي، وفقاً لتقديرات منصة «سوبر داتا». 

«أمازون» الأقل حمـاساً لاستخدامها

وتعتبر «أمازون» شركة التكنولوجيا العملاقة الأقل حماساً بشأن تقنية الواقع المعزز، ولكنها تبيع بالفعل نظارات ذكية تدعى «Echo Frames»، ولا تحتوي هذه النظارة على شاشة، إلا أن المستخدم يمكن أن يتفاعل معها صوتياً من خلال المساعدة الشخصية «أليكسا». 
وتتعامل «أمازون» مع الواقع المعزز من زاوية أخرى، ففي الخريف الماضي، أصدرت تطبيق Amazon Augmented Reality، ولكنه ليس برنامجاً جداً؛ إذ يستخدم رموز QR على صناديق شحن أمازون لتفعيل ألعاب بصرية افتراضية ممتعة، مثل تحويل الصندوق إلى سيارة سباق، أو وضع نظارات افتراضية على كلب.  كما تستخدم تطبيقات «أمازون» الأخرى الواقع المعزز لوضع أثاث افتراضي داخل منزل المستخدم للتأكد من ملاءمته قبل إجراء عملية الشراء عبر الإنترنت. 
ويمكن لـ«أمازون» الاستفادة بشكل جيد من تقنيات الواقع المعزز في عملياتها، فعلى سبيل المثال، سيكون بإمكان العمال في مستودعاتها استخدام النظارات الرقمية في تحديد البضائع التي يجب شحنها بسهولة عن طريق إبرازها برسومات حاسوبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"