الحماية الجنائية للعلامــة التجاريــة

22:18 مساء
قراءة 3 دقائق

وجيه أمين عبد العزيز *

العلامة التجارية إحدى أهم وسائل التنافس التجاري المشروع؛ باعتبارها أداة للتمييز والتفريق بين السلع والمنتجات والخدمات؛ وهي السمة المميزة لأي مشروع تجاري أو خدمي، وهمزة الوصل بين مالك العلامة والمستهلك؛ لذا وضعت الاتفاقيات الدولية والتشريعات الإقليمية والمحلية، قوانين خاصة، تحمي العلامات التجارية من أي اعتداء لا تقتصر على إلزام المعتدي على العلامة المسجلة بدفع تعويضات مادية فحسب؛ بل توسع المشرع، وفرض الحماية الجنائية لها.
ويعرف تقليد العلامة التجارية بأنه كل محاكاة تماثل في مجموعها الشكل العام، والعناصر المميزة للعلامة الأصلية، يترتب عليها إدخال اللبس، والخلط لدى المستهلك العادي، ولقد استقر القضاء على أن العبرة في قيام الجريمة هي بأوجه الشبه لا بأوجه الاختلاف، فإذا كان هناك أي تشابه بين العلامتين في عناصرهما الجوهرية، فلا يعتد فيما بينهما من فروق جزئية.
ونظراً للآثار الاقتصادية السلبية لهذه الجريمة، وما تلحقه من ضرر على جمهور المستهلكين والشركات العالمية والمحلية؛ كونها تمثل مساساً بحقوق ملكيتها للعلامة التجارية، وتضر بسمعتها؛ نتيجة للمنافسة غير المشروعة التي تؤدي إلى خسائر لهذه المؤسسات، بانخفاض حجم مبيعاتها، وخفض حصصها السوقية؛ انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1996 لاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية التي تقضي بحماية العلامات التجارية؛ من خلال وضع أحكام للقواعد الموضوعية المتعلقة بها.
كما شدد المشرع الإماراتي عقوباتها في ضوء ما ورد بالقانون رقم (37) لسنة 1992 بشأن العلامات التجارية، وتعديلاته بالنص على «يعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور، وكذلك كل من استعمل علامة تجارية مزورة أو مقلدة مع علمه بذلك، وكل من وضع بسوء نية على منتجات علامة تجارية مسجلة مملوكة للغير أو استعملها دون وجه حق، وكذلك كل من باع أوعرض للبيع أو التداول أو حاز منتجات عليها علامات تجارية مزورة أو مقلدة».
كما جرّم المشرع الإماراتي الغش التجاري بكافة صوره وأنواعه ووسائله في ضوء ما ورد بالقانون رقم (19) لسنة 2016 في شأن مكافحة الغش التجاري الذي عرّفه في الماده (1) على أنه خداع المتعاملين بأية وسيلة كانت؛ وذلك بتبديل وتغيير ماهية السلع أو مقدارها أو أوصافها أو سعرها أو صفتها الجوهرية أو منشأ السلع أو مصدرها، كما عرّف السلع المقلدة على أنها السلع التي تحمل دون إذن علامة تجارية مطابقة أو مشابهة للعلامة التجارية المسجلة بصورة قانونية كما نص في المادة (12) على «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم ولا تزيد على مئتين وخمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب جريمة الغش التجاري».
وفي النهاية، يجب تسجيل العلامة التجارية لدى جهة الاختصاص؛ لكي تشملها الحماية القانونية، خاصة أن المشرع الإماراتي أقام نظاماً قانونياً متكاملاً؛ للحد من الآثار السلبية المترتبة على تقليد العلامات التجارية، وأكد كل ما من شأنه عدم المساس بحقوق مالك العلامة الأصلية، واعتبر المساس بها بأي شكل وبأي وسيلة جريمة يعاقب عليها القانون.
* مستشار قانوني أول في المركز العالمي للمحاماة والإستشارات القانونية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مستشار قانوني أول - المركز العالمي للمحاماة والاستشارات القانونية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"