عادي
نضال أبو لطيف، رئيس «أفايا العالمية» لـ«الخليج»:

«كوفيد-19» يفرض 6 توجّهات رقمية جديدة على القطاع المصرفي

00:02 صباحا
قراءة 8 دقائق

1

دبي: حمدي سعد

أظهرت دراسة استقصائية أصدرتها شركة «أفايا» العالمية بالتعاون مع شركة الأبحاث «ديفيز هيكمان» عن «التوجّهات المستقبلية للقطاع المصرفي الخليجي»، أن رحلة التحوّل الرقمي في البنوك الخليجية، شكلت «قاطرة» الخروج من أزمة «كوفيد-19» خلال العام 2020، وأن حلول التكنولوجيا المالية ستحقق انتشاراً واسعاً خلال 2021، خصوصاً في دولة الإمارات.

وأوضحت نتائج الدراسة، التي تنفرد «الخليج» بنشرها، أن التحول الرقمي في البنوك الإماراتية أتاحت التعامل مع انعكاسات الجائحة بشكل فعّال وحافظت على استدامة الأعمال ونوعية الخدمات لكافة شرائح العملاء، إلا أن الأزمة طرحت أيضاً مجموعة من التحديات، خصوصاً بما يتعلق بأولويات التطوير وسط نقاش جديّ بين عالمين مصرفيين، «التقليدي» الذي يملك من المهمات والهموم ما يكفيه، و«الرقمي» الذي يسعى إلى تطوير كاملة منظومة العمل المصرفي ونقله إلى القرن الحادي والعشرين.

وأكدت الدراسة أن «جائحة «كوفيد-19» سرّعت خطوات البنوك الخليجية للتحوّل الرقمي، التي تبيّن أنها أكثر من مجرد مشروع لتعزيز الأعمال وتلبية توجّهات العملاء الرقمية وخدمة استراتيجيات المصارف. وشملت 12 مديراً تنفيذياً يمثلون كبار مديري الأقسام المصرفية في مجموعة من بنوك دول مجلس التعاون الخليجي، وهم يديرون أقساماً مصرفية أساسية هي: العمليات، «تجربة المستهلك» المخاطر، التكنولوجيا والخدمات الرقمية.

وسلّطت الدراسة الضوء على مجموعة من الاتجاهات المصرفية التي أظهرت انطلاق عمليات الاستثمار بهدف التطوير، ويمكن اختصارها بـ 6 توجهات، هي:

«الهجرة» من المدفوعات النقدية إلى الرقمية

تسبّب انتشار «كوفيد-19» بـ«الهجرة» بعيداً عن المدفوعات النقدية، حيث سُجل ارتفاع كبير في الاعتماد على الهاتف الذكي و«المحافظ الرقمية» للقيام بالمدفوعات، وتفوّقت الرقمية منها عبر الهاتف الذكي على المدفوعات التي تتم عبر البطاقات المصرفية، كما سجّل استخدام بطاقات الدفع «من دون لمس» نمواً بنسبة 100%.

ويتوقع المصرفيون تواصل الهجرة باتجاه المدفوعات الرقمية، وأن تستمر في مرحلة ما بعد «كوفيد-19»، ولهذا تستثمر البنوك في تنويع المحافظ الرقمية المالية المُستخدمة، لتضم محفظة الهاتف الذكي الرقمية، محفظة المصرف الرقمية والمحفظة التجارية الرقمية. ومن المتوقع ارتفاع استخدام «القياسات الحيوية» في المدفوعات، خصوصاً مع إيلاء الهيئات الناظمة هذا الموضوع الاهتمام اللازم وتحديداً مجالي الأمن الرقمي وخصوصية بيانات العملاء.

وأظهرت دراسة «أفايا» أن 9 من أصل 12 من المديرين اعتبروا أنه بإمكان البنوك «ترشيد» شبكة الفروع، بمعنى إعادة النظر بدورها وعددها وانتشارها، وقالوا إنهم ينظرون إلى بعض الفروع المصرفية باعتبارها «مصادر تكلفة»، وأنه يمكن استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية، وأن ثمة إقبال لدى المصرفيين على تجربة نماذج الفروع الجديدة، حيث لدى القطاع المصرفي قناعة من أن الفروع المصرفية لن تختفي في المدى المنظور.

الهاتف الذكي

سلطت تحديات العام 2020 الأضواء على أهمية توفير الدعم للعملاء من خلال «مراكز الاتصال» عبر مختلف القنوات، ويُجمع المديرون، في الدراسة، على أهمية تطبيق استراتيجيات قنوات التسويق الموحّدة، بالتزامن مع تطوير مراكز الاتصال.

وأظهر انتشار الوباء حاجة ماسة إلى تسريع تنفيذ مشاريع قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء، وحققت البنوك تقدماً في مشاريع تخطيط وتصميم قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء، حيث تركز الأقسام المصرفية المتخصصة بالابتكار على ما يريده العميل أولاً في مجال قنوات التسويق الموحّدة، كما يُسجّل اهتمام خاص بتوفير الاستثمارات المطلوبة لإطلاق الخطط الاستراتيجية المصرفية في هذا المجال.

وأجمعت المصارف التي شملتها الدراسة على أن عملاء المصارف في الخليج يريدون التفاعل مع البنوك بالطريقة والتوقيت الذي يختارونه. وقد باتت مقاومة التغيير في السوق ولدى العملاء أقل حدة مقارنة بمرحلة «كوفيد-19»، خصوصاً لجهة الاعتماد على الخدمات الرقمية المؤتمتة أو الخدمات الرقمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

وأشار المديرون إلى أن الفئات العمرية الأكبر سناً تستخدم الآن منصات الخدمة الذاتية سواء المتصلة أو غير المتصلة بالإنترنت.

وعلى الرغم من انتشار الصيرفة عبر الهاتف الذكي بين العملاء، تستمر قنوات الخدمات الأخرى بالانتشار مثل: الهاتف الثابت، الرسائل القصيرة، البريد الإلكتروني، وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات المرئية.

بيانات العملاء

قال 10 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة يعملون على تطوير استراتيجيات استخدام بيانات العملاء لتعزيّز «تجربة المستهلك»، وبنفس الوقت تعمل على تنمية المهارات لاستخدام البيانات من أجل تزويد العملاء بخدمات «ذات طابع شخصي» حيث تركز المصارف حالياً على تجميع بيانات شريحة العملاء من فئة «الدرجة الأولى».

وتتيح القواعد التي تحكم تجميع البيانات، تقديم خدمات «ذات طابع شخصي» وإطلاق حملات تسويقية استباقية تستشرف التطورات المستقبلية تساهم في تطوير القدرة على استشراف وضع العملاء ورسم صورة واضحة عنهم، وتعد أولوية لجميع اللاعبين في القطاع المصرفي، وتتركز النشاطات في مجال البيانات على دمج معلومات: ردود فعل العملاء، والمعلومات الناتجة عن مشترياتهم التي تندرج تحت بند «التسوّق المقنّع» وسجّل بيانات العملاء.

العمل الهجين

أكد 7 من أصل 12 مديراً، ممن شملتهم الدراسة، سعي المديرين إلى تحقيق نموذج عمل مرن، حيث تحوّل نمط العمل عن بُعد إلى نموذج معتاد وطبيعي أو ما يمكن تسميته «الوضع الطبيعي الجديد»، لكن ثمة حاجة إلى امتلاك واستخدام أنظمة العمل المناسبة، فيما ظهرت بعض الهواجس التي تتعلق بالعمل عن بُعد وتتمثل بإساءة الاستخدام، ودرجة إنتاجية الموظفين الذين يعيشون في عزلة، كما لدى المصارف وعي كامل تجاه حاجة الموظفين إلى مشاركة المعلومات واللقاء بزملائهم، والامتثال للقواعد الصارمة المتعلقة بقواعد الأمن الرقمي وهذا يسلّط الضوء على إجماع البنوك التي شملتها الدراسة، على أهمية الحصول على الحلول التكنولوجية المناسبة لتخطي هذه الصعوبات وتلبية المتطلبات.

وأظهرت الدراسة أن نسبة الموظفين الذين يستطيعون العمل من المنزل قد تتراوح ما بين 50 و60 %، أما الذين لا يستطيعون ذلك فيحتاجون إلى مساحات عمل مشتركة، والنسبة الباقية ستعتمد نموذج العمل «الهجين»، وثمة نقاش في الأوساط المصرفية حول ضرورة تملّك «مساحات عمل» للموظفين ودراسة كيفية استخدامها في المستقبل. ولدى المصرفيون الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية إجماعا حول أهمية «الاتصالات الموحّدة»، كونها تلعب دوراً أساسياً في نجاح الأعمال.

«قطار» الخدمات السحابة والقوانين

ويدعم 8 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة الانتقال إلى الحوسبة السحابية، ويعتبرون ذلك ممراً أساسياً نحو تحقيق المرونة في الأعمال، إلا أن معظمهم يعتبر أن هذا الانتقال يحمل في طياته مخاطر على مستوى الأمن الرقمي وبعض المديرين اعتبروا أن الانتقال إلى السحابة يشكل أولوية خلال الأشهر الـ12 إلى الـ18 المقبلة.

وثمة قناعة أن الحلول السحابية تساعد على جعل الخدمات أسهل بالنسبة للعملاء، إلا أن البنوك لا تسمح باستخدام السحابة في بعض الأقسام المصرفية، بسبب المخاوف الأمنية، وأظهرت الدراسة تفضيل المصارف لنموذجي السحابة الخاص والهجين.

وتعتبر المصارف التوجيهات التي تضعها الهيئات المالية الناظمة ركناً أساسياً خلال اتخاذها القرارات المتعلقة بالسحابة وإذا تمت الموافقة على استخدام السحابة، فإن الحلول التكنولوجية المصرفية التي يتم تطويرها محلياً ستحتل مقعد الأولوية وبعض المصرفيين يعتبرون أن من واجبهم توعية الهيئات المالية الناظمة حول أهمية السحابة، بهدف الحصول على موافقتهم للبدء باستخدامها وأن ثمة إجماعاً لدى المصرفيين، على أن موافقة الهيئات الناظمة، ستشكل صافرة انطلاق قطار السحابة.

التكنولوجيا المالية

وثمن 9 من أصل 12 مديراً في الدراسة فوائد التعاون مع مزوّدي حلول التكنولوجيا المالية أو الـFintech، خصوصا وأنهم يتمتعون بالمرونة والسرعة إلا أن لدى المصارف علامات استفهام حول مدى تمتع شركات التكنولوجيا المالية بالمعرفة المالية المتخصّصة، مشيرين إلى أن البنوك والمصارف الخليجية حاليا هي في وضعية «منافسة وتعاون» مع المزوّدين الجُدد لحلول التكنولوجيا المالية وثمة اهتمام لدى القطاع المصرفي بالحصول على عروض من جانب هذه الشركات للمضي في رحلة التحوّل الرقمي ومن المتوقع أن تحقق حلول التكنولوجيا المالية انتشاراً واسعاً، خصوصاً في الإمارات لكن أبرز التحديات هي تحويل الاستثمار التكنولوجي إلى مصدر للربحية، وعليه فمن الضروري تكوين فرق ابتكار ضمن البنوك لتقييم قرارات الاستثمار المتعلقة بحلول التكنولوجيا المالية وموافقة الهيئات الناظمة على الحلول التي يقدمها مزوّد الحلول.

رؤية شاملة

وقال نضال أبو لطيف، رئيس شركة «أڤايا العالمية» لـ«الخليج»:«إن القطاع المصرفي الإماراتي ركن أساسي ضمن الرؤية الاقتصادية للدولة وشريك قوي في رحلتها للعالمية في كافة المؤشرات الاقتصادية، ولذلك فإن قراراته على مستوى التحوّل الرقمي، ليست مجرد خطط أو خطوات عادية لتحقيق نجاح محلي أو عالمي، بل هي جزء من رؤية شاملة وواسعة وطموحة، ومن هذا المنطلق، يشهد هذا القطاع ورشة تطوير كبيرة واستثمارات واسعة في المجال الرقمي، منذ فترة طويلة، تشمل معظم الأقسام».

وأضاف «يأتي هذا التطور منسجماً مع رؤية مصرف الإمارات المركزي الذي وضع ونفّذ سياسات مالية تتماشى مع الأجندة الوطنية، بالإضافة إلى المبادرات والنشاطات التي ينفّذها اتحاد مصارف الإمارات. ولهذا فإن عملية التطوير التي تجريها المصارف على المستوى الرقمي، هي جزء من توجّهات مالية وطنية شاملة، تأخذ بالاعتبار مجموعة من المتطلبات والتوجهات والأهداف، للمحافظة على الموقع الريادي العالمي للقطاع المصرفي الإماراتي».

وأضاف قائلاً:«على سبيل المثال، استثمر بنك «الإمارات دبي الوطني» وحده، نحو مليار درهم لتنفيذ عملية تحوّل رقمي شملت كل الأقسام، كما قامت بنوك أخرى من بينها: «المشرق ودبي التجاري» بخطوات كبيرة من خلال المبادرات الطموحة على طريق التحوّل الرقمي. وتطبق المصارف الإماراتية استراتيجية شاملة على مستوى الخدمات الرقمية، لتلبية متطلبات العملاء في هذه المرحلة التي تشهد توجّها متزايدا نحو الحلول المصرفية الرقمية».

تأثير البنوك الرقمية على الوظائف

وقال أبو لطيف:«على الرغم من أن البنوك الرقمية، أي تلك التي لا تمارس أعمالها مع العملاء سوى من خلال الفضاء الرقمي، ستشكل منافسة حقيقية للبنوك التقليدية وللموارد البشرية فيها، إلا أن التحوّل الرقمي في هذا القطاع سيفتح الأبواب أمام إيجاد فرص لوظائف جديدة ستشمل توظيف خبراء في البيانات والبرمجة ومطوّرين للتطبيقات الذكية وغيرها، بالإضافة إلى عشرات الاختصاصات الأخرى التي ستكون أساسية خلال تقدم القطاع المصرفي باتجاه ترسيخ موقعه في مجال ابتكار وتطوير الخدمات والحلول المالية، والمحافظة على مركز تنافسي متقدم بين اللاعبين في القطاع».

ولحسن الحظ، فإن القطاع المصرفي يستطيع الاستفادة من المبادرات الإماراتية الوطنية الداعمة لصناعة المهارات الرقمية في مختلف المجالات حيث تعد الإمارات بيئة طبيعية للتطوّر التكنولوجي وأرضاً خصبة لتنمية المهارات الرقمية والخبرات المصرفية التكنولوجية.

وإذا ما أخذنا الخطط الرامية إلى جعل دبي عاصمة العمل عن بُعد بعين الاعتبار، نستطيع التأكيد على أن الإمارات ستجذب المزيد من المهارات القادرة على المساهمة بعمليات التطوير الاقتصادية، وخصوصاً منها القطاع المصرفي.

بيانات العملاء

وحول تحديات البنوك الرقمية فيما يتعلق بخصوصية بيانات العملاء، قال أبو لطيف:«إن الأمن والخصوصية وبيانات العملاء هم في أعلى قمة أولويات المصارف، وتشكل هذه المزايا حقوقا أساسية للعملاء ويحرص «المصرف المركزي» على توفيرها للعملاء بشكل دائم من خلال القرارات والأنظمة التي يُصدرها».

ومن المؤكد أن الحلول الرقمية التي أتاحت توفير بيانات رقمية عن العملاء، ستتيح أيضا حلولا من عالم الأمن الرقمي ولهذا السبب تطوّرت السياسات المصرفية التي يضعها «المصرف المركزي» بشكل دائم، لتواكب التطورات خصوصا منها دخول الحلول الرقمية إلى المجال المصرفي والمميّز في العصر الرقمي، هو تطور الأدوات الرقمية التي تتيح رفع مستوى الإجراءات الأمنية التقليدية كما الرقمية.

وأصدر «المصرف المركزي» مؤخراً نظاماً لحماية المستهلك يتضمن بنوداً بالغة الأهمية خصوصاً على مستوى المحافظة على أمن بيانات العملاء، وهي تقع جميعها ضمن الإطار التنظيمي الجديد لحماية المستهلك المالي والذي يهدف إلى ضمان المعاملة العادلة وحماية المستهلكي. وحدد النظام عدداً من الأهداف الرئيسية لضمان حماية مصالح المستهلكين عند استخدامهم لأي منتج أو خدمة مالية أو في علاقاتهم مع المؤسسات المالية.

الجيل الرقمي

وقال نضال أبو لطيف:«من البديهي القول هنا، إن تعدّد خيارات النماذج المصرفية، يوفر حرية أوسع للعميل، وبذات الوقت خيارات متعددة للأعمال وللأجيال الشابة التي تمتلك توجهات جديدة ومتطلبات تختلف عن الأجيال السابقة خصوصاً على المستوى الرقمي وتحضيراً لهذا النوع من التطورات نعتقد أنه من الضروري أن تكون الفروع المصرفية في صلب خطة التحوّل الرقمي المصرفية، وهذه فرصة فريدة بالنسبة لإدارات الفروع كي تنخرط في تجربة التكنولوجيات الجديدة مثل الأتمتة المعتمدة على الإجراءات التي يقوم بها الروبوت و«بيومتريات» الوجه والصوت. بالإضافة إلى استخدام الفيديو، و«انترنت الأشياء» IoT بهدف تطوير الفرع المصرفي وتوفير تجارب استخدام سهلة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"