عودة الانتعاش الأمريكي على شكل «V»

23:07 مساء
قراءة 3 دقائق

ريك نيومان *

بعد الإغلاق الهائل للأعمال التجارية وفقدان الوظائف في الربيع الماضي، عاد سوق العمل الأمريكي للانتعاش من جديد. واعتباراً من مايو/أيار إلى أغسطس/آب من عام 2020، أضاف الاقتصاد 11 مليوناً من أصل 21 مليون وظيفة فقدها، وبدأنا نشهد تعافياً سريعاً على شكل حرف «V».

لكن الأمور لم تستمر كذلك، فقد تباطأت وتيرة نمو الوظائف من جديد خلال فصل الشتاء، مع ارتفاع أعداد الإصابة بفيروس «كورونا» وانتشار الكآبة.

اليوم عاد انتعاش «V» مرة أخرى، فقد أضاف أرباب العمل 916 ألف وظيفة في مارس/آذار، وهو أكبر عدد منذ أغسطس الماضي.

لم يكن الأمر صدفة، فالنمو القوي لبقية عام 2021 يلوح في الأفق، مما قد يكون أسرع انتعاش من ركود عميق في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. ومع أن إجمالي العمالة لا يزال 8.4 مليون دون مستويات ما قبل أزمة «كوفيد  19»، فإن الاقتصاديين يتوقعون استمرار نمو الوظائف القوي.

ولم يكن الأمر لغزاً أيضاً، فقد قامت لقاحات فيروس كورونا بدورها أخيراً، حيث تم تطعيم ما يقرب من 20% من سكان الولايات المتحدة بالكامل، وأصبح معظم الأمريكيين، مؤهلين الآن لأخذ اللقاح. وبات من الواضح حتمية التطعيمات لإعادة فتح قطاعي التجزئة والضيافة بشكل آمن، واللذين تضررا بشدة خلال الجائحة. نعم، هناك أمل والناس يشعرون بذلك بشكل متزايد.

إن خطة التحفيز التي طرحها الرئيس بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار، وتم إقرارها في مارس الماضي، كانت بمثابة رياح خلفية قوية ضخت الأموال في الاقتصاد، مع وجود ضوابط تحفيزية تعزز الإنفاق بالفعل، فضلاً عن المبالغ القياسية التي وفرها الأمريكيون أيضاً خلال العام الماضي جراء شيكات التحفيز والجلوس في المنزل. ومع استعداد العديد من المستهلكين، الآن، لبدء موسم الصيف، فتحت مراكز السيطرة على الأمراض الباب أمام السفر، قائلة إن الأمريكيين الذين تم تطعيمهم يتمتعون بحرية التنقل في جميع أنحاء البلاد.

لقد شهد بايدن عن كثب، الركود الأخير والانتعاش الذي تلاه، عندما كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما. وكان ذلك الانتعاش بطيئاً بشكل مؤلم، لدرجة أنه أفقد أوباما وحزبه الديمقراطي السيطرة على الكونجرس، مما أدى إلى ضرب أجندته لستة أعوام من السنوات الثماني التي قضاها في الرئاسة. وربما أسهم ذلك في خسارة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016، حيث ربط بعض الناخبين خطط كلينتون الاقتصادية بسجل أوباما المشكوك فيه.

وكتب ريك رايدر من شركة «بلاك روك» العملاقة للاستثمار إلى العملاء هذا الأسبوع: «لن يواجه بايدن هذه المشكلة، لقد كانت الدورة الاقتصادية السابقة (من 2007 حتى 2019) واحدة من أبطأ حالات التعافي في تاريخ ما بعد الحرب»، مضيفاً أن الدورة الأخيرة تتشكل لتكون واحدة من أسرع الدورات، حيث أدت السياسات المالية والنقدية غير العادية إلى اقتصاد مزدهر بالفعل في العديد من المجالات. ويتوقع الخبير الاقتصادي إيان شيبردسون أن أرباب العمل سيضيفون أكثر من 5 ملايين وظيفة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

لقد استفاد بايدن كثيراً من تجارب الرؤساء السابقين والأحداث التي رافقتهم، فقد علم بأن تعافي الاقتصاد زمن أوباما كان بطيئاً بشكل غير مقبول. وقبل توليه منصبه، مرّر الكونجرس ما يقرب من 4 تريليونات دولار من الحوافز المالية؛ أي أربعة أضعاف الاستجابة لكساد عام 2008، كما حشد الاحتياطي الفيدرالي كل أداة في الصندوق تقريباً للقيام بدوره. وأخيراً طرح اللقاحات قبيل توليه منصب الرئاسة بقليل.

ستحافظ خطة الإنقاذ الأمريكية لبايدن على استمرار تدفق إعانات البطالة التكميلية حتى سبتمبر/أيلول، وإذا كانت هذه المزايا تمنع بعض العمال من البحث عن وظائف؛ لأنها تساوي أكثر من راتبهم، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة في عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى القوى العاملة في الخريف، كما قدّم الرئيس الأمريكي حزمة تشريعية ضخمة أخرى الأسبوع الماضي تحت مسمّى «خطة الوظائف الأمريكية».

وجاء طرحه الأخير لخطة إضافية بقيمة تريليوني دولار على الكونجرس  من شأنها تجديد البنية التحتية والطاقة الخضراء  بمثابة أكبر جهد من هذا القبيل منذ ستينات القرن الماضي على أقل تقدير، لكن تمرير تلك الخطة سيكون أصعب من مشروع قانون التحفيز الأخير، وبحلول الوقت خلال هذا العام، قد يتساءل بعض أعضاء الكونجرس، هل نحن بحاجة فعلاً إلى محفزات لنمو الوظائف؟

*ياهو فاينانس

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

ياهو فاينانس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"