عادي

الانتخابات الرئاسية السورية.. تجديد لشرعية الأسد

23:05 مساء
قراءة 4 دقائق
1

د. محمد فراج أبو النور*

لم يكن الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية السورية أمراً مفاجئاً؛ بل على العكس كان استحقاقاً منتظراً خلال الشهور الأخيرة، مع قرب انتهاء الولاية الحالية للرئيس السوري بشار الأسد في شهر يونيو/حزيران المقبل.

رئيس مجلس الشعب السوري حمود صباغ، أعلن عن فتح باب تقديم الترشيحات إلى المحكمة الدستورية السورية من (19 – 28) إبريل/نيسان، على أن تجرى الانتخابات يوم 26 مايو/أيار المقبل، وتبدأ يوم 20 مايو/أيار بالنسبة للمقيمين بالخارج.

 وتجرى الانتخابات على أساس الدستور السوري الحالي «دستور 2012» بعد أن فشلت اللجنة الدستورية – المكونة من ممثلي الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني – في تحقيق أي تقدم جدي في وضع دستور جديد للبلاد، أو الاتفاق على تعديل الدستور الحالي.

مرشحون من بينهم الأسد

 وبمقتضى دستور (2012) فإن المرشح لا بد أن يكون مقيماً في البلاد على مدى ال10 أعوام الأخيرة، وهو ما يقطع الطريق على ترشيح أي مرشح من ممثلي المعارضة الذين يقيمون في الخارج، ثم تبلغ المحكمة الدستورية مجلس الشعب بأسماء المرشحين المستوفيين للشروط القانونية، وقد بلغ عدد هؤلاء (41) مرشحاً حتى يوم الأحد 25 إبريل/نيسان، من بينهم الرئيس الأسد نفسه، و7 سيدات ومرشح كردي.

 ولكي يستطيع المرشح خوض الانتخابات فعلاً، فإنه يحتاج إلى الحصول على دعم (35) عضواً من أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم (250) عضواً. ومن المعروف أن الكتلة البرلمانية لحزب البعث الحاكم الذي يتزعمه الرئيس الأسد يبلغ عددها (170) عضواً.. والمنطقي أن يدعموا الرئيس، ويتبقى (80) عضواً يمكن – نظرياً – أن يدعموا اثنين من المرشحين ليتمكنا من خوض الانتخابات في مواجهة الأسد. كما أنه ليس من المستبعد – نظرياً أيضاً – أن يمنح نواب من كتلة حزب البعث أصواتهم؛ لدعم مرشح أو أكثر لإضفاء طابع تعددي أوسع على انتخابات.

 المرشح الأقوى

والحقيقة أن الرئيس الأسد – ونظامه – يبدو في الوقت الحالي أقوى بكثير من الناحية العسكرية، ومن الناحية الشرعية السياسية والجماهيرية مما كان عليه في انتخابات عام 2014، التي حصل فيها على (88%) من الأصوات، ففي ذلك الوقت لم يكن النظام يسيطر على أكثر من (15%-20%) من مساحة البلاد. وكانت دمشق محاصرة من أكثر من اتجاه، وكان الوضع العسكري شديد الصعوبة.

 أما الآن – وبعد تطورات السنوات السبع الماضية – فقد أصبح نظام الرئيس الأسد يسيطر على نحو (70%) من مساحة البلاد، بما في ذلك المنطقة المركزية الممتدة من درعا والسويداء والحدود مع الأردن جنوباً إلى حماه وحلب شمالاً وحمص وتدمر في الوسط وموانئ بانياس وطرطوس واللاذقية.. كما امتدت سيطرته على مناطق واسعة شرقي الفرات، بما في ذلك مناطق في الرقة والحسكة والقامشلي ودير الزور، وصولاً إلى الحدود مع العراق شرقاً. وعلى الرغم من وجود قوات الإرهابيين وتركيا في إدلب وتل أبيض شرقي الفرات، ومن وجود القوات الأمريكية والكردية في نفس المنطقة، فإن وجود القوات السورية والحليفة في تلك المناطق – وعلى نطاق واسع – هو أيضاً أمر واقع، مع ضرورة ملاحظة أن القسم الأكبر من أبناء العشائر العربية والأقليات القومية والدينية شرق الفرات من «الأشوريين والشركس والأرمن وغيرهم» يدينون بالولاء لدمشق.

 كما أن عزلة دمشق العربية والدولية قد خفت إلى حد كبير خلال الأعوام الأخيرة، وأصبحت المطالبة بعودتها إلى جامعة الدول العربية تجد صدى أفضل مما كانت عليه خلال أعوام مضت.. فضلاً عن الانتصارات العسكرية السورية، والدعم الروسي المتنامي لدمشق، مع التسليم بحدوده الاقتصادية غير الكبيرة.

  محاولات للتعطيل

 نقول هذا على الرغم من وجود محاولات دولية وإقليمية وداخلية لوضع العقبات أمام الانتخابات الرئاسية السورية، أو على الأقل لإلقاء ظلال كثيفة من الشكوك حول مصداقيتها. وفي مقدمة هذه المحاولات بالطبع إصرار الولايات المتحدة على الاستمرار في التطبيق الصارم ل«قانون قيصر» بما يسبب من متاعب اقتصادية ومالية بالغة القسوة للشعب السوري.

كما أن التحركات الأمريكية الداعمة ل«قسد» تتخذ أبعاداً خطرة في الفترة الأخيرة، وخاصة من جهة تشجيع «قسد» على التحرش بالقوات الحكومية السورية شرقي الفرات والاقتتال معها بصورة مستمرة.وتواجه القوات السورية والروسية هذه التحركات بضربات جوية مستمرة ضد قوات الإرهابيين في المنطقتين؛ وهو ما يؤدي بالطبع إلى رفع مستوى التوتر.

إلا أن المفاجأة الحقيقية التي شهدتها المنطقة، مؤخراً، كانت لجوء موسكو لتحدي قانون «قيصر» بصورة مباشرة بشحن كميات كبيرة من القمح والمواد الغذائية إلى سوريا؛ لمواجهة النقص الحاد في الغذاء، والأهم من ذلك كان توفير حماية عسكرية بحرية روسية صريحة لناقلات إيرانية تحمل مواد نفطية إلى الموانئ السورية.. وتأتي خطة كهذه قبل الانتخابات الرئاسية؛ لتكشف عن إصرار موسكو على إنجاح الانتخابات، ودعم نظام الرئيس الأسد وشرعيته الداخلية والدولية..

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"