عادي

ذياب بن زايد: نعيش اليوم في مجتمعات معقدة تواجه تحديات مختلفة

22:58 مساء
قراءة 7 دقائق
1

أبوظبي: سلام أبوشهاب:

أكد سموّ الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، أننا نعيش اليوم في مجتمعات معقدة تواجه تحديات مختلفة، وبالتأكيد تحتاج إلى حلول مبتكره للمشكلات المجتمعية، في قطاع العمل أو التجارة أو الاقتصاد عامة، وهذه الحلول لا يمكن أن تكون سهلة أو ناجحة دائماً، كما لا بدّ أن تكون المجتمعات ذكية ومتحابة ومتعاونة كي تصل إلى حلول لهذه التحديات.

جاء ذلك في المحاضرة الرمضانية الثالثة لمجلس محمد بن زايد لهذا العام، التي عقدت عن بُعد بعنوان «مجتمعات أكثر ازدهاراً.. الابتكار ركيزة تحقيق أهدافنا المشتركة».

ورحب سموّ الشيخ ذياب بن زايد، بالمحاضرين والمشاركين ونقل إليهم تحيات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وتناولت المحاضرة أهمية تعزيز قوة المجتمعات وصمودها ومرونتها لمواجهة التحديات المختلفة وينعم فيها الجميع بالازدهار والسلام والاستقرار وتوظيف الابتكارات لخدمة هذه الأهداف.

وعرضت المحاضرة نماذج من المبادرات الإبداعية المبتكرة من القطاعين الحكومي والخاص، التي تسهم في خدمة أهداف المجتمع وازدهاره.

مليار درهم

وفي مداخلة لسموّه مع عائشة سعيد حارب، رئيسة قسم المسؤولية الاجتماعية في هيئة تنمية المجتمع سألها عن تجربتها، وكيف يمكن للحكومة أو القطاع الخاص تقديم المساعدة؟

فأوضحت عائشة، أن مفهوم المسؤولية المجتمعية يتجدد ويرتقي الى المشاركة المجتمعية خاصة عند المؤسسات، فهذه المشاركة أصبحت مسؤولية الجميع، وبلغ حجم إسهامات القطاع الخاص أكثر من مليار درهم، وهذا ينعكس في التنمية الاقتصادية من جهة والمسؤولية الاجتماعية من جهة أخرى.

وأشارت إلى أن المبادرات المجتمعية بحاجة إلى منظومة مرنة تعمل على تطوير مفهوم المشاركة المجتمعية ومفاهيم جديدة لممارسات جديدة، بحيث نستطيع ترجمة المبادرات إلى فرص تمتاز باستمرارية طويلة المدى.

القطاع الخاص

وطرح سموّ الشيخ ذياب، على فادي غندور مؤسس شركة «أرامكس» ورئيسها التنفيذي سؤالاً عن كيفية إسهام القطاع الخاص في المسؤولية المجتمعية، ليس مشاركاً فقط بل كونها جزءاً أساسياً من مهامه؟

فقال فادي غندور، إن دور القطاع الخاص يجب أن يكون استراتيجياً ويعمل شريكاً وليس داعماً مالياً فقط. ولكن عبر الخبرات والموظفين، والأفكار والممارسات بحيث يكون القطاع الخاص دائماً مبادراً، ولا بدّ من التواصل الدائم بين أصحاب المبادرات والأفكار، للعمل معاً على أن تكون مستدامة. موضحاً أن رفاهية المجتمع مسؤولية الجميع.

الذكاء والتكنولوجيا

وأشاد سموّه، بمداخلة جيفري موليغان، بروفسور في مجال الذكاء الاجتماعي بشأن الوعي الاجتماعي وتوقع التحديات المستقبلية والمجتمعية خلال أزمة «كورونا»،

وقال: تحدثت عن كيفية تعامل المجتمع في كوريا واليابان بذكاء مع الجائحة، وحيث إن المجتمعات في أوروبا مثلاً لا تتفق على كل شيء تقريباً، فكيف ترى أثر ذلك في كونه يمثل تحدياً كبيراً للمجتمع لتبنّي اللوائح الجديدة أو السياسات الجديدة؟

فقال جيفري: ثلاثة أشياء حدثت خلال العام الماضي في بعض البلدان فيما لم تحدث في بلدان أخرى، في عدد من دول آسيا مثل كوريا وتايوان ونيوزيلندا، الأول، لا بدّ من وجود الثقة، ثقة بين الناس والحكومات للالتزام بالإجراءات الصحية، ووجود تقنية ذكية تستخدم البيانات لتتبع حالات الإصابة والتحرك بسرعة كبيرة لتجنب تفاقم الوضع، وهناك ثقة قوية بين الناس في بعض تلك المجتمعات، فتمكنوا من تبادل المساعدة، مثل زيارة المسنين المعزولين، أو المساعدة في توزيع الطعام عند الحظر.

وأضاف أن أداء بعض الدول خلال الجائحة لم يكن جيداً لأنه لم تكن هناك ثقة متبادلة ولا استخدام ذكي للتكنولوجيا، فعلى الرغم من أن أمريكا لديها أفضل شركات التكنولوجيا في العالم، فإنها لم تستخدم هذه التكنولوجيا لمواجهة الوباء، لذا أرى أن الدرس المهم الذي نستقيه من العام الماضي هو ضرورة أن تترافق القوة التكنولوجية مع القوة المجتمعية والقدرة على التصرف اجتماعياً وبثقة.

وقال سموّ الشيخ ذياب: الجميع يفترضون أن المجتمع الأوروبي منفتح أكثر، وثقته أكبر بالحكومات لكننا لم نر ذلك، ما السبب؟

فقال جيفري: مستويات الثقة في أوروبا متفاوتة كثيراً، لذلك، في بلد مثل فنلندا أو إستونيا، الثقة بالحكومة عالية ولديهم امتثال جيد للغاية، وقد نجحوا جيداً خلال الوباء، بينما في بلدان أخرى، مستويات الثقة بالحكومة أقل بكثير.

وأشار إلى أن أسوأ الأمثلة على ضعف الثقة، ما شهدته بعض دول أمريكا اللاتينية، حيث إن البيانات أشارت إلى أن الناس لا يثقون بحكوماتهم ولا فيما بينهم ولا في الغرباء، وكان هذا أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات الإصابة.

التكاتف

وقال سموّ الشيخ ذياب: ماذا كان على الدول أو المجتمعات التي كان أداؤها سيئاً، أن تفعل؟

رد جيفري: قضية معقدة، أرى أن هناك جانباً تقنياً لتنظيم البيانات، وهناك الذكاء المحلي داخل البلد الذي يمكّنك بسرعة من معرفة ما يحدث للعدوى وما يحدث للشركات، وما يحدث للوظائف، والمجتمعات بحاجة إلى التكاتف، لذلك عندما تكون هناك أزمة، من المهم جدا أن يتمكن الناس من مساعدة بعضهم لبعض. والحكومات بحاجة إلى ممارسة أساليب معينة لكسب الثقة.

التجارة الإلكترونية

وسأل الشيخ ذياب فراز خالد، الرئيس التنفيذي لشركة «نون»، عن تجربته، فقال: التكنولوجيا تغير العالم والطريقة التي يمارس بها الناس أعمالهم، والتجارة عبر الإنترنت في الصين - التجارة الإلكترونية - ستكون أكبر من تجارة التجزئة غير المتصلة بالإنترنت أو البيع بالتجزئة التقليدية هذا العام وهذا تغيير جذري.

وأضاف: الآن أصبح من الممكن جداً لفتى أو فتاة صغيرة تجلس في منزلها بيع سلعة إلى ملايين العملاء القادمين عبر الإنترنت في بلدنا الآن، وهذا شيء نحاول القيام به مع شركتنا،«نون»، والتجارة الإلكترونية عامل تمكين كبير، والعالم يتغير والبرمجيات تقود العالم.

وسأل سموّ الشيخ ذياب: أخبرنا عن التدريب قبل بدء عمل كهذا، هل هو تعليم؟ وهل يذهب الأولاد والبنات الصغار إلى المدرسة لتعلم هذا؟ هناك جدال كبير حول هذا الموضوع الآن.

فأجاب فراز: أولى الخطوات وجود منصة مثل «مجلس محمد بن زايد»، وبعد ذلك هناك الكثير من البيانات المتوافرة الآن عبر التكنولوجيا التي يمكن للبائعين والشركات الصغيرة الحصول عليها عمّا يبعه، فالأمر لا يتطلب أي تدريب احترافي، لكنه يحتاج إلى الاجتهاد والشغف والاهتمام.ونحن في «نون» بدأنا برنامجاً مخصصاً لهذه الغاية.

ودعا سموّه البروفيسور جيفري إلى المشاركة برأيه، فقال جيفري: خلال العام الماضي وفي جميع أنحاء العالم انتقلت كثير من البلدان إلى التعليم عبر الإنترنت، أو التعليم الرقمي لأول مرة على الإطلاق، بطاقة هائلة وبرشاقة هائلة، فالتعليم والتسوق والعمل، أصبح عبر الإنترنت، ليس تدريس الفصول للأطفال فقط ولكن تنظيم المحتوى الرقمي. وآمل بأن تحقق دولة الإمارات أفضل النجاحات، بمزيج الرقمي والحقيقي.

وقال سموّ الشيخ ذياب: هل ترى أننا يجب أن نفعل المزيد لاعتماد التعليم الرقمي؟ وهل على المجتمع بذل مزيد من الجهد ليكون رقمياً؟

رد جيفري «ننظر إلى ما يجري في جميع أنحاء العالم في التعليم، ويحتاج ذلك إلى مهارات جديدة للمعلمين وطرق جديدة للتفكير في نظام التعليم بأكمله، وكان على الحكومات إنشاء مجموعة واحدة عبر الإنترنت من مواد المناهج الدراسية خلال الأزمة، والشيء نفسه يحدث في الرعاية الصحية، فكثير من المرضى الآن يراجعون الأطباء عن طريق الإنترنت، لذلك أعتقد أننا نشهد تسارعاً في التغيير خلال العام أو العامين المقبلين، وستكون الأشهر الـ 12 المقبلة حاسمة في تحديد أفضل مزيج بين الرقمية وغير الرقمية».

وذكر أن المجتمعات التي أبلت بلاءً حسناً خلال هذه الأزمة تمكنت من الجمع بين عدد غير قليل من الأشياء المختلفة للغاية، فقد أبدت ذكاءً ملحوظاً في كيفية استخدامها للبيانات، بشراكة شفافة بين الحكومة والشركات والمجتمع المدني.

جودة حياة المجتمع

وفي مداخلة مع سلامة العميمي، المديرة العامة لهيئة المساهمات المجتمعية «معاً»، قال سموّه، إن جيفري تحدث عن الثقة بين الحكومة والمجتمع، كيف ‏استطاعت دولة الإمارات أن تنجح في هذا المعيار، خاصة الاستجابة المجتمعية خلال جائحة «كورونا»؟

فقالت العميمي: الثقة تبنى على مدى من الزمن مشيرة إلى أن دولة الإمارات وضعت جودة حياة المجتمع ضمن سلم أولوياتها، وفي هيئة المساهمات المجتمعية، نطور خدماتنا حتى يعيش المجتمع في الرفاهية المطلوبة، والمجتمع عنده شغف كبير في المشاركة لكن في هذا الأمر يحتاج أمرين هما التوعية وتسهيل قنوات التواصل.

وأوضحت أن العقد الاجتماعي له طرفان، الأول الحكومة والثاني المجتمع، والذي ميز دولة الإمارات أن هذا العقد ينطوي على علاقة أبوية خاصة تجمع بين الطرفين الحكام وأفراد المجتمع، مشيرة إلى وعي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بأهمية تفاعل وترابط المجتمع مع الحكومة لنجاح هذه الدولة، وعلى نهجه سار صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وأضافت أن العلاقة الأبوية الخاصة بين حكومة الإمارات ومجتمعها ولدت شعوراً بالامتنان والذي بدوره ولد شعور الانتماء وما له من تأثير إيجابي في سلوكيات المجتمع وبالتالي خلق التماسك المجتمعي.

وقالت إن «برنامج» معاً نحن بخير «الذي أطلقته الهيئة خلال أزمة «كورونا» أظهر تماسك المجتمع الإماراتي وترابط نسيجه وقوته وتضامنه، فقد بلغت حصيلة صندوق الاستثمار الاجتماعي، لمصلحة البرنامج نحو مليار درهم، نصفها نقدي والآخر عطايا عينية، فضلاً عن الإسهام في البرنامج بالتطوع في خدمة المجتمع.

صندوق الوطن

كما تحدث سموّ الشيخ ذياب بن زايد مع محمد القاضي، المدير العام السابق لصندوق الوطن عن تجربته، فقال: سر نجاح المبادرات المجتمعية يكمن في عنصرين الأول فعالية المبادرات، والثاني الاستمرارية وهي مبنية على نقطتين: رؤية طويلة المدى والاستدامة المالية. وأوضح أن الصندوق استطاع أن يجمع خلال ثلاث سنوات تقريباً مليار درهم من التبرعات، وأطلق 18 مبادرة كان لها أثر كبير في المجتمع استفاد منها أكثر من 10 آلاف مواطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"