البديل عن حل الدولتين

00:27 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. ناجي صادق شراب

يتواكب الحديث عن حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، والتلويح دائماً بأن فشل حل الدولتين هو في حل الدولة الواحدة. والسؤال ألا توجد بدائل أخرى؟ فعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود وحل الدولتين هو المسيطر على كل النقاشات والحلول التفاوضية، وعند الحديث عن المفاوضات يقفز حل الدولتين على أنه الحل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني  الإسرائيلي، استناداً إلى أن معادلة الحل والتسوية لا تكتمل إلا بالدولة الفلسطينية، وأن الفلسطينيين لن يقبلوا بأقل من دولة قومية تجسد هويتهم الوطنية والقومية. 
 لكن حل الدولتين بات أقرب إلى الوهم السياسي منه إلى الحقيقة بسبب الخارطة الاستيطانية التي التهمت كل الأراضي الفلسطينية المخصصة للدولة أو التي بدونها لا يمكن تصور حل الدولتين. ومن خلال القرارات الأخيرة التي أخذتها إدارة الرئيس ترامب السابقة، والتي شرعنت الاستيطان واعترفت بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ونقلت سفارتها إليها، فلا يمكن تصور إدارة بايدن ولا حتى من قد يأتي من بعده قادرة على إلغاء هذه القرارات، التي تعني سلب الدولة الفلسطينية وفي قلبها مدينة القدس، انطلاقاً من فرضية أن الفكر الليكودي اليميني الذي يحكم إسرائيل يرفض فكرة الدولة الفلسطينية ويؤمن بالمطلق بفكر الوطن البديل مع الأردن.
 وتدعم هذه الفرضية أيضاً حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين غزة والضفة الغربية وحتى مع إجراء الانتخابات فإن هذه الحالة لن تختفي، بل قد تتطور إلى شكل من أشكال الحلول البديلة لحل الدولتين.
 وهنا السؤال: هل من بديل أو بدائل؟ وأي البدائل أكثر قابلية للتنفيذ. 
قبل الحديث عن البدائل، هل انتهى حل الدولتين؟ لقد تحدثت «صفقة القرن» التي رفضها الفلسطينيون عن حل الدولتين، وعن دولة فلسطينية، لكنها ليست دولة بالمعنى التقليدي والسيادي المتعارف عليه، هي في النهاية دولة غير قابله للبقاء، إنها دولة تؤدي وظيفة أمنية في خدمة إسرائيل. 
 ما يؤكد أن حل الدولتين بات وهماً القرار رقم 2334 الذي أصدره مجلس الأمن والذي وافقت عليه إدارة الرئيس اوباما في موقف سياسي غير مسبوق، لكن هذا القرار أيضاً مرّ عليه أكثر من خمس سنوات ودعا إلى حل الدولتين وإنفاذه باتخاذ خطوات منها وقف الاستيطان الذي تزايد بوتيرة متسارعة بعد ذلك، ولم تلتزم إسرائيل به كما العديد من القرارات، ولم تفعل الإدارة الأمريكية شيئاً لتفعيله.
 ولا نقف عند هذا القرار فحسب بل أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقبول فلسطين دولة بصفة مراقب. ومع إدارة ترامب تم دق المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية. 
 المطلوب من الفلسطينيين الآن مراجعة خياراتهم، وتبني وسائل نضال جديدة وتحديد أهدافهم بشكل محدد وقابل للتنفيذ. فبعد سنوات من الفشل فإن الكثيرين لا يرون أن حل الدولتين بات في متناول اليد أو ممكناً. ومما قد يشجع على التفكير بأن الدولة الواحدة هي البديل، أن إسرائيل خلقت أمراً واقعاً يفرض هذا الحل الذي قد يقربنا من نموذج جنوب إفريقيا.
 والسؤال، ليس حول الدولة الواحدة بل ماهية هذه الدولة وكيف الوصول إليها؟ هل هي دولة الأمر الواقع التي تقوم على التمييز العنصري، والتي تنكر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني؟ أم هي دولة تعترف بالحقوق المتساوية للفلسطينيين والإسرائيليين تحت حكم القانون؟ وما ينبغي أن تدركه إسرائيل ومعها أمريكا أنه لا يمكن تقسيم الأرض وأن الحل الوحيد هو الاعتراف اليوم أو غداً بإنسانية الفلسطينيين. فما بين النهر والبحر يعيش 13 مليوناً، نصفهم من الفلسطينيين وهم قابلون للزيادة. وثلاثة ملايين يعيشون في الضفة الغربية، ناهيك عن أكثر من مليونين في غزة وكلهم تحت الاحتلال. وفي الوقت ذاته هناك ما يقارب المليون مستوطن يعيشون في الضفة الغربية.
 هذه وقائع وحقائق على الأرض ولا يوجد شعب يقبل العيش تحت الاحتلال إلى الأبد، ولن تستطيع إسرائيل أن توفر الحماية لمستوطنيها إلى الأبد. فلا بد من البحث عن صيغ للتعايش على الأرض بما يحقق مقاربة الحقوق المتساوية، وهي أقصر الطرق للسلام، والبديل لذلك صراع دائم لن تقوى عليه إسرائيل ولا الشعب الفلسطيني، ولا المجتمع الدولي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"