حجارة «الجدار الأحمر»

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول قادة حزب العمال البريطاني إنهم سيبدأون مرحلة من المراجعات لاستخلاص الدروس والعبر بعد النتائج المخيبة للآمال التي مُني بها الحزب في الانتخابات المحلية الأخيرة. لكن هذه العبارة لطالما تكررت على طول مسيرة الخسائر التي ظل الحزب يتعرض لها طوال السنوات الماضية من دون أن يقدم القادة للعلن رؤية محددة لكيفية معالجة قضية التراجع المستمر في شعبية الحزب وفقدانه ثقة الناخبين.
 وخلال الأيام الماضية تحدثت الصحافة البريطانية عن سقوط حجر آخر من حجارة «الجدار الأحمر»، وهي مناطق الولاء التاريخي للحزب اليساري، بعد فوز مرشح حزب المحافظين في دائرة هارتلبول المعروفة بالولاء لحزب العمال منذ استحداثها في عام 1974. واختارت الدائرة هذه المرة المرشحة المحافظة جيل مورتيمر التي حصلت تقريباً على ضعف أصوات منافسها العمالي بول وليامز.
 وإضافة إلى خسارة هارتلبول التاريخية فقد خسر الحزب «مجلس دورهام»، للمرة الأولى بعدما كان مرشحوه يفوزون بها منذ عام 1925. وفي المقابل، فقد حافظ الحزب على مكاسبه في بلدية لندن التي أعادت انتخاب رئيسها السابق المسلم ذي الأصول الباكستانية صادق خان. وهناك حديث يدور عن طبيعة الولاء التي قادت لفوز خان بالمنصب مجدداً، وما إذا كان ذلك يرتبط حقيقة ببرنامج الحزب اليساري، أو ولاء الناخبين له.
 لقد تعرض الجدار الأحمر لاختبار مرير في انتخابات 2019 العامة، عندما تمكن حزب المحافظين بقيادة رئيس الوزراء، بوريس جونسون، من تحقيق فوز تاريخي على الحزب العمالي، بزعامة جيرمي كوربين، ونجح في تأمين أغلبية مريحة بلغت 365 مقعداً من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغ 650 مقعداً في إنجاز لم يحققه المحافظون منذ نحو 30 عاماً.
 وطوال سنوات من النتائج الانتخابية المخيبة للآمال، ظل قادة الحزب العمالي يتحدثون عن الإصلاح واستعادة الثقة المفقودة في الشارع البريطاني. لكن يبدو من الواضح أن مشروعات الإصلاح نفسها غير واضحة المعالم. فخسارة الدوائر الانتخابية والتغييرات في ولاءات الناخبين هي نتيجة، وليست سبباً. فما هي الأسباب الكامنة وراء التراجع المستمر في شعبية الحزب اليساري؟
في معرض تفسيره للوضع الذي يعيشه، يقول زعيم حزب العمال كير ستارمر: «لقد تغيرنا كحزب ولكننا لم نضع حجة قوية بما يكفي للبلاد، وفي كثير من الأحيان كنا نتحدث مع أنفسنا بدلاً من البلد، وفقدنا ثقة العمال، لا سيما في أماكن مثل هارتلبول. أنوي القيام بكل ما هو ضروري لإصلاح ذلك».
 وها هي دعوة الإصلاح تبرز مجدداً على لسان ستارمر، كما على ألسنة نواب الحزب الذين قدموا نصائحهم بضرورة انتهاج استراتيجية جديدة، لكن المأزق لا يزال قائما، ولا توجد رؤية محددة للإصلاح، ولا يوجد تحليل للمشكلة، بينما تستمر حجارة الجدار الأحمر في التساقط واحدة تلو الأخرى.
 وهناك مجموعة من العوامل يقول مراقبون على قيادة الحزب دراستها، من بينها تراجع النشاط الصناعي في المناطق ذات الولاء التاريخي للحزب، وتقارب المفاهيم والسياسات بين أحزاب اليمين واليسار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"