عادي

«بساتين البصرة».. التاريخ متاهة

23:09 مساء
الصورة

الشارقة: علاء الدين محمود

في روايتها «بساتين البصرة»، تنسج الكاتبة منصورة عز الدين، تفاصيل سرد من قماشة التاريخ الواقعي والمتخيل؛ إذ تذهب المؤلفة بعيداً في أعماق التراث العربي؛ لتشيد حكاية مختلفة؛ من حيث الفكرة والموضوع والشخوص، فالبطل الرئيسي ليس من لحم ودم، ولا مكان؛ بل هو حلم؛ حيث تتكئ الكاتبة على رؤية وردت في كتاب «تفسير الأحلام الكبير»، المنسوب للإمام محمد بن سيرين، تتنبئ بزوال علماء البصرة، والمؤلفة تستعيد هؤلاء العلماء وسيرتهم مرة أخرى وفق فانتازيا خلاقة ومبدعة، متأثرة بطريقة الحكي الكلاسيكي العربي، ومستعينة بالتقنيات والوسائل والأساليب الحديثة في السرد، وتأتي القصة في الرواية على لسان عدد من الرواة، يحكون ذات الحكاية بطرق وتأويلات مختلفة، بتنوع في الشخوص.

الرواية تتحدث عن هشام خطاب الشخصية المركزية في العمل، وهو يعمل في مجال تجارة الكتب القديمة، على الرغم من أنه قد تخرج في كلية العلوم، ويعيش في مدينة المنيا المصرية، وترتبط ذكرياته المتخيلة وأحلامه بشخصية شهيرة في التاريخ الإسلامي؛ وهو «يزيد بن أبيه»، لدرجة أن هشام بات يتخيل أنه هو «يزيد بن أبيه».

العمل وجد صدى كبيراً في المواقع المتخصصة؛ حيث أجمع القرّاء على فرادة الرواية التي وصفوها بالصعبة والمركبة.

«تفاصيل غائمة»، هكذا تحدث أحد القرّاء عن العمل، ويقول: «الرواية تشبه الحلم بالفعل؛ حيث التفاصيل منكسرة وغير مكتملة، وجاء السرد ليعبر عن ذلك التشظي عبر تداخل الأصوات وتعدد الشخوص والحكايات التي تتناول ذات الموضوع»، في ما يتوقف قارئ عند جماليات الأسلوب، ويقول: «شيّدت الكاتبة صوراً ومشاهد وصروحاً مجازية؛ عبر لغة شاهقة وبديعة، ويتجلى الجمال في الوصف الذي يجتاز حدود المعقول ويقترب من الشطح بصورة تجعل القارئ يتوه بين المتخيل والحقيقي».

«قنطرة بين عصرين»، بتلك الكلمات عبر قارئ عن إعجابه بالعمل الذي يتجول فيه القارئ بلا حدود بين أزمنة وأمكنة مختلفة، ويقول: «كان بطل القصة هو الجسر الذي ربط بين الراهن والماضي، فهشام يعيش حالة فصامية؛ إذ إنه لا ينتمي لعصرنا الحالي، فقد اندمج كثيراً في الكتب التراثية لدرجة أن تشظى عنده المكان والزمان»، وقريب من ذلك يرى قارئ آخر، أن معظم شخوص الرواية يفضلون العيش في الماضي، ويقول: «كأن الكاتبة تريد، بصورة غير مرئية للقارئ، أن تعقد، من خلال أشخاص يعيشون في الزمن الحالي، ويتعلقون بالتاريخ العربي، مقارنة بين الحاضر والماضي لمصلحة الأخير».

«ألاعيب سردية»؛ وذلك وصف أورده أحد القرّاء في معرض تناوله للجوانب الفنية في العمل، ويقول: «رواية ذكية تحترم عقل القارئ، وتحرضه على التفكير، والعمل ينهض في حبكته على حيل ماكرة؛ حيث تتداخل الأصوات وخيوط السرد بطريقة معقدة، لكن الكاتبة تمسك بكل تلك التفاصيل المتناثرة بإتقان شديد»، بينما تتوقف قارئة عند العنوان كعتبة تطل على موضوع النص، وتقول: «تصر الكاتبة على لعبة المراوغة والرموز، فبساتين البصرة هم العلماء الذين جملوا التاريخ العربي، وكذلك جاء تصميم الغلاف معززاً لهذه الفكرة البديعة».