إعداد: أوميد عبدالكريم إبراهيم
لا شكّ في أنه بمجرد ذِكر اسم الحرب، تتبادر إلى الأذهان على الفور مشاهد القتل والدمار والتشريد، إلا أن التاريخ شهد اندلاع حربٍ خَلَت من كلِّ ما ذُكر أعلاه، رغم المدة الطويلة جداً التي استغرقتها، إذ لم يُقتل فيها أحد، كما لم تُسفر عن أي تدمير أو تشريد أو غير ذلك من مظاهر المعاناة المصاحبة للحروب، رغم أنها استمرت 335 عاماً.
اندلعت تلك الحرب، أو ذلك "الصراع السلمي" كما يحلو للبعض تسميته، منتصف العام 1651 بين هولندا من جهة، وجزر "سيللي" الواقعة في جنوب غرب شواطئ المملكة المتحدة، من جهة أخرى، ولم تضع أوزارها إلا في نهايات القرن العشرين، وتحديداً في منتصف العام 1986، لتصبح بذلك أطول حروب التاريخ على الإطلاق، وأقلها خسارة في الأرواح أيضاً.
امتدادٌ لحرب أخرى
تعد حرب الـ335 عاماً مرتبطةً، أو امتداداً لحدث تاريخي آخر هو الحرب الأهلية الإنجليزية الثانية التي دارت رحاها بين "الملكيين" و"البرلمانيين" من عام1642 إلى 1652، وقد اختارت هولندا حينها الوقوف في صفِّ البرلمانيين، خصوصاً وأنها تلقت دعماً إنجليزياً خلال خوضها حرب الثمانين عاماً "1568-1648"، وما أعقبها من استقلال هولندا عن إسبانيا بموجب اتفاقية "مونستر"، لذلك اختارت هولندا الوقوف مع إنجلترا.
كان البرلمانيون يسيطرون على معظم إنجلترا، لذلك تركزت "حرب" هولندا ضد الملكيين في الجزر المذكورة، وقد أدى التحالف بين الهولنديين والبرلمانيين إلى استسلام الملكيين منتصف العام 1651، إلا أن الهولنديين والـ"سيلليين"، لم يقتلوا بعضهم بعضاً وقتها.
غموضٌ ومعاهدة سلام
ظلَّ الغموض يكتنف تلك الأحداث عقب عودة القوات الهولندية إلى الوطن دون أي إعلان رسمي للسلام، وبعد مرور نحو 3 قرون ونصف القرن من تلك الواقعة، راسلَ رئيس مجلس جزر سيللي، روي دنكن، سفارة هولندا في لندن عام 1985، مطالباً إياها بدحض فرضية أن الحرب ما زالت مستمرة بين هولندا وهذه الجزر، وهو ما كان متداولاً بالفعل.
وعلى إثرها، سافر السفير الهولندي لدى بريطانيا حينذاك، رين هويديكوبر، إلى تلك الجزر، ووقّع على "معاهدة سلام" منتصف العام 1986، ليضع بذلك حدّاً لـ"حربٍ" استمرت 335 عاماً، دون أن يُقتل فيها شخصٌ واحد من أيِّ طرف.
