الأكثر فقراً.. الأكثـــر فســـاداً

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

ذوالفقار قبيسي *

كان التصنيف العالمي للفساد يعتبرها ظاهرة اقتصادية. ومنذ العام 1999 أصبح البنك الدولي يعتبرها سياسية - اقتصادية - اجتماعية. وقال في تقرير منظمة الشفافية الدولية في العام 2005 إن العالم يتطلع عبر مكافحة الفساد إلى إنقاذ نصف القابعين في الفقر المدقع بحلول العام 2015. 

وقد مضى الآن 16 عاماً على التقرير و6 أعوام على العام 2015 والفقر في العالم يزداد ما يعيد إلى الأذهان ما أورده الاقتصادي المميز هنري جورج في كتابه Progress and Poverty بأن «من غرائب العالم أنه يتقدم في كل الحقول العلمية والمعرفية والصناعية والزراعية - وهذا كان قبل أن يتقدم في العلوم الفضائية - ومع ذلك يتأخر في مكافحة الفقر». فيما منظمة الشفافية الدولية تعتبر «أن الفساد يعيق جهود الخروج من دائرة الفقر من خلال تقويض النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة التي قد تحرر ملايين البشر من شراك الفقر» وتطالب المنظمة بأن ينظر العالم إلى «محاربة الفساد بصفتها هدفاً مركزياً في خطط زيادة مصادر تحقيق هذه الأهداف». 

والدراسة التي أعدها الكاتب أندريه بريدو تذهب إلى أبعد من ذلك بأن «الفساد يهدد وجود الدولة! فعندما يفقد رجال الحكم في ممارستهم للسلطة، الاتصال مع الشعب، مع أنهم وكلاؤه، ولا يعودوا يحسبون أي حساب لمصلحة البلاد سوى لمصلحتهم، تستعجل الدولة الخطر عليها بانفصالها عن الوطن. وعندما تصبح الدولة غير الوطن تصنع بذلك نهاية نفسها».

أما عن العلاقة بين معدلات الفقر ومعدلات الفساد، فهي في تصريح لأحد رؤساء منظمة الشفافية الدولية Peter Eigen بأن «الفقر والفساد ظاهرتان تغذيان بعضهما البعض وتدفعان السكان نحو دائرة مغلقة من البؤس، وأن الفساد يعتبر من الأسباب الرئيسية للفقر، كما أنه من المعوقات للقضاء عليه». وفي تقرير للمنظمة ورد «أن الدول الأكثر فقراً هي الدول الأكثر فساداً» و«أن الدول الاسكندنافية تصدرت الدول الأقل فساداً في القطاع الحكومي» وجاءت في درجة جيدة جداً أو جيدة في درجات متفاوتة كل من سويسرا وألمانيا وبريطانيا وأمريكا.

وفي الجزء المتعلق بالبلاد العربية في آخر تقرير للمنظمة جاءت دولة الإمارات في مرتبة متفوقة عالمياً في الترتيب 21 بين الدول الأقل فساداً والأولى بين الدول العربية وحلت بعدها قطر فسلطنة عمان والسعودية والكويت على التوالي مقابل مرتبة عالية في الدرجة 149 لمعدل الفساد في لبنان وعالية جداً للفساد في سوريا والصومال والسودان واليمن بدرجة 178 و179 و174 و176 على التوالي.

في مقدمة كتبها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الدكتور سليم الحص لكتاب «الفقر والفساد في العالم العربي» لخبير الأمم المتحدة سمير التنير «إن المزاج العام قد يبلغ حالاً لا يصبح فيه مرتكب الفساد مداناً من قبل المجتمع، وذلك نتيجة تحول الفساد إلى ظاهرة مألوفة، وبداية الحل هي حالة رقابية تقوم على الفصل بين السلطات الاشتراعية والتنفيذية وفي نظام تربوي صالح وقطاع إعلامي موضوعي بما يؤسس لفكرة اقتلاع جذور الفساد عبر التعليم ومن خلال شفافية إعلامية كاملة».

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب لبناني

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"